أولى بوادر تمرد في الأجهزة الأمنية

دانا بن شمعون 

يسرائيل هيوم


تشير الزيادة في عدد عناصر الأمن الفلسطينية المشاركة في الهجمات ضد "إسرائيل" إلى أن أبو مازن ورجاله بدأوا يفقدون السيطرة على أجهزتهم الأمنية، هذا ما قالت مصادر فلسطينية، اليوم الأربعاء، بعد أن علمت أن أحمد عابد من بين المنفذين الذين نفذوا العملية بالقرب من معبر الجلمة ضابط مخابرات عسكرية، أحد أذرع الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

عابد ليس أول "متمرد"، فمنذ بداية عملية "كاسر الأمواج" وقعت عدة عمليات شارك فيها مرتدو الزي العسكري الفلسطيني، أحدهم هو محمود حجير، 23 عامًا من مخيم اللاجئين بلاطة، وهو شرطي فلسطيني أطلق النار على جنود من سيارة في منطقة حوارة قبل حوالي شهر ونصف.

وفي حالات أخرى، كان المنفذون أبناء ضباط كبار في اجهزة الأمن الفلسطينية، وهي هيئات مسؤولة عن التنسيق الأمني ​​مع "إسرائيل"، ويفترض أن تعمل على الحفاظ عليه، كان والد رعد حازم الذي نفذ الهجوم في ديزنغوف ضابطًا كبيرًا في الأمن الوطني الفلسطيني، وكذلك كان والد إبراهيم النابلسي، منفذ العملية الذي قتل في حي القصبة في نابلس، ضابطًا كبيرًا في أمن إحباط العمليات.

خرج الضابطان علانية وأعربا عن دعمهما لتصرفات أبنائهما، دون أن يكون لهما سلطة دعوتهما إلى الامتناع عن الأمر، ولم يقتصر الأمر على تجاهل السلطة، بل دعا مسؤولو فتح إلى مواساة الآباء وقاموا بزيارات بيوت العزاء.

ويقول مسؤولون فلسطينيون إنه حتى داخل الأجهزة الأمنية هناك استياء من أبو مازن، ويحذرون من أن "هذه هي أولى بوادر التمرد من قبل أفراد من داخل الأجهزة التي قد تتطور إلى ظاهرة أوسع"، على غرار ما حدث في بداية الانتفاضة الثانية، عندما انضم نشطاء من الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى القتال ضد الجيش الإسرائيلي ".

وأضاف "هناك ضباط فلسطينيون يغضون الطرف ولا يبذلون جهودًا مئة بالمئة لمنع أعمال ضد "إسرائيل" وأبو مازن لا يتخذ موقفا، لا يريد مواجهتهم.

من ناحية أخرى، لا يقطع أبو مازن وقيادة السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني ​​مع "إسرائيل"، ويواصلون إبلاغ نظرائهم الإسرائيليين أنهم غير مهتمين بالتصعيد، لكن من ناحية أخرى، لا يحركون إصبعهم لضمان أن التهديدات القادمة لا تأتي من داخل الأجهزة نفسها أو من داخل صفوف حركة فتح التي يرأسها رئيس السلطة.

عناصر الأجهزة ليسوا معزولين عن الشارع، وبعضهم ممن اعتقل أو قُتل أقاربهم على يد الجيش الإسرائيلي يشعرون أنهم لا يستطيعون الجلوس بلا حراك ويتمردون بالزي العسكري، بينما يتلقون التشجيع والدعم من مسؤولي فتح، وفي أول رد للأمين العام لفتح في جنين عطا أبو ارميلة عن الهجوم الذي وقع بالقرب من حاجز الجملة، "فلسطين هي ساحة معركة مفتوحة للمواجهة مع الاحتلال، كلنا نسير في طريق الشهداء ولا نخشى إلا الله ". هذه التصريحات العدوانية تسمع من قيادات فتح الميدانيين والمسؤولين الذين يشجعون العنف ضد "إسرائيل" دون أن تعمل قيادة السلطة الفلسطينية على كبح جماحهم.

وتقول مصادر إن "أبو مازن يواجه صعوبة في السيطرة ليس فقط على الأجهزة، ولكن أيضًا على مقاتلي فتح من كتائب شهداء الأقصى"، والذين تبنوا احتضان المقاومين أحمد وعبد الرحمن عابد بينما كان يطلقون الدعوات لمواصلة الجهاد ضد "إسرائيل"، وأضاف "حتى داخل الأجهزة هناك دعم لمقاتلي فتح الشوارع الذين أصبحوا جيشًا خاصًا يمكن للسلطة تفعيله متى شاءت".

لا يوجد قرار من أبو مازن بالدخول في مواجهة مع "إسرائيل"؛ لكن من ناحية أخرى، لا تصدر قيادة السلطة الفلسطينية بقوة ضد مشاركة عناصر الأجهزة في الهجمات، فيما يُفسَّر على أنه توفير الشرعية، ويوجه رسالة لبعض الضباط مفادها أن كارثة كبيرة لن تحدث إذا أخذ أحدهم بندقية وقرر تنفيذ عملية.

علاوة على ذلك، فإن بعض خصوم أبو مازن السياسيين في فتح لهم نفوذ على الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لذا فهم يستغلون التسيب في الأجهزة لتشجيع التمرد على رئيس السلطة الفلسطينية، كجزء من معارك الخلافة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023