طريق اللاعودة
بقلم رائد غيث
عشتُ الترحال بين السجون لأعوام حتي استقرت بي قافلة المعاناة.
أحد عشر عاماً لم أبرح مكاني، والباب المضروب بيني وبين الدنيا يبعد عدة أمتار، يعجب أصحابي مني، سائلين: ألا ترغب بالخروج (بوسطة) (غيّر جو، شُوف العالم) ........
إن كتب الله عليّ ذلك أسلّم للأقدار أما أن أختار فلا وألف مثلها.
ما أتمناه طريق ذات في اتجاهٍ واحد حيث اللاعودة إما إلى دار !، وإما الى دار ، أما أن أرى الدنيا من ثُقبٍ نَسِي الاحتلال إحكام إغلاقه في زنزانة تسير ثم أعود أدراجي إلي المربع الأول، الأمر بالنسبة لي أشبه بالعودة للجحيم بعد (رؤية النعيم).
نسيان الدنيا أهون عليّ من عيش وَهمها ألتقط منها صوراً تزرع مخيّلتي جيئةً وذهاباً، تلمسني ولا ألمسها عن ذلك أنا في غنى.
كيف لذاكرة تعيش كعقارب الساعة! أن تتحمل فعلاً وردة فعل في آنٍ واحد دون حدوث (خلل)؟؟!، إلا إذا بقيّ الفعل يسير نحو الحرية دون توقف لا ينكص علي عقبيّه، حينما يُصبح السجن من الماضي أرشيفٌ مغلق. استدعي منه ما شئت ومتي شئت، وفي اللحظة التي أستطيع فيها تجاوز الألم المنبثق من تصفح الماضي.
لَأَنْ أعيش الحاضر الواقع بكل آلامه ..
خير من عيش وهم الحياة ..