العقوبات بين كوشنير و ابو مازن

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

العقوبات بين كوشنير و ابو مازن 
بقلم ناصر ناصر 
نقلت وسائل اعلام و آخرها نيويورك تايمز أقوالا لكوشنير ، و هو المستشار الصهيوني المقرب للرئيس الغريب دونالد ترامب ، أن العقوبات المستمرة و المتتالية التي تفرضها الادارة الامريكية على القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس و التي كان آخرها قطع 10 مليون $ لتعزيز التعايش" الوهمي " بين الاحتلال و الفلسطينيين ستسهم في تقدم عملية السلام ، و ليس تعطيلها .
ان القيادة الفلسطينية برأي كوشنير ينطبق عليها قول القائل ( لا تشتري العبد إلا و العصا معه ) ، و العبد هنا الذليل الخاضع و ليس صاحب البشرة السوداء ، و يتوافق موقف كوشنير هذا مع موقف العقوبات المستمرة التي يفرضها الرئيس ابو مازن على شعبه الفلسطيني في قطاع غزة ، فهو يعلن – وقد يكون لا يعتقد فعلا – ان العقوبات ستجبر حماس على المضي قدما في خطته للسلام الفلسطيني الفلسطيني الداخلي ، أي المصالحة .
من الممكن ان كوشنير هذا مقتنع بجدوى ما يفعله عقوبات ، و قد يلقى التشجيع من مواقف وتصريحات نقلتها اليوم صحيفة " اسرائيل هيوم " عن مصدر فلسطيني مطلع قوله ان العقوبات ضد الفسطينيين بدأت تؤتي ثمارها ، و أن الرئيس ابو مازن أعطى أوامره بتخفيف حدة الانتقادات ضد ترامب الهائج ، فكوشنير يستمع جيدا لما يقال في صحيفة "اسرائيل هيوم " المجانية " و إن كذبت " ، كيف لا ؟ و صاحبها هو شلدون أدلسون الملياردير الصهيوني الامريكي المتطرف ، و هو من أشد الداعمين لترامب و نتنياهو و لكل يميني متطرف لا يؤمن بحق الشعب الفلسطيني بالوجود . 
ان الفرق الواضح و هو ما يدركه الرئيس ابو مازن – على الارجح في قرارة نفسه - و تعلنه الحكومة و قادة الجيش و الاستخبارات في اسرائيل ، و قد لا يدركه أو يدركه كوشنير ان العقوبات المضاعفة التي تفرضها الاطراف المحاصرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة لن تزيده إلا مقاومة و اصرارا على حقوقه المسلوبة ، فأهل المقاومة في غزة كما هم في كل مكان ولدوا أحرارا و ما زالوا كذلك ، فلم تستعبدهم مفاتن السلطة و ترف مفاوضاتها حتى بثمن التنسيق الامني المقدس و تحت بساطير جند الاحتلال ، و قد شهدت لهم مسيرات العودة المستمرة و المتصاعدة و المتألقة كتصاعد حدة عقوبات ابو مازن و كوشنير ، و بهذا أضاف عرب غزة ما رغبت به عرب الصحراء " ستعيش الحرة و لن تأكل بثدييها " .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023