هآرتس
مقال التحرير
رئيس الشاباك رونان بار ورئيس الأركان أفيف كوخافي لديهما شكاوى جدية ضد السلطة الفلسطينية بسبب ما يسمونه ضعف التنسيق الأمني بينها وبين "إسرائيل"، وتشير التقديرات إلى أن مصدر الضعف هو "تعليمات من فوق" التي ألقاها رئيس السلطة محمود عباس.
من ناحية أخرى، يعتقد بعض كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية أن "إسرائيل" هي التي تساهم في زيادة حدة النيران بالإصرار على استمرار عمليات الاعتقال كل ليلة ("هآرتس"، 9/13).
إن الخلاف في الجيش الإسرائيلي بين أولئك الذين يقدرون أنه لن يكون هناك مفر من عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية وبين أولئك الذين يدعمون تعزيز أجهزة الأمن الفلسطينية وتقليص نشاط الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، يوضح أن "إسرائيل" ليس لديها استعداد خطة عمل بديلة أو عملية للتعامل مع الانهيار المحتمل للسلطة الفلسطينية، ويبدو أنها فوجئت بحجم نشاط العداء. كالعادة، تبحث "إسرائيل" عن حلول تكتيكية لمشكلة أساسية؛ لكن تقليص نطاق التعاون الأمني ليس سوى جانب واحد من الجوانب التي تهدد وهم الهدوء في الضفة الغربية.
لسنوات، التزمت "إسرائيل" بسياسة لا أساس لها من الصحة، التي بموجبها من شأن مستوى معيشي اقتصادي جيد أن يحجب التطلعات الوطنية للفلسطينيين، طالما أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين يمكنهم العمل في "إسرائيل" والدراسة في الخارج وبدء الأعمال التجارية، فإن "إسرائيل" ستكون قادرة على الحفاظ على الوضع الراهن المتمثل في الهدوء مقابل المال.
وفقًا لهذا النهج، ستكون "إسرائيل" قادرة على الاستمرار في بناء المستوطنات، وعند الضرورة اقتحام المنازل واعتقال الفلسطينيين وقتلهم ومصادرة الأراضي، وكذلك الحفاظ على التنسيق الأمني، وفوق كل شيء عدم الدخول في مفاوضات سياسية.
هذه المعادلة الخاطئة تعتمد على دعم واشنطن حتى في ظل حكم الرئيس جو بايدن، ورغم أن الرئيس بدأ ولايته بإعادة فتح صنبور المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، إلا أنه فيما يتعلق بعملية السلام تبنى الموقف الإسرائيلي، بحكم أنه "لا جدوى سياسية" لاستئناف المفاوضات.
ومع ذلك، فإن عدم وجود "جدوى سياسية" للمفاوضات، ناهيك عن توقيع اتفاقية سلام، يتطلب في الواقع تعزيز السلطة الفلسطينية وأجهزتها ودعمها ومنحها مساعدة أكبر بكثير مما تحصل عليه، والعمل على تقوية الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ليست "إسرائيل" وحدها ملزمة بتكييف سياستها مع الواقع في الضفة الغربية وتقليص نطاق أنشطتها في الضفة التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، قبل أن تتسبب في اندلاع انتفاضة واسعة النطاق، كما لا تستطيع الولايات المتحدة التنصل من مسؤوليتها تجاه الفلسطينيين وقيادتهم، بيدها القدرة على تقديم أفق سياسي واستعادة مكانة عباس وصياغة سياسة فاعلة لن تسمح لأي حكومة إسرائيلية سيتم تشكيلها بعد الانتخابات بالإفلات من معالجة جوهرية للصراع.