ضيف من أمريكا يأتي إلى المدينة

هآرتس

تسيفي بارئيل

سيتم فتح السجادة الحمراء، وسيتم عزف الأناشيد، وسيتم تلويح الأيدي بتحية السلام، وسيهبط رئيس الولايات المتحدة في زيارة "تاريخية" إلى المدينة.

لا يسعنا إلا أن نأمل أن يكون جدول الأعمال قد تم الاتفاق عليه دون مفاجآت اللحظة الأخيرة.

على سبيل المثال، لن يقرر الضيف فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، أو أنه لن يغمغم في أي شيء عن الاحتلال، أو أنه سيتذكر -فجأة- أنه الرئيس الذي وضع حقوق الإنسان على رأس أولوياته.

باختصار، سيضع إكليلًا من الزهور في موقع ياد فاشيم، ويبارك الرياضيين المكابيين، ويمدح تجفيف المستنقعات ورصف الطرق، ويمدح قائمة الطعام وينظر بعناية إلى علامة التبويب التي أعدوها له، والتي تقول في "إسرائيل" لا يوجد أحد للتحدث معه الآن.

على الرغم من الفرح والاحترام الذي تستحقه هذه الزيارة، يجب على المرء أن يعترف بأن هذه الزيارة محيرة_المحير أن جو بايدن جاء بدون خطة سياسية وبدون نية لتقديمها.

إنه أول رئيس أمريكي منذ عقود لا يعين مبعوثًا خاصًا للتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد نجح بالفعل في إحباط الفلسطينيين_فهموا أنهم سيكونون مطالبين بدعم التطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل"، وبهذا قطع آخر غصن يرفع القضية الفلسطينية فوق الماء، وحتى التمثيل الأمريكي الرمزي، القنصلية الأمريكية، لن يفتحها.

سلفه -ترامب- طرح على الأقل بعض الاقتراحات الملموسة "صفقة القرن"، وكان لها بعض الأسس التي ربما تكون قد أغرت الفلسطينيين.

اكتفى بايدن بإطلاق عشرات الملايين من الدولارات -أموال المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية ووكالة مساعدة اللاجئين- ومن المتوقع أن يعلن عن مساهمة بقيمة 100 مليون دولار لإنشاء مستشفيات في القدس الشرقية.

من المحير أن الرئيس -الذي كان يشير إلى أن "للفلسطينيين الحق في التمتع بنفس درجة حرية الأمن والازدهار مثل الإسرائيليين"- لن يكلف نفسه عناء السفر عبر عشرات نقاط التفتيش التي تقضي على حرية الحركة.

إن الفقر المريع الذي يعيش فيه مليوني من سكان غزة  سوف يتم طمسه من قبل مضيفيه بمساعدة التقارير حول عدد تصاريح العمل التي منحتها "إسرائيل" بلطف لهؤلاء السجناء.

خلال الليلتين اللتين سيقضيهما بايدن في فندق الملك داوود، لن يقوم بدوريات مع الجيش الإسرائيلي في اقتحام المنازل الفلسطينية، ولن يسعى للتحدث مع آباء الفلسطينيين الشباب والطلاب والعمال المجتهدين الذين قُتلوا على يد جنود الجيش الإسرائيلي ولم يرتكبوا أي خطأ.

البؤر الاستيطانية؟ المستوطنات؟ الاستيلاء على الأرض؟ صحيح أن الولايات المتحدة لا تعترف بشرعية جميع التشكيلات الاستيطانية اليهودية خارج الخط الأخضر، ولكن ما يجب فعله؟، جاء بايدن عندما تبنت "إسرائيل" استراتيجية "لا جدوى سياسية"، ليس من أجل حل سياسي، ولا لصب بنية تحتية للتعايش، ولا حتى لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، هذا جدار حديدي لا تستطيع حتى الولايات المتحدة هدمه.

بشكل عام، كيف يمكن لبايدن أن يلوح بعلم حقوق الإنسان في "إسرائيل" إذا صافح في غضون يومين يد محمد بن سلمان، وهي سيطرة فعلية على مملكة حيث مصطلح "حقوق الإنسان" يتعلق بحقوق شخص واحد فقط، والتي "ليس لها أي جدوى سياسية" لتسويق قيم الولايات المتحدة؟ قد يكون بايدن قادراً على تكثيف التطبيع غير الرسمي بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية، وأيضاً صياغة نوع من إعلان النوايا للتعاون الأمني ​​الإقليمي الذي ستكون "إسرائيل" عضوًا أيضًا.

لكن أمن "إسرائيل" لم يتعرض أبدًا للخطر بسبب المملكة العربية السعودية أو البحرين أو الإمارات العربية المتحدة.

الخطر الحقيقي، الذي حتى في أوقات الهدوء يقضم أسس "إسرائيل"، يكمن على بعد عشرات الكيلومترات من تل أبيب شرقاً وجنوباً.

ولكن على الرغم من أن "إسرائيل" يمكن أن تستعين برئيس الولايات المتحدة -ليس فقط لتوضيح حجم الخطر لها، ولكن أيضًا لإخراجها، حتى بالقوة، من الهاوية- فإنها تمكنت من إقناع بايدن بأن هناك إمكانية سياسية لتحالف إسرائيلي مع كل الدول العربية ولكن ليس مع الفلسطينيين .. غريب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023