يديعوت أحرونوت
عنات سيرغوستي
ترجمة حضارات
بعد تقرير الصحفي محمد مجادلة عن لقاء سري عقده رئيس المخابرات الفلسطينية مع أعضاء القائمة المشتركة، وصل الخبر أن الشاباك أرسل رسالة لأبو مازن بعدم التدخل في الانتخابات الإسرائيلية.
سارع المرشحون في القوائم اليمينية، الذين نسوا ما حدث باسمهم منذ وقت ليس ببعيد؛ للمطالبة بإجراء تحقيق من قبل الشرطة، واغتنم آخرون الأخبار بشهوة من أجل الصراخ في وسائل الإعلام الرئيسية والشبكات الاجتماعية حول أعضاء القائمة المشتركة وأبو مازن.
وسرعان ما تحولت القضية إلى عناوين الصحف، ولم يطعن أحد في القول بأنه من الخطأ للسلطة الفلسطينية أن تتدخل في الانتخابات في "إسرائيل"، لماذا في الواقع؟
في 1 تشرين الثاني (نوفمبر)، سيتوجه ملايين المواطنين الإسرائيليين الذين لهم حق التصويت -يهودًا وعربًا- إلى صناديق الاقتراع للتصويت. سيحدد تصويتهم بشكل مطلق مصير 4.5 مليون فلسطيني ليس لديهم حق التصويت، والذين كانوا تحت نظام عسكري لأكثر من 50 عامًا، ونظامًا لا نهاية له من الأوامر العسكرية والإدارية، وبشكل عام؛ فإنهم لا يفتقرون فقط إلى الحقوق الأساسية بشكل عام والحقوق السياسية بشكل خاص، ليس لديهم خيار ولا قناة يمكنهم من خلالها التأثير حتى ولو قليلاً على مصيرهم.
أليس هذا مزعجًا؟ أليس من المقلق أن هؤلاء الملايين من الفلسطينيين لا يستطيعون التأثير على مصادرة أراضيهم؟ لا يمكن أن يؤثر على ضياع الوقت عند نقاط التفتيش المتعددة؟ أو إذا ومتى يمكنهم الذهاب إلى العمل؟ أنهم لا يستطيعون التأثير على مسار الجدار الفاصل، ولا قدرتهم على فلاحة أرضهم، الأرض التي زرعها والدهم، وجدهم، وجدهم الأول؟
أليس مزعجًا أنهم لا يستطيعون التأثير على مصير أبنائهم أو السماح لهم بحياة طبيعية؟ ألا يزعج أي شخص أنه لا يستطيع الانتقال إلى منزله، ولا يمكنه الزواج ممن يحبونه ويريدونه، ولا يمكنهم التخطيط لمهنة، أو أن يقرروا الدراسة في الخارج، ولا يمكنهم حتى التخطيط لوقتهم؟ مندهش من أنهم لا يستطيعون اتخاذ قرار بناء وتوسيع منزل الأسرة، وهل يجب تسجيل الأطفال المولودين لهم في سجل المقيمين في "إسرائيل"؟
ليس للفلسطينيين أي تأثير على حياتهم ، في الأمور السياسية الكبيرة والوطنية، ولا حتى في الأشياء الصغيرة والأكثر خصوصية، مثل هذا لأكثر من نصف قرن، هكذا انتخابات بعد انتخابات، مصير ملايين الفلسطينيين يحدده الناخبون في "إسرائيل".
يقرر المسؤولون المنتخبون في "إسرائيل"، والجيش، ذراع الدولة، ما إذا كان سيتم مصادرة الأراضي ومتى سيتم ذلك ومقدارها، وأين سيتم بناء المستوطنات وبأي معدل، وأين سيتم وضع حواجز الطرق ومن سيتأخر عن العمل، أين سيُقام جدار الفصل، ومن سيُلقى في الاعتقال الإداري وإلى متى، يقررون متى ستدخل وحدة عسكرية إلى المنازل في جوف الليل وتخويف الأطفال، وكم عدد الفلسطينيين الذين سيسمح لهم بالذهاب للعمل في "إسرائيل" وإعالة عائلاتهم، ومن سيتمكن من الزواج بمن والعيش في مكان.
ربما يكون ذلك؛ لأن الإسرائيلي العادي -آسف على التعميم- لا يدرك هذا الوضع إطلاقا، الجمهور الإسرائيلي لا يسمع عن الفلسطينيين إلا في حالات قليلة، عادة عندما يقرر أحدهم تنفيذ هجوم عنيف.
في الأيام العادية، ليس لدى الجمهور الإسرائيلي أي فكرة عما تبدو عليه حياة الفلسطيني العادي الذي يعيش، على سبيل المثال، في رام الله، ويعمل في بيت لحم (أو العكس).
ليس لدى الجمهور الإسرائيلي أي فكرة عن شكل حياة مزارع فلسطيني تمتلك عائلته حقولًا زراعية، ولكن عندما تقرر دولة "إسرائيل"، من جانب واحد ودون استشارته، مصادرة واغتصاب ودوس بعض أراضيه لتلبية احتياجات مختلفة، أو إقامة سياج وبوابة تمنعه من الانتقال بسلاسة إلى فلاحة أرضه؛ لأن الإعلام في الحقيقة غير مهتم، ولا معظم المسؤولين المنتخبين في "إسرائيل".
فلماذا، في الواقع، لا ينبغي للممثلين الشرعيين لهؤلاء الفلسطينيين محاولة التأثير على الانتخابات في "إسرائيل"؟ إذا كان لدى الفلسطينيين القدرة - حتى لو كانت هامشية لمحاولة التأثير على مصيرهم، فلماذا لا يفعلون ذلك؟ لأن الشاباك حذر، لأن أعضاء الكنيست المستقبليين في الأحزاب اليمينية يطالبون بفتح تحقيق من قبل الشرطة؟
على العكس من ذلك: من الأفضل أن يحاولوا، بكل طريقة ممكنة، في كل طريق وطريق وأن يتحركوا، طالما أنه ليس عنيفًا للتأثير، والتدخل، وإثبات الوجود، ونقل ثقل المسؤولية إلى الجمهور الإسرائيلي الذي له حق التصويت. لأن تصويتنا هنا، في بلد ديمقراطي، به صحافة حرة، مع حقوق سياسية وحرية تعبير، سيحدد مصير الملايين من دون حقوق