شيرين وألاعيب الاحتلال

يحيى حاج حمد

أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية

 بقلم: يحيى الحاج حمد

14-5-2022 

دأب الاحتلال الصهيوني -ومنذ نشأته-، على ارتكاب إرهابه وجرائمه الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، وتشويه ضد كل من يسانده من أحرار العالم، تحت مسميات عديدة، أكثرها: اتهامه (باللاسامية)، ودائماً ما كان الاحتلال يخفي جرائمه، ويحاول إظهار ما يثبت أنه (دولة قانون) تحترم حقوق الإنسان، إلا أنه ومع تطور وسائل التواصل، وانتشار المنصات الإعلامية، بدأت جرائم الاحتلال بالتكشف بشكل متزايد عن قبل؛ مما زاد الضغط على دولة الاحتلال، وأضعف قدرتها على الحفاظ على (سمعتها الطيبة) أمام العالم وخاصة الغربي.

وفي محاولة للتملص من مسؤولية جرائمه، استخدم الاحتلال العديد من الألاعيب، والتي -في كثير من الأحيان- كانت ناجحة، واستطاع من خلالها الإفلات من العقاب، وذلك بعدما يكون قد استعان بالصف الدولي، والتخاذل العربي، والضعف الفلسطيني الرسمي، ولعل أبرز هذه الألاعيب هي الادعاء أن الضحية-أو الضحايا كانوا "يشكلون خطراً"، وهذا ما يحدث كل يوم تقريباً على حواجزه العسكرية، ولا ننسى استشهاد الأرملة والأم لستة أطفال، والضريرة والتي قتلت بدم بارد على حاجز للاحتلال قرب بيت لحم قبل عدة أسابيع.

ومن ألاعيبه –أيضاً- "تقزيم القضية" بتحويلها من جريمة ممنهجة إلى عمل فردي، ومرتكبها إما مختلاً عقلياً، أو متطرف، فعل هذا العمل لوحده، وهذا ما حدث في (مجزرة الحرم الإبراهيمي، وفي جريمة حرق عائلة "دوابشة" في دوما، وغيرها الكثير). 

أما عن لعبته الأهم، والتي يستخدمها عندما تكون جريمته كبيرة، وأصبحت رأياً دولياً وعالمياً فهي لعبة (تشكيل لجان تحقيق)، وقد حققت له -هذه اللعبة- قدرة الإفلات من مئات، -ولا أبالغ إن قلت الآلاف- من الجرائم التي كان يجب أن يحاسب عليها، فقضية الطفل "محمد الدرّة"، وجريمة قتل المتضامنة الأمريكية "راشيل كوري"، وقضية الشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة- "إياد حلاق"، والمسعفة "رزان النجار"، والصحفي "ياسر مرتجى" وغيرهم.

والآن نحن نحيا أمام الجريمة التي أفجعت قلوب الملايين وهي: جريمة قتل الصحفية "شيرين أبو عاقلة" أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين، وكعادتها سارعت حكومة الاحتلال بالدعوة (لتشكيل لجنة تحقق مشتركة بينها وبين السلطة الفلسطينية)، وبدأت بلعبة المطالبة بالرصاصة من السلطة، وكأن هذا ما يعطل عدالة الاحتلال الخادعة والمزعومة. 

صحيح أن التملص من مسؤولية اغتيال وقتل الصحفية "شيرين" تبدو أكثر تعقيداً من الجرائم السابقة؛ نتيجة كونها تحمل الجنسية الأمريكية، وكونها صحفية في قناة الجزيرة القطرية، إلا أن دولة الاحتلال ستحاول اتباع ذات الألاعيب السابقة في إخلاء مسؤوليتها، أو حتى تغييب هذه القضية عن صدارة الرأي العام، وطيها في صفحات النسيان.

وهنا_ وحتى لا نقع في مصيدة هذه الألاعيب_ فيجب علينا أن نعود للمربع الأول وهو: أنه وبغض النظر عن مصدر الرصاصة، مع أنها -وبكل تأكيد- قادمة من (وحدة الدوفدوفان) الصهيونية المقتحمة لمخيم جنين، فإنه يجب أن نضع ونقول أن المتهم الرئيسي والوحيد هو (الاحتلال الصهيوني)، الذي لولا احتلاله واقتحاماته المتواصلة للأراضي الفلسطينية؛ لما كان هناك إطلاق نار من أي جهة كانت، فالاحتلال -بحد ذاته- هو الجريمة الكبرى، الذي يجب أن يتم إنهاؤه ومحاسبته على كافة جرائمه وإرهابه ضد الشعب الفلسطيني.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023