السلطة الفلسطينية: ديكتاتورية شفافة

يسرائيل هيوم

جلال بنّا

نُشر هذا الأسبوع هنا، في "يسرائيل هيوم"، أن تقريرًا أعده معهد "نظرة على الإعلام الفلسطيني" حذر من أن هناك قلقًا خطيرًا من أن يقود رئيس السلطة الفلسطينية السلطة إلى ديكتاتورية، لم أفهم من لا يزال يتوقع الديمقراطية؟!.

يمكن أن توجد الديمقراطية في دولة أو كيان مستقل قوي، حيث يوجد فصل بين السلطات، بينما تأسست السلطة الفلسطينية قبل حوالي ثلاثة عقود، ولم تدعي أبداً أنها ديمقراطية.

إن نضال أبناء فتح الذين يسيطرون عليها ضد الفصائل الأخرى التي تعارضها، مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وحمـاس، معروف ومعلوم منذ اليوم الأول الذي حمل فيه شرطي فلسطيني سلاحًا وحصل على السلطة في المدن الفلسطينية، بما في ذلك في غزة.

من الصعب رؤية أساس ديمقراطي في السلطة، التي أقيمت بضمانات دولية وبمساعدة "إسرائيل"، خاصة بسبب غياب برلمان عامل وفاعل منتخب من قبل الشعب وغياب سلطة قضائية مستقلة.

إن الوضع في السلطة الفلسطينية -بعيدًا عن السياق الإسرائيلي وبعيدًا عن النضال من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة- قاتم وصعب، ويتميز بتعيينات المنتسبين والفساد، على غرار الأنظمة الشمولية المركزية.

أعضاء السلطة -وخاصة أعضاء فتح- يقاتلون بقسوة شديدة أي شخص لا يتماشى معهم، في أي وقت وفي أي قضية، وأعمالهم تعرض حقوق الإنسان للخطر؛ وفي حالات قليلة، فإن معارضي الرئيس السلطة وسياساته الذين كشفوا الفساد أو حتى عبرّوا عن أنفسهم بطريقة مخالفة لرأي رئيس السلطة دفعوا ثمنها حياتهم وآخرهم الناشط "نزار بنات" الذي اُعتقل في منزله على قيد الحياة، وتوفي خلال التحقيق الذي أجراه محققو السلطة.

خلال العام الماضي لم يتم تقديم أي إجابات بخصوص ملابسات وفاته ولم يتم اعتقال أي مشتبه بهم ولم يتم فتح تحقيق.

لقد تلقينا مثالاً آخر في نهاية الأسبوع الماضي، عندما أطلق مسلحون تابعون لـ "فتح" النار على الدكتور "ناصر الشاعر"، أحد كبار المسؤولين في جامعة النجاح، ووزير التعليم العالي ونائب رئيس وزراء فلسطين، وأصابوه.

هنا أيضًا -كما هو الحال مع بنات- سُمعت إدانات من جميع الجهات، حتى من أعضاء فتح، رغم أن جميع سكان السلطة يعرفون من يقف وراء هذا الحادث.

الشارع الفلسطيني يغلي اليوم أكثر من أي وقت مضى، الفساد وتعيين المنتسبين والصراعات السياسية بين أعضاء فتح وكل من يعارض أو يجرؤ على انتقاد سياسات السلطة وقد يدفع ثمنها بحياته.

لا تستطيع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية التحرك، لعدم وجود أي حماية لها، والنظام القضائي مسيطر عليه من قبل سياسيين من السلطة الفلسطينية، والإعلام ضعيف ولا يجرؤ على الانتقاد، ومن السهل جداً إسكات هؤلاء الذين يتجرأون على التغريد أو فضح التجاوزات الحكومية_يغلقوا أفواههم بإسم "النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي".

لذلك، إنها مسألة وقت فقط قبل أن تشتعل شرارة الاحتجاج الأولى من الجيل الفلسطيني الجديد على القيادة الحاكمة اليوم.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023