هل احتمالات التصعيد أعلى من احتمالات الاتفاق مع غزة ؟ 

هل احتمالات التصعيد أعلى من احتمالات الاتفاق مع غزة ؟ 
بقلم ناصر ناصر 
أثارت تقديرات الجيش الاسرائيلي المنشورة في 4-9 حول ارتفاع احتماليات التصعيد عن احتمالات الاتفاق أو ما يسمى ( هسداراه ) مع قطاع غزة ، العديد من التساؤلات الهامة خاصة أنها جاءت في ظل الهدوء النسبي الذي يسود حدود غزة ، حيث تقلصت الطائرات و البالونات الحارقة و معها محاولات اختراق السياج الفاصل ، و تقلص أو تراجع معها أيضا و كما كان متوقعا مساعي و جهود و تحركات التهدئة لصالح محاولة مصرية تبدو فاشلة لتقديم المصالحة الفلسطينية على اتفاق التهدئة النهائي ، فما الذي دفع الجيش لنشر هذا التقدير و ما هي معانيه ؟ 
لا يعني هذا التقدير على الارجح ان الحرب الواسعة مع غزة أصبحت قاب قوسين أو أدنى ، او ان الخيار المفضل لاسرائيل هو التصعيد ، انما جاء للاشارة لحجم الصعوبات التي تعترض طريق بقية مراحل الاتفاق مع غزة ، و خاصة عقبة ابو مازن و اصراره على وضع شروط غير منطقية للمصالحة أو لتسهيل الاتفاق ، و كذلك عقبة إعادة أو حل مشكلة الجنود المحتجزين في غزة ، و التي تسببت في الآونة الاخيرة بالمزيد من الضغوطات الحقيقية على الحكومة في اسرائيل .
يحمل هذا التقدير أيضا في طياته رسالة للداخل الاسرائيلي مفادها ان جيشكم قوي ، و هو مستعد لكافة الخيارات بعكس الانتقادات المتزايدة لموقفه من ضرورة تجنب التصعيد مع غزة ، و لاستعداده المبدئي للحرب نتيجة ضعف في وحداته البرية ، كما جاء في تقرير مراقب ديوان مظالم الجنود " الجنرال بريك " . 
يوضح هذا التقدير النتائج المحتملة للموقف الاسرائيلي الذي أكده نتنياهو مرارا و تكرارا انه لا يمكن انجاز ترتيبات أو اتفاق نهائي ( هسداراه ) مع غزة دون حل مشكلة الجنود المحتجزين في غزة ، و هو يحمل في نفس الوقت رسالة لحماس ان اسرائيل قد تفضل خيار التصعيد على خيار الخضوع لمطالبها العالية في موضوع الجنود . و هو موقف يشكل نقطة انطلاق للتفاوض على الاسرى سيتغير مع الوقت. 
من غير المرجح ان تسمح اسرائيل و خاصة المستوى الامني العسكري فيها لاستمرار حالة ما يبدو للمراقب من الخارج كجمود في تقدم عملية الاتفاق مع غزة ، و ما يرافق ذلك من معاناة انسانية ترفع احتمالات عودة التصعيد ، لذا فقد يتم ابتكار وسائل و طرق لكسب المزيد من الوقت كالمزيد من العروض و الوعود و المقترحات على أمل حدوث تطورات تخدم الموقف الاسرائيلي لاحقا . و لكن الشعب الفلسطيني و مقاومته في غزة واعية و مدركة لمثل هذه الاحتمالات .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023