الاخفاء و التستر: استراتيجية الجيش في مواجهة غزة

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

الاخفاء و التستر: استراتيجية الجيش في مواجهة غزة 
بقلم ناصر ناصر 
على خلفية استمرار الجيش في موقفه الرافض للدخول في مواجهة عسكرية باهظة الثمن مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من جهة ، و عجزه عن وقف أو تخفيف الضغط و التصعيد المستمر من قبل المتظاهرين الفلسطينيين على طول حدود قطاع غزة ، و ما يرافقه من تأثيرات و احتجاجات اسرائيلية مطالبة بوقفه ، على خلفية ذلك بدا ان الجيش يستخدم طريقة أخرى للمواجهة من خلال إخفاء بعض الاحداث ، فهل سينجح في ذلك ؟
لقد أعرب الكثير من المراسلين العسكريين و السياسيين في اسرائيل عن امتعاضهم و انتقادهم لموقف الجيش الذي لوحظ قيامهم في الاونة الاخيرة ، و تحديدا في أحداث المسير البحري 8-10- 2018 ، في محاولة للتخفيف لدرجة عدم التطرق لتفاصيل أحداث هامة ، الامر الذي اعتبره بعض المراسلون الاسرائيليون مسا بالعمل المهني أولا ، و بأمانتهم الوطنية و قدرتهم على تقدير الموقف في كيفية التعامل و التحليل ، كما اعتبروا ان من حق الجمهور ان يعلم التفاصيل إلا بقرار الرقابة العسكرية ، و ليس الناطق باسم الجيش . 
يبدو ان الجيش الاسرائيلي وناطقه الاعلامي يبنون موقفهم بالاخفاء أو التقليل قدر الامكان من تدفق المعلومات للجمهور الاسرائيلي و غيره حول ما يجري من فعاليات و احتجاجات شعبية على حدود غزة كالبالونات الحارقة و اختراق السياج الفاصل و إلقاء العبوات الشعبية و غيرها ، على مبدأين يعتبرهما الجيش هامين لمواجهة التصعيد في هذه المرحلة .
المبدأ الاول : النشر سيسهم بوضوح في تشجيع الفلسطينيين على الاستمرار في التظاهر و الاحتجاج . المبدأ الثاني : النشر سيؤدي لزيادة ضغط الجمهور الاسرائيلي و الساحة الداخلية على الجيش للرد بقوة ، و بالتالي احتمالية التدهور للتصعيد الواسع ، فهو بهذا يعتقد انه سيعطي فرصة أخرى للمستوى السياسي الاسرائيلي لقطع تردده و حسم أمره و اتخاذ القرارات اللازمة و التي كان قد دعا اليها الجيش مرارا و تكرارا بضرورة التخفيف عن قطاع غزة ، مع محاولة إرضاء ابو مازن قدر الامكان . 
من المستبعد ان تنجح استراتيجية ( إخفاء الاحداث للتخفيف من تأثيراتها) التي يتبناها الجيش في الاسابيع الاخيرة لمواجهة إبداعات الفلسطينيين في مسيرة العودة ، و بالتالي فقد يتخلى عنها سريعا لما تسببه له من أضرار في المعركة على الوعي و الذاكرة ، و خاصة في ظل حرص المتظاهرين الفلسطينيين الواضح على تصوير و توثيق و من ثم نشر الكثير من الاشرطة و المعلومات التي تظهر تصاعد الاحداث ، فقد ظهر هذا الامر في ارتفاع الاصوات حتى من داخل المعسكر الاعلامي و العسكري و المطالبة بالتوقف عن هذه السياسة لأنها مكشوفة ، و لن تحقق هدفها الاساس وهو إضعاف التأثير المتصاعد لفعاليات مسيرات العودة .




جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023