السيسي يتجسس على خصومه بتقنيات "إنتلكسا" الإسرائيلية

نتسيف نت

كشفت وسائل إعلام عبرية -بما في ذلك صحيفة يديعوت أحرونوت- في 10 سبتمبر 2022، عن معلومات تؤكد أن نظام عبد الفتاح السيسي في مصر استخدم برنامج بريداتور "Predator" للتجسس، الذي طورته شركة إنتلكسا السيبرانية الإسرائيلية، للتجسس على المعارضين.

وبحسب التحقيق، استخدمت أجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للرئيس السيسي البرنامج الإسرائيلي لمهاجمة وتعقب مختلف المعارضين السياسيين.

لم يكن هذا هو الكشف الأول عن استخدام السيسي لأجهزة تجسس إسرائيلية، في 16 ديسمبر 2021، كشفت مجموعة الأبحاث الكندية لرصد أمن الإنترنت "Citizen Lab" عن فضيحة تنصت النظام الأمني المصري على معارضي النظام والصحفيين، باستخدام تقنيات تجسس متطورة طورتها شركات إسرائيلية وفرنسية.


إنتلكسا

تم إطلاق شركة "أنتلكسا" الإسرائيلية عام 2019 ومقرها تل أبيب، بالإضافة إلى 6 مقار أخرى في الاتحاد الأوروبي، ووفقًا لموقعها الرسمي، تعد إنتلكسا مزودًا بارزًا لخدمات الأمن المتكاملة والديناميكية، ويتمتع فريق إدارتها بأكثر من 40 عامًا من الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي.

أما مؤسس الشركة فهو الضابط الإسرائيلي "تال ديليان" خريج "سييرت متكال" وقائد الوحدة التكنولوجية "81".

وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 11 سبتمبر 2022، فإن أنظمة مختلفة، بما في ذلك النظام المصري استخدم برمجيات الشركة، وتدفع قرابة 16 مليون يورو مقابل اختراق الهواتف وتحميل المعلومات.

في مقدمة عملاء الشركة، إلى جانب مصر، تأتي السودان والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

معظم هذه الدول هي أيضًا عملاء لشركة السايبر الإسرائيلية NSO، التي تنتج برنامج التجسس بيجاسوس "Pegasus".

في 23 سبتمبر 2021، أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن "وثائق مسربة أظهرت أن الشركة تقدم خدمات لدول عربية لاستخراج البيانات عن بعد من أجهزة أندرويد وآي أو إس"، وأضافت أن "الاختراقات تضمنت الاعتماد على تشغيل المتصفح، مع إصابة البرامج الضارة أيضًا بأجهزة أندرويد وiOS المحمولة".

وذكرت الصحيفة أن "الأنظمة المستخدمة لتقنية التجسس الخاصة بالشركة يمكنها استخدام هذه الثغرات من خلال خداع الهدف وإغرائه بالضغط على رابط، وبعد ذلك تحدث 10 إدخالات لبرامج ضارة بشكل متزامن لأجهزة iOS وAndroid، ونسبة الإصابات الناجحة بالنسبة لمستخدمي البرنامج مرتفع للغاية".


سحق المعارضين

اعتمد السيسي منذ بداية حكمه على برامج تجسس مختلفة، ومنح المخابرات العامة بقيادة اللواء عباس كامل، ومن سبقوه، حق امتلاك هذه التقنيات التي هدفها الأساسي سحق الخصوم.

في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2019، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية محاولة القاهرة اختراق هواتف المعارضين من صحفيين وأكاديميين ومدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيين، ما أدى إلى اعتقال بعضهم لاحقًا.

ويشير التقرير إلى تورط الحكومة المصرية في انتهاكات تتعلق باختراق هواتف المعارضين والقبض عليهم.

وبحسب تقرير الصحافيين رونين بيرغمان وديكلان والش، فإن "شركة أمن الحاسوب اكتشفت سلسلة من الهجمات السيبرانية المتطورة ضد معارضي النظام المصري ونشطاء حقوق الإنسان".

هذه الشركة هي Check Point Software، إحدى أكبر شركات الأمن السيبراني في العالم، ومقرها جنوب سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة الأمريكية، ووفقًا لـ Check Point، حُدّد الخادم المركزي المستخدم في الهجمات على أنه تابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية.

وأضاف أن الإحداثيات الجغرافية المدرجة في أحد التطبيقات المستخدمة لتتبع النشطاء تتوافق مع مقر وكالة التجسس الرئيسية في مصر، جهاز المخابرات العامة ومقرها شرق القاهرة.


هجوم سيبراني

وبحسب التقرير فإن الهجوم السيبراني بدأ في عام 2016، وجاء فيه: "إجمالي عدد الضحايا غير معروف؛ لكن الشركة تعرفت على 33 شخصًا، معظمهم من الشخصيات المعروفة في المجتمع المدني والمعارضة، الذين تعرضوا للهجوم في أحد أجزاء العملية التي كشفت".

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، اعتُقل اثنين من الشخصيات المعارضة البارزة الذين تعرضوا للهجوم السيبراني الذي اكتشفته الشركة الأمنية، وهما حسن نافع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وخالد داوود الصحفي والمخرج وعضو سابق في حزب الدستور، اعتُقل في 25 أيلول/سبتمبر 2019.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن الهجوم السيبراني على الهواتف وحسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالناشطين استخدم مجموعة متغيرة من تطبيقات البرمجيات الخبيثة لخداع المستخدمين.

على سبيل المثال، اكتشف الأشخاص المستهدفون الذين يستخدمون تطبيق Secure Mail، المستخدم لتأمين حسابات Gmail، أن حساباتهم قد اختُرقت وخُدعوا للكشف عن كلمات المرور الخاصة بهم.

شراكة إسرائيلية

جدير بالذكر أنه في 19 ديسمبر 2021، كشفت صحيفة The Globe and Mail الكندية، عن اختراق هاتف المعارض المصري المقيم في تركيا أيمن نور باستخدام برنامجي تجسس تابعين لشركتين إسرائيليتين متنافستين.

وأضافت الصحيفة أن باحثين في المختبر المدني بجامعة تورنتو الكندية وجدوا على هاتف نور برمجيات "بريداتور" التي طورتها شركة "سيتروكس" الإسرائيلية، وبرنامج "بيغاسوس" الذي طورته شركة "إن إس أو" الإسرائيلية.

كما اكتشف الباحثون اختراق هاتف منشق مصري آخر رفض الكشف عن هويته، وأن ذلك يقدم دليلاً جديدًا على عمق وتنوع صناعة القرصنة المدفوعة الهجومية.

أيمن نور من أبرز المعارضين للنظام المصري في الخارج، وكان مرشحًا سابقًا لرئاسة الجمهورية عام 2005، ورئيس قناة "الشرق" التلفزيونية المعارضة التي تبث من تركيا.

عند التحقق من سجلات البرنامجين الإسرائيليين، تبين أن القرصنة مرتبطة بنظام السيسي في مصر.

وأضافت الصحيفة أن الاكتشاف الأكبر ظهر في تحقيق مشترك مع شركة "ميتا"، فيسبوك سابقًا، والذي أكد أن للشركة الإسرائيلية أيضًا عملاء في دول خارج مصر، بما في ذلك أرمينيا واليونان وإندونيسيا ومدغشقر وعمان والسعودية وصربيا.

وهذا يجعل الأمن القومي لهذه الدول تهديدًا دائمًا من الشركات والأنظمة الإسرائيلية، التي لديها بالفعل إمكانية الوصول إلى كمية هائلة من المعلومات والمراقبة.


خيانة

وفي إشارة إلى الفضيحة، قال الناشط الحقوقي المصري مصطفى عز الدين إن "استخدام النظام المصري لتقنية التجسس الإسرائيلي يرقى إلى مستوى الخيانة العظمى، لأنه يعرّض الأمن القومي للبلاد للعدو الذي يهددها".

وأضاف لموقع الاستقلال الإخباري أن "إسرائيل من الدول الرائدة في إنتاج برامج التجسس ومن أكثر الأنظمة إثارة للاهتمام في العالم في مجال الحرب السيبرانية، وكل هذا التقدم نابع من حقيقة أنها في صراع فعلي مع الدول العربية التي تعارضها، وهي تعلم أن حروب الجيل الرابع ستكون في ميدان الحرب الإلكترونية ".

قال الممثل المصري لحقوق الإنسان إن الأنظمة التي يتعرض حكمها للخطر، ذهبت ومن أجل حماية نفسها، لشراء واستخدام هذه التقنيات من العدو، بغض النظر عن الخطر الذي تشكله عليها وعلى الشعوب، وأكد: "لأن العدو لا يعطيك إلا ما يضرك وينفعك، ولن يعطيك أبدًا ما ينفعك".

وأشار إلى أن "الأمر له بعد آخر، حيث أن الغرب والولايات المتحدة ناشطتان في منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش".

وأضاف: "إنهم يتتبعون الشركات والأنظمة التي تمنح الحكومات المستبدة في الشرق الأوسط، مثل نظام عبد الفتاح السيسي، برامج تجسس تسمح له بمهاجمة المعارضين والناشطين، ثم سجنهم أو قتلهم أو إخفاؤهم".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023