خطاب بوتين الحذر

صوفي كوفانزيف

معهد دراسات الأمن القومي-INSS


بعد 10 أسابيع من المعارك الدامية في أوكرانيا، كانت روسيا تتطلع إلى الاحتفال بيوم (السابع والسبعين) عاماً للانتصار على ألمانيا النازية، في 9 مايو، بإنجازات رائعة وعرضها على الشعب الروسي والعالم بأسره.

علاوة على ذلك، كان الهدف من بدء "المرحلة الثانية" من حرب 19 أبريل، سواء عن قصد أو ضمنيًا، تحقيق نتائج مبهرة لاحتفالات يوم النصر في شكل السيطرة على منطقة "دونباس" وربما حتى التطلع العسكري للتقدم بشكل كبير نحو "أوديسا"، ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف في الوقت المذكور لم يكن ناجحًا، وتستمر الحرب عندما لا يكون هناك قرار عسكري في الأفق، ليس ذلك فحسب، بل توقفت المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا وتزايد الضغط على روسيا من الداخل.

في ظل هذه الخلفية، بدا خطاب بوتين في (يوم النصر) وكأنه خطاب حذر، بدون إعلانات رسمية للحرب أو تجنيد جماعي، و في بداية الخطاب، ألمح بوتين إلى ما يلي بذكر المعارك الصعبة التي خاضها الاتحاد السوفيتي ضد ألمانيا النازية، ومن بين أمور أخرى، أشار بوتين إلى المعارك في المدن الكبرى مثل "لينينغراد" (سانت بطرسبرغ)، و"ستالينجراد" (فولجوجراد)، و"كورسك"، و"مينسك"، لكنه حرص أيضًا على ذكر المعارك في "كييف"، و"سيفاستوبول"، و"خاركيف".

من خلال القيام بذلك، يسعى "بوتين" إلى نسج التاريخ المشترك للاتحاد السوفيتي مع أوكرانيا ويتردد صداها في وعيه بأنها منطقة لا تنفصل عن دائرة نفوذ روسيا.

وفي وقت لاحق ، كان معظم خطاب بوتين موجهاً نحو الغرب، وتم تصوير الحرب المستمرة على أنها حرب "بلا خيار" ضد الغرب وحلف شمال الأطلسي.

من المهم التأكيد على أن "بوتين" لم يشر في تصريحاته إلى أوكرانيا كطرف في هذه الحرب، ولكن بشكل أساسي إلى الغرب، والولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي الذين اختاروا -على حد قوله- تعريض حدود روسيا للخطر، وتهديدها من خلال الوجود العسكري في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي.

فيما خلق الخطاب خطاً واضحاً يربط بين المعارك الشرسة التي تدور في منطقة "دونباس" والقتال العنيف الذي دار في الحرب العالمية الثانية. 

في حين أن، الاستنتاج الواضح هو: أن "دونباس" تبرز كمنطقة استراتيجية وهامة في هذه المرحلة للسيطرة الروسية، وبالتالي فإن معظم الجهد العسكري موجه نحو احتلالها.

في الختام ، فإن فحص ملاحظات بوتين في خطابه يوم النصر يذكرنا بنفس الخطاب الذي سبق غزو أوكرانيا، حيث تحدث هذا الخطاب لصالح نظام عالمي جديد يسعى لتحقيق توازن بين القوى وأمن حدود روسيا وفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي، الذي يُنظر إليه على أنه منطقة نفوذ استراتيجية لروسيا.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023