هآرتس
مقال التحرير
القضية المؤسفة -التي تزداد تعقيدًا- من الإغلاق التعسفي لمنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، لا يمكن أن تُعزى فقط إلى وزير الدفاع بيني غانتس، فالحكومة لديها -أيضًا- رئيس "يائير لابيد" وهو يتحمل المسؤولية النهائية عن سلوك غانتس المثير للغضب، والذي أخذت أضراره الدولية تتراكم.
منذ نشر القرار، ومنذ إرسال الجنود لتلحيم أبواب مكاتب هذه المنظمات، لم تقدم "إسرائيل" دليلًا واحدًا مقنعًا على تورطهم في الإرهاب أو تعريض أمن الدولة للخطر، كما ادعى وزير الدفاع.
منذ ذلك الحين، وغانتس مرتبط بموقفه -ربما بسبب اعتبارات الهيبة والانتخابات- يريد أن يظهر صلابة على حساب موقف "إسرائيل".
قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية -وهي منظمة تعرف شيئًا أو اثنين عن التدخل السياسي في دول أجنبية وإغلاق الجمعيات- بفحص المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها لها "إسرائيل"، ولم تجد أي دليل على الادعاء بأن المنظمات مرتبطة بالإرهاب.
وأصدرت تسع دول أوروبية -بعضها يساعد المنظمات- بيانًا مشتركًا قالت فيه: إن "إغلاق المنظمات أمر غير مقبول بالنسبة لها، لأن "إسرائيل" لم تزودها بمعلومات تبرر ذلك".
والتقى سفراء تلك الدول -الإثنين من هذا الأسبوع- بمسؤول كبير في وزارة الخارجية، وأوضحوا له أن دولهم غير مقتنعة بأن منظمات المجتمع المدني الست هي منظمات إرهابية.
يمكن سماع تعليلات مشابهة لتلك التي قدمتها "إسرائيل" لإغلاق منظمات حقوق الإنسان في تركيا وروسيا وسوريا -الآن أيضا في "إسرائيل"- على الرغم من عدم وجودها في أراضيها السيادية، ولكن في الأراضي المحتلة، لكن الاتجاه واضح: عدم السماح للفلسطينيين بأن يكون لديهم مجتمع مدني يعارض الاحتلال، ويبلغ عن جرائمه ويساعد ضحاياه.
تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، تشوه "إسرائيل" سمعة الجمعيات والأفراد الذين يكرسون حياتهم لحماية حقوق الفلسطينيين.
رئيس الوزراء لبيد، الذي يحاول تصوير نفسه في "إسرائيل" والعالم كممثل للمعسكر الليبرالي والمستنير في "إسرائيل"، لا يمكنه أن يقف ضد سلوك وزير دفاعه.
عليه أن يلغي فوراً قرار إغلاق هذه المنظمات، والسماح لها بالعمل على تحقيق أهدافها، حتى في ظل الاحتلال.