أوروبا تحترق وهنا لا مبالون

هآرتس

مقال التحرير



أوروبا تحترق في موجة حر مروعة، حيث أدى تجاهل أزمة المناخ إلى درجات حرارة مماثلة لأرقام كتبها الخيال العلمي: 47 درجة في البرتغال، و 45 في إسبانيا، و 41 في فرنسا، وفي لندن -وفقًا للتوقعات- من المتوقع أن تصل درجة الحرارة إلى 40 درجة، وقد أحصت السلطات في إسبانيا والبرتغال بالفعل أكثر من 600 ضحية، وتخشى السلطات في بريطانيا سقوط مئات القتلى.

تُشبه موجات الحر: (القاتل الهادئ والمميت)، فلا يتعلق الأمر فقط بالموت بسبب الجفاف أو ضربة الشمس، ولكن أيضًا الوفاة بسبب السكتة الدماغية وتلف الكلى الحاد وتفاقم الحالات الطبية المزمنة مثل قصور القلب.

يؤدي الارتفاع السريع في درجات الحرارة إلى إضعاف قدرة الجسم على تنظيم حرارته، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، توفي أكثر من 166 ألف شخص بسبب درجات الحرارة المتطرفة بين عامي 1998 و 2017.

مر عام منذ أن كشف تحقيق صحيفة هآرتس (لي يارون، 9.7.2021) عن وفاة زائدة لحوالي 150 إسرائيليًا في موجة حر شديدة في مايو 2020، وبعد التحقيق، أمرت وزيرة حماية البيئة "تمار زاندبيرغ"، بإجراء دراسة لفحص العلاقة بين الوفيات في "إسرائيل" و موجات الحر.

نُشرت نتائج الدراسة الشهر الماضي وكشفت عن إحصائية صادمة: في ثماني موجات حر حدثت في "إسرائيل" بين عامي 2012 و 2020، مات 363 إسرائيليًا -على الأقل- فيما يعرف بـ "الوفيات الزائدة".

وذكر الباحثون أيضًا أنه "في المتوسط، يمكن أن تؤدي كل موجة حر في "إسرائيل" إلى مقتل حوالي 45 شخصًا، كان من الممكن إنقاذ حياتهم لو كان هناك استعداد مناسب".

على الرغم من هذه النتائج الصعبة، فإن "إسرائيل" ليست مستعدة للتعامل مع موجات الحر، حيث لم تقم أنظمة الصحة والأمن والرعاية الاجتماعية بإجراء أي تغيير في ممارسات العمل في أعقاب النتائج؛ حتى أن سلطة الطوارئ الوطنية -الهيئة المسؤولة عن التنسيق بين هيئات الطوارئ في وزارة الدفاع- أعلنت بعد النشر أنها لا تعتبر موجات الحر الشديدة تهديداً خطيراً بما يكفي لوضعها على خريطة التهديدات الإسرائيلية.

وبحسب معطيات هيئة الأرصاد الجوية، فقد بدأت ارتفاعات في عدد موجات الحر التي حدثت في "إسرائيل" بالفعل، ومن المتوقع أن تطول وتشتد في العقود المقبلة.

يجب على سلطات الصحة والرعاية والأمن وضع خطة للجاهزية ومساعدة المواطنين خلال موجات الحر من خلال سلسلة من الإجراءات، على سبيل المثال: توزيع المراوح على كبار السن والسكان الذين يعانون من فقر الطاقة دون القدرة على دفع فواتير الكهرباء، افتتاح مراكز التبريد، منع الأشغال اليدوية كعمال البناء في ساعات الحر، يجب أيضًا توجيه المستشفيات لمراقبة معطيات موجات الحر والوفيات الناتجة عنها.

بهذه الطريقة -على الأقل- في طور البداية، سنعرف عدد الذين يموتون في الوقت الفعلي وليس فقط بعد الحدث.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023