موقع نيوز 1
يوني بن مناحيم
تواصل حركة فتح في الضفة الغربية خسارتها في الانتخابات الداخلية في المؤسسات الفلسطينية، بعد خسارتها في الانتخابات الداخلية في نقابة المهندسين، وفي انتخابات المجالس الطلابية في بيت لحم وبير زيت، وتكبدت فتح خسارة مخزية أخرى -نهاية الأسبوع الماضي- في الانتخابات الداخلية في الضفة الغربية، حيث حقق تحالف حماس مع أحزاب اليسار والمستقلين فوزاً ساحقاً وفازوا في 7 مجالس من أصل ثمانية.
وتعكس خسارة حركة فتح الحالة الكئيبة للحركة، التي هي العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، أو -بعبارة أخرى- حزب السلطة الفلسطينية برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس".
علامة أخرى على ضعف الحركة هي عدم تحديد موعد لانعقاد المؤتمر الثامن لحركة فتح، حيث كان من المفترض عقد المؤتمر في آذار/مارس الماضي، لكن أبو مازن أجّله إلى أيار/مايو، والآن يقول رفاقه إنه أجله إلى موعد غير معروف، وبحسب مصادر فتح، فإن مَن عمل -مِن وراء الكواليس- على تأجيل المؤتمر هو حسين الشيخ الذي أقنع عباس.
قبل سنوات عديدة -قبل قيام السلطة الفلسطينية- كان عقد المؤتمر العام لحركة فتح حدثًا مهمًا للغاية محليًا وإقليميًا ودوليًا، فالمؤتمر هو الذي ينتخب أعضاء الحركة لمؤسساتها وقيادتها ويحدد البرنامج السياسي، بحكم كون الحركة العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، يصبح المنبر السياسي هو المنطلق السياسي للسلطة الفلسطينية.
يشار إلى أن ياسر عرفات حوّل هذا المؤتمر إلى حدث وطني مهم، لكن منذ انتخاب محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية عام 2005م، عمل على إضعافه وإبعاد خصومه السياسيين وتحويله تدريجياً إلى "ختم مطاطي" لقراراته.
وتقول مصادر فتح إن عباس أفرغ المؤتمر من كل محتوياته، وعلى حسب قول أحد كبار مسؤولي الحركة: "القزم يحب دائما أن يحيط نفسه بالأقزام".
عملياً، نجح عباس في خلق وضع يتخذ فيه -فعلاً- القرارات المهمة في حركة فتح، بغض النظر عن مؤسسات الحركة المنتخبة، ويتحكم في الحركة جنباً إلى جنب مع اثنين من مقربيه، هما حسين الشيخ وماجد فرج، الذين يقررون على أساس أي شيء سيتم تحديده.
وتتمثل المهمة الرئيسية لهذا المحور الثلاثي في ضمان سيطرتهم على حركة فتح، وإبعاد خصومهم عنها، وتعيين شركائهم في المناصب.
ووفقًا لمصادر فتح، فقد أدرك رئيس السلطة الفلسطينية، البالغ من العمر 86 عامًا، حقيقة أن وقته كان يقترب من التنحي عن المسرح السياسي وبدأ الاستعدادات لنقل السلطة إلى مساعديه الذين سيضمنون سلامته وسلامة عائلته بعد تقاعده.
وبحسب مصادر في فتح، فقد منحت إدارة بايدن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مهلة سنتين لتنظيم انتقال السلطة إلى شركائه، وخلال هذه الفترة لن يضغط عليه لإجراء انتخابات في الضفة الغربية لمنع الصدمات السياسية والحفاظ على السلطة ومنع حماس من استعادة قوتها.
بعد فوزه في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يستعد رئيس السلطة الفلسطينية لتحقيق الهدف التالي، وهو المؤتمر الثامن لمؤتمر فتح الذي سيعقد في أنسب وقت له، فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، -وهو أيضًا رئيس حركة فتح-، لديه عدة مهام في هذا المؤتمر لمحاولة نقل السيطرة على الحركة بسلاسة إلى مقربيه.
انتخب عباس مساعده ماجد فرج رئيس المخابرات العامة الفلسطينية إلى منصب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح. وبحسب مصادر فتح، فإن رئيس وكالة المخابرات المركزية "وليام بيرنز" الذي زار المقاطعة في رام الله قبل نحو عام، وجه طلباً شخصياً في الموضوع إلى رئيس السلطة الفلسطينية وأوضح له أنه من المهم جداً لإدارة بايدن أن يلعب ماجد فرج دوراً رئيسياً في حركة فتح "الحزب الحاكم"، فانتخابه عضواً في اللجنة المركزية للحركة؛ يجعل منه لاعباً مهماً في معركة الخلافة.
إضعاف معسكر فتح المعارض لتعيينات حسين الشيخ وماجد فرج.
المعارضون هم: جبريل الرجوب أمين عام فتح، ومحمود العالول نائب رئيس حركة فتح، توفيق الطيراوي، ومروان البرغوثي، وكريم يونس أعضاء اللجنة المركزية لفتح.
تقليص نفوذ ممثلي قطاع غزة الذين يؤيدون محمد دحلان الخصم اللدود لمحمود عباس.
ومن الطبيعي أن تتطرق المناقشات في المؤتمر الثامن لحركة فتح إلى البرنامج السياسي لحركة فتح، خاصة بعد قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بـ"إسرائيل" ووقف التنسيق الأمني معها.
وتشير التقديرات إلى أن فتح ستتبنى قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث يجري الصراع -الآن- بهدوء بين المعسكرين الرئيسيين في حركة فتح على إرث محمود عباس حتى لا يزعج رئيس السلطة الفلسطينية.
المعسكر بقيادة جبريل الرجوب ومحمود العالول ينتظرون بصبر معسكر حسين الشيخ وماجد فرج -المقربين حالياً لمحمود عباس- ارتكاب أخطاء حتى يمكن إقناع محمود عباس بقلب الوعاء رأسًا على عقب ونقل الدعم إلى المعسكر الآخر.
دخول حسين الشيخ إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وإسناد المفاوضات مع "إسرائيل" بين يديه يقربه كثيرًا من محمود عباس ويزيد من فرصه في أن يصبح "وريثًا"، ومن ناحية أخرى يزيد التوتر والعداء تجاهه في قيادة فتح التي لا تراه مرشح جدير.
وبحسب مصادر فتح، فإن المعركة الحقيقية في حركة فتح على إرث محمود عباس ستكون في المؤتمر الثامن لحركة فتح، حيث بدأ محمود عباس في اجتماع للمجلس الثوري لفتح -قبل بضعة أشهر-، خطوات تنظيمية لاستبعاد الموالين لمروان البرغوثي.
في حين أن حركة حماس تنتظر بهدوء على الهامش لترى كيف سيقع شيء ما بين الخلافات، فهي تبني على الخلافات الداخلية داخل حركة فتح التي ستندلع خلال المؤتمر الثامن للحركة، وتأمل أن تتحول الصراعات الداخلية إلى كرة ثلجية تتدحرج وتنمو وتصبح صراعاً مسلحاً بين مختلف مليشيات مسؤولي فتح في الضفة الغربية.