المعركة من أجل سيادة "الأمر الواقع" على المسجد الأقصى


معهد بحوث الأمن القومي

أودي ديكيل 9 مايو 2022
ترجمة حضارات



"المسجد الأقصى في أيدينا" هذا ما هتف به موتا غور، في نهاية معركة البلدة القديمة في القدس، خلال حرب الأيام الستة. 
واتضح لاحقًا كيف كان هذا الإعلان مشحونًا ومتفجرًا ومتشابكًا وحساسًا من النواحي الدينية والوطنية والسياسية والثقافية.

أدركت الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت التعقيد واتخذت قرارًا مفاده أنه على الرغم من إعلان السيادة الإسرائيلية على القدس بأكملها، فإن الأردن سيكون مسؤولاً عن الإدارة الداخلية للحرم القدسي، الذي يضم المسجد الأقصى، والسماح لليهود بزيارة المسجد ولكن لا يصلون فيه انما عند الحائط الغربي.

أظهرت أحداث رمضان 2022 احتمالية حدوث انفجارات حول المسجد الأقصى، وأوضحت مرة أخرى أن القدس وخاصة المسجد الأقصى وساحة الحرم القدسي أصبحت بؤرة رئيسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

خلال الشهر، اشتدت الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين وعرب "إسرائيل" في المكان وحرضت المتطرفين، ومعظمهم من دون انتماءات تنظيمية، على تنفيذ عمليات ضد اليهود.

قدمت حملات التحريض العنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الفلسطينية، بقيادة حماس، خطة إسرائيلية مزعومة لتقسيم الحرم القدسي الشريف إلى مناطق صلاة وأوقات صلاة منفصلة للمسلمين واليهود، على غرار الانقسام الذي حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل.

تصرفت الشرطة الإسرائيلية بحزم وحكمة ضد أحداث العنف، حتى عندما طُلب من الشرطة دخول المسجد عندما تحصن شبان فلسطينيون، الذين تجمعوا لرمي الحجارة وإلقاء الألعاب النارية، بما في ذلك باتجاه ساحة الحائط الغربي.

وعلى الرغم من شدة الأحداث، لم تغلق إسرائيل المجمع أمام المسلمين، وواصلت السماح للصلاة في الموقع ولم يتم تسجيل الحوادث المميتة - الشهـــــ داء - الذين كان من الممكن أن تزيد وفاتهم الحماسة والعنف.

وضبطت قوات الشرطة نفسها في مواجهة استفزازات برفع أعلام حماـــــ س في المسجد، ضبط النفس مكن من إقامة واحياء صلاة ليلة القدر التي حضرها أكثر من 250 ألف مصلي مسلم.

القتال على الأقصى والمعلومات حول نية "إسرائيل" تغيير ترتيبات الصلاة في المسجد الأقصى، هي قوة دافعة للأفراد والجماعات، ومعظمهم من دون انتماءات تنظيمية، لتنفيذ عمليات ضد مواطنين إسرائيليين.

كانت العملية التي نفذت عشية "عيد الاستقلال" في إلعاد بمثابة استمرار للنضال ضد الأقصى بغض النظر عن شهر رمضان، عندما بدأت التعبئة في دفاع الشباب الفلسطيني دافع مع دعوة زعيم حمـــــ اس في قطاع غزة يحيى السنوار لتنفيذ عمليات بكل الوسائل - بنــــ دقية أو سكــــــ ين أو فــــــــ أس.

وأضاف المتحدث باسم حمـــــ اس فوزي برهوم أن "العملية في إلعاد هي عمل شجاع وبطولي ورد طبيعي على انتهاكات احتلال المسجد الأقصى".

يحدد عدد من اللاعبين السياسيين روح وقوة الأحداث في المسجد الأقصى:  


(1) تعمل حمــــــــــ اس على ترسيخ صورتها على أنها "مدافع عن الأقصى" على أساس أن التحريض حول الحرم القدسي سيزيد من روح المقــــــــــ اومة بين الفلسطينيين.


تساهم العناصر الإسلامية التي انضمت إلى حمـــــــ اس واستجابت لدعواتها في صورة أن التنظيم يسيطر على الأحداث في المسجد.

2) الحركة الإسلامية - الفصيل الشمالي نشط جدا في تنظيم المظاهرات في الأقصى.


حيث نظمت حافلات مكوكية إلى المسجد لأكثر من مائة حافلة يوميًا خلال الأسبوع الأخير من رمضان.


(3) حزب التحرير الإسلامي، والذي يعمل أيضًا ضد مؤسسة الأوقاف والسلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع حركة حمــــــــــــ اس الشبابية والطلابية، والتي بدورها تنشط في جامعات الضفة الغربية.

تسلل الحزب بواسطة مئات النشطاء إلى الحرم القدسي خلال شهر رمضان مستغلين ثغرات في القدرة على عزل المسجد.  


(4) اللجان التنسيقية للأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية ومجموعات من شباب القدس الشرقية الذين وضعوا لأنفسهم مهمة حماية الأقصى من المستوطنين والصلاة لليهود فيه.  


(5) المرابطين، بقيادة الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى.  


(6) مجموعات من الإسرائيليين تسعى للتظاهر بحضور واسع والصلاة في الحرم القدسي، بالإضافة إلى عناصر تستغل الأزمة السياسية في "إسرائيل" وتحاول دفع راعام للاستقالة من التحالف؛ بسبب الأحداث حول الأقصى.


حمــــ اس، من خلال حرب وعي قائمة على الصور التي تبنتها، مثل رفع علم المنظمة في الحرم القدسي وتأجيج الهتافات الجماهيرية من قبل المصلين المسلمين تكريما لمحمد ضـــــــــــــ يف، قدمت الأحداث على أنها انتصار على "إسرائيل".


على رأس قائمة الإنجازات التي تقدمها المنظمة: تعزيز صورتها كـ "مدافع عن القدس" ؛ منع اليهود من تقديم القرابين في الحرم القدسي الشريف. منع مسيرة الاعلام من دخول البلدة القديمة عبر بوابة نابلس. تقويض استقرار الحكومة في "إسرائيل".
 اعتماد أساليب "المضايقة" في المسجد الأقصى  على غرار تلك التي تحدث على حدود قطاع غزة، وفوق كل شيء، أثبتت الأحداث، بحسب الناطقين بلسان حمـــــــــ اس، أنه من خلال المقــــــــــ اومة يكون زعيم المعسكر الفلسطيني وفي قوة المنظمة هو إيجاد صلة بين ساحات المواجهة المختلفة ضد "إسرائيل".

دعا خالد مشعل القيادي في الخارج إلى إقامة جيش الأقصى المشترك للفلسطينيين والأمة الإسلامية، بالنسبة لمقاربته، من الضروري صياغة استراتيجية نضالية مستمرة تؤدي إلى مصادرة السيادة الإسرائيلية في الأقصى والقدس وبعد ذلك في كل فلسطين.

وصرح القيادي في حمــــــــــ اس في قطاع غزة يحيى السنوار في خطاب ألقاه في 30 نيسان/ أبريل أن المعركة لن تنتهي في نهاية شهر رمضان وأشاد بعرب "إسرائيل" الذين أتوا للدفاع عن المسجد الأقصى.

وذكر السنــــــــــــ وار أن حمـــــ اس مستعدة لخوض نضال طويل لمنع الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين من دخول منطقة الأقصى ولن تسمح بتقسيم الحرم القدسي بين اليهود والمسلمين، لا من حيث مواقيت الصلاة ومكانها.

ودعا الشعب الفلسطيني إلى الاستعداد للمعركة الكبرى، إذا لم يتوقف الاحتلال عن مهاجمة المسجد الأقصى والقدس؛ فستندلع "حرب دينية إقليمية تبدو ككرة من نار في جميع أنحاء الشرق"، بما في ذلك تدنيس آلاف المعابد اليهودية في جميع أنحاء العالم ".

في الأردن، قلق كبير بشأن ما يجري في الأقصى؛ بسبب الخوف من انتشار المظاهرات في المملكة.

السلالة الهاشمية هي الوصي الرسمي نيابة عن العالم الإسلامي على الأماكن المقدسة.
 منذ إنشاء المملكة الأردنية، عُهد بالمكان إليها، وأكد اتفاق السلام مع "إسرائيل" مكانتها الخاصة في المسجد.

تتمسك الحكومة الأردنية بالتفاهمات المعروفة باسم "الوضع الراهن" في المسجد الأقصى، (أقدس مجمع للإسلام والثالث من حيث الأهمية في العالم الإسلامي)، على الرغم من أنها غير مكتوبة من الناحية القانونية.

لا تعترف الأوقاف الأردنية، مثله مثل جميع الطوائف الإسلامية، بسيادة "إسرائيل" على الحرم القدسي الشريف. 
منذ عام 1967، تم إرساء التفاهمات وخلق طريقة مؤقتة، حيث منحت "إسرائيل" الأوقاف الأردنية صلاحيات إدارة العبادة والخطب والأحداث والحفريات والصيانة والدراسة وقواعد السلوك في الموقع.

كما تم النص على أنه لا يُسمح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي الشريف وأن زيارات اليهود والسياح تتم الموافقة عليها في ساعات محددة مسبقًا مع الأوقاف الأردنية.

تم تقسيم المهمة الأمنية بين الأوقاف، المسؤول عن منطقة المسجد، وشرطة "إسرائيل"، المسؤولة عن أمن محيط المسجد، وتم التوصل إلى تفاهم بأن قوات الشرطة ستدخل الموقع في حالات تعكير صفو وانتهاك حرية العبادة.

لكن في السنوات الأخيرة، كان هناك تطوران ينحرفان عن الوضع الراهن: الأول، أن المزيد من الإسرائيليين يزورون الحرم القدسي ويسعون للصلاة هناك، وبالفعل، تصلي الجماعات والأفراد اليهود الصلاة على الرغم من الحظر الثاني، وهو الأوقاف الأردنية، مثله في ذلك مثل السلطة الفلسطينية، ضعيف بشكل كبير، وفقد القدرة على السيطرة على الموقع، واندفع العديد من اللاعبين المتطرفين إلى الفراغ الذي أحدثه، بقيادة الحركة الإسلامية- الفصيل الشمالي وشباب من شرق القدس.

رداً على الأحداث الأخيرة، مرر الأردن وثيقة إلى مسؤولي الإدارة الأمريكية تطالب بإعادة الوضع إلى ما كان عليه وفقاً للنسخة الأردنية، وهو ما يعني الإدارة الإسلامية الكاملة للمسجد الأقصى من خلال الوقف الأردني، الذي له سلطة تقرير من يدخل، ومتى وكم يدخل المسجد، هذا إلى جانب منع صلاة اليهود.


ملخص وتوصيات


أدت أعمال التحريض والمظاهرات المتزايدة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان 2022 إلى عمليات قام بها  فلسطينيون، قُتل خلالها 19 إسرائيليًا.

في الوقت نفسه، تمكنت "إسرائيل" من منع التدهور والتصعيد الواسع النطاق في القدس، وكذلك في الضفة الغربية وقطاع غزة.

في السياق الإقليمي، وعلى الرغم من تزايد الانتقادات العلنية لـ"إسرائيل"، فإن التعاون الاستراتيجي والأمني مع الدول العربية لم يتصدع، ولم يتحول الاهتمام العالمي من الحرب في أوكرانيا إلى القدس.

يمكن ملاحظة عدد من الإخفاقات في سياسة "إسرائيل": على المستوى الاستراتيجي، خاضت "إسرائيل" معارك احتواء واحتواء تكتيكية، دون فهم أن هذه معركة جديدة من أجل السيادة على الحرم القدسي الشريف والتعامل مع منفذي العمليات دون انتماءات تنظيمية.

إضافة إلى ذلك، لم تتهم "إسرائيل" حمـــــ اس بثمن شجع على التصعيد. وعلى المستوى التكتيكي ثلاث حالات فشل، تم السماح بدخول لجماهير الشباب الفلسطينيين والمواطنين العرب في "إسرائيل"، على الرغم من الإشارات التي تشير إلى نيتهم بالمظاهرات. ولم تعرض الحكومة الإسرائيلية الترتيبات التي تم التوصل إليها مع الأردن والوقف عشية شهر رمضان، والتي انتهكها المسلمون، مما سمح بإلقاء اللوم على "إسرائيل" لانتهاكها "الوضع الراهن" ونشأت التوترات بين البلدين. امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن مواجهة عناصر سياسية وعناصر أخرى في "إسرائيل"، سعياً منها إلى تعزيز السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي من خلال الهجرة الجماعية والصلاة لليهود.

مطلوب من "إسرائيل" أن تنظم حملة مستمرة للسيطرة على الحرم القدسي الشريف، على أساس الفهم بأن احتمالية الانفجار في هذا الموقع الحساس ستزداد بعد أي حدث أو عطلة أو ذكرى سنوية.

وفي الوقت نفسه، يجب أن تستعد للعواقب المتوقعة من السيادة والنظام في المجمع - تشجيع الهجمات والتحديات التي تواجه وضعها الإقليمي والدولي.

لا بد من تضييق نشاط الجهات التي تقوض الاستقرار، وتفريقها وتحييدها. 
المشكلة الرئيسية من الجانب الإسلامي هي عدم وجود عنوان مسؤول يمثل جميع الجهات.

الوقف الأردني والسلطة الفلسطينية، اللتان أخرجتهما "إسرائيل" من القدس والمسجد الأقصى، غير فاعلين، وغير قادرين على إحلال النظام والهدوء والتعامل مع من لا يخالفهم، فهم لا يقبلون بالسلطة الإسرائيلية ومستعدون لمواجهة قوات الشرطة دون خوف.

يجب على "إسرائيل" أن تتصرف بحزم وأن تقيد دخول العناصر غير المستقرة إلى الحرم القدسي الشريف، من المسلمين واليهود.

في الوقت نفسه، من المهم المحاولة مرة أخرى وتحديث الاتفاقيات مع الأردن بشأن حرية عبادة المسلمين في المسجد، إلى جانب ضمان النظام والاستقرار فيها، بحكم الاتفاقات المبرمة بين الدول وأيضًا لاكتساب الشرعية لخطوات أخرى.

إضافة إلى ذلك، فإن اندماج السلطة الفلسطينية في الوقف الأردني يجب فحصه مع الأردن، وبالتالي منع حمــــ اس من تحقيقه ذلك. يجب أن تركز الترتيبات على إرساء الاستقرار والهدوء، وسلامة المصلين المسلمين في الأقصى واليهود عند حائط البراق، إلى جانب السماح لليهود بزيارة المسجد الأقصى في أوقات محددة، مع الالتزام بمنع اليهود من الصلاة.

إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقيات فعالة مع الأردن، يجب على "إسرائيل" أن تفكر في إغلاق كامل، لفترة محدودة، للوصول إلى المسجد، لكل من المسلمين واليهود.

إزاء حمــــ اس، تبددت مرة أخرى التقييمات المتفائلة في "إسرائيل" بشأن ما يسمى باعتدالها والقدرة على الوصول إلى تفاهمات هادئة معها.
 تستغل حمــــ اس التمييز بين قطاع غزة حيث يسود الهدوء والروتين، وبين المناطق الأخرى التي تشكل ساحات نضال من أجلها، وتشجع على تصعيد العمليات فيها ومن بينها: القدس و"إسرائيل" والضفة الغربية وجنوب لبنان.

على حمــــ اس أن تدفع ثمن التحريض، وقد حان الوقت لـ"إسرائيل" لتستغل تفوقها التكنولوجي لتعطيل قنوات التأثير والتحريض للتنظيم.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023