وفاة ميخائيل جورباتشوف: آخر زعيم للاتحاد السوفيتي الذي تسبب في تفككه وانهياره

هآرتس
عوفير إدرت
ترجمة حضارات





يعتبر جورباتشوف، الذي توفي عن عمر يناهز 92 عامًا، أحد أهم قادة القرن العشرين والرجل الذي أنهى الحرب الباردة. كان معروفًا بالإصلاحات التي روج لها والخط التصالحي الذي اتخذه تجاه الغرب.

توفي آخر زعماء الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، الذي تفكك الاتحاد السوفيتي في عهده وانتهت الحرب الباردة، مساء (الثلاثاء) عن عمر يناهز 92 عامًا.
 كان غورباتشوف، الحائز على جائزة نوبل للسلام، أحد أكثر القادة تأثيراً وأهمية في القرن العشرين، حيث أحدث تغييراً بعيد المدى في التاريخ، لا يزال صداه ظاهراً حتى اليوم، كان طموحه الأصلي هو إصلاح النظام المريض الذي تم وضعه على رأسه عام 1985، لكن أنشطته قوضت شرعية ذلك النظام، وأدت في النهاية إلى سقوطه، دون أن يتنبأ جورباتشوف بذلك أو يخطط له.

ولد غورباتشوف عام 1931 في قرية نائية في منطقة ستافروبول شمال القوقاز، كان والده من أصل روسي، سائق جرار من حيث المهنة. والدته من عائلة أوكرانية. مات العديد من سكان القرية جوعاً في الثلاثينيات، نتيجة لسياسات ستالين في الزراعة الروسية.
 اعتقل جدي جورباتشوف بشكل تعسفي من قبل الشرطة السرية، كما جُند والده في الحرب العالمية الثانية، في الجيش الأحمر واحتلت القرية لبعض الوقت من قبل الألمان، ولكن تم تحريرها في النهاية.

في عام 1946، انضم غورباتشوف إلى كومسومول (حركة الشباب التابعة للحزب الشيوعي) وبعد أربع سنوات، في عام 1950، ذهب إلى موسكو لدراسة القانون في الجامعة. في نفس العام انضم إلى الحزب الشيوعي وبدأ في تسلق القمة البيروقراطية للحزب، وسرعان ما اكتسب غورباتشوف اسم زعيم شاب وحيوي برز باعتباره شخصية مختلفة عن المشهد المحلي للقادة المسنين والمرضى، وفي عام 1980، أصبح أصغر عضو في الهيئة التنفيذية للحزب، وهو ما يعادل الحكومة في الأنظمة الديمقراطية، المكتب السياسي.

كان أول منصب رفيع له وزير الزراعة، وضمن اطاره، تعرض للنظام السوفيتي الفاشل، وثقافة الأكاذيب والتملق والعصابات التي ميزته، وفي محاولة لتصحيح تلك الإخفاقات، قاد سياسة التحديث في النظام الزراعي في الاتحاد السوفيتي بأكمله.

في عام 1985 تم انتخابه لمنصب الأمين العام للحزب - زعيم الاتحاد السوفيتي، كان حينها في الخمسينيات من عمره، وكان في سن صغيرة مقارنة بالأمناء العامين الذين سبقوه في العقود الثلاثة التي سبقت توليه المنصب، عندما تولى منصبه، كان المجتمع السوفيتي ناضجًا لتغيير جوهري ودخول دماء الشباب إلى النظام وتحسين أدائه.

وعلى عكس أسلافه في المنصب، أراد التقرب من الشعب، وسد الفجوة بين السكان وقيادتهم السياسية. قاد إصلاحات اقتصادية وسياسية تستند إلى مفهومين أساسيين - جلاسنوست ("الانفتاح") والبيريسترويكا ("إعادة الإعمار").

كانت في أساس خطته محاولة للتجديد، ولكن تبين أن هذا سيف ذو حدين، والذي بدلاً من أن يؤدي إلى التجديد، أدى إلى الانهيار.
 كانت فترة حكمه، حتى عام 1991، بمثابة تحول جذري في السياسة الداخلية والخارجية السوفيتية، وكان من نتائجها: سقوط جدار برلين، وتغير العلاقات الدولية بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية، ونهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي.

أعلن جورباتشوف إلغاء مبدأ بريجنيف، الذي نص على أن الاتحاد السوفيتي لن يسمح لدول أوروبا الشرقية بالانحراف عن مسار الشيوعية، وأدى إلى التحول الديمقراطي في دول أوروبا الشرقية من خلال انتخابات أكثر انفتاحًا من ذي قبل، وصحافة حرة.
 فازت الأحزاب القومية، التي طالبت بالحكم الذاتي ثم الاستقلال، وانتصروا في دول البلطيق وجورجيا وأرمينيا وأوكرانيا، تم إقصاء الحزب الشيوعي من السلطة في عدد من البلدان في انتخابات حرة.

ومن هنا، كان الطريق إلى انهيار الاتحاد السوفييتي قصيرًا، بفضل السياسة التي أدخلها، والتي اختارت عدم استخدام القوة، خلافًا للتقاليد الدموية لروسيا، تم حل النظام السوفيتي دون عنف وسجن وإعدام.

خارجيًا أيضًا، قدم جورباتشوف سياسة جديدة، قادت رئيسة الوزراء البريطانية، مارجريت تاتشر، إلى قول الجملة الشهيرة، "يمكنك التعامل مع السيد جورباتشوف"، ومثلت حقبة جديدة في علاقات الاتحاد السوفيتي مع الغرب.

في وقت لاحق، أصبح غورباتشوف أيضًا قريبًا من الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، و لا يُنسى بشكل خاص بيان الأخير، خلال زيارة إلى برلين الغربية في عام 1987: "السيد جورباتشوف، هدم هذا الجدار!" في نفس العام، وقع الاثنان اتفاقية لنزع السلاح النووي على المدى المتوسط. في عام 1989، بعد سقوط جدار برلين، وافق جورباتشوف على إعادة توحيد ألمانيا وانسحاب الجيش السوفيتي من أوروبا الشرقية، وفي السياق اليهودي، سمح بالخروج المنظم لمن يرفض ذهابهم الى "إسرائيل".
في عام 1990، انتخب جورباتشوف أول وآخر رئيس للاتحاد السوفيتي. في صيف عام 1991، نجا من محاولة الانقلاب الشيوعي، التي حاولت الإطاحة بحكمه، ودحر عمليات التحول الديمقراطي التي قادها، تم وضع جورباتشوف تحت الإقامة الجبرية، لكن محاولة الانقلاب أحبطت بعد أربعة أيام. 
عجلت هذه الحادثة من عملية انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي، وفي نهاية ذلك العام، استقال جورباتشوف من منصب الرئيس وحل الاتحاد السوفيتي رسميًا، انتخب بوريس يلتسين رئيسا لروسيا.

وفي الساحة العالمية، اكتسب غورباتشوف مكانة البطل والنجم. في روسيا، من ناحية أخرى، ينظر إليه الكثيرون على أنه المسؤول عن سقوط الاتحاد السوفيتي. "ما حصل عليه الناس (في العالم) كان نهاية الحرب الباردة، وبداية نزع السلاح النووي، وحرية الحركة، وفتح الحدود. بالطبع، حصل الروس أيضًا على نفس الأشياء، ولكن في الوقت نفسه، كان على روسيا أن تمر في تغيير عميق للغاية، إنها عملية مؤلمة، تؤثر على ملايين البشر، ومع ذلك، فإن الوقت سيغير الحكم والتقدير" قال في عام 2005.

وكان جورباتشوف قد انتقد الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين في عدة مناسبات في الماضي، داعيًا إياه إلى التنحي، توفيت زوجته رئيسة عام 1999، ترك خلفه ابنة وأحفاد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023