يوني بن مناحيم
موقع نيوز "1"
اجتمع رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن مع رؤساء الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، نهاية الأسبوع الماضي، في المقاطعة برام الله لبحث تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية، وحضر اللقاء جميع محافظي المدن ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه ووزير الداخلية زياد هب الريح ومعاوني رئيس السلطة الفلسطينية حسين الشيخ وماجد فرج.
وبحسب المصادر التي شاركت في الاجتماع، طالب أبو مازن المشاركين بفرض القانون والنظام بصرامة في مناطق السلطة الفلسطينية ومنع تدهور الوضع الأمني، حتى "يمكن كبح نوايا "إسرائيل" دخول المدن الفلسطينية والقضاء على السلطة الفلسطينية، وهو ما يعتبر إنجازًا وطنيًا في العقود الثلاثة الماضية".
وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، طلبت السلطة الفلسطينية من "إسرائيل" السماح لها بمحاولة السيطرة على الحالة الأمنية في مدينة نابلس من تلقاء نفسها، ولكن فيما يتعلق بمدينة جنين، بعد كل شيء، تعترف السلطة الفلسطينية بفشلها الأمني وبأن السيطرة الكاملة على المدينة قد انتقلت إلى أيدي المنظمات المقاومة.
من المحتمل أن يمنح الجيش الإسرائيلي السلطة الفلسطينية مهلة للعمل بمفردها في مدينة نابلس، لكن الوقت ينفد.
المجموعة المسلحة المعروفة باسم "عرين الأسود" لديها سيطرة شبه كاملة على المدينة، ويشكك مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية في قدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على السيطرة على الوضع في مدينة نابلس.
الوضع في جنين
عملية "اللدغة" التي نفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين، الأسبوع الماضي، كانت ناجحة بالنسبة للجيش الإسرائيلي، استشهد فيها 4 مواطنين ولم يصب جندي إسرائيلي واحد؛ لكن من الواضح أن مثل هذه الحرب الصعبة والمعقدة في منطقة مأهولة يمكن أن تؤدي إلى وقوع إصابات بين جنود الجيش الإسرائيلي، لذلك، يجب على الجيش التحول بسرعة إلى استخدام الطائرات بدون طيار الهجومية، خاصة بعد أن وافق رئيس الأركان مؤخرًا على استخدامها في الضفة الغربية لغرض محاربة المقاومة.
من وجهة نظر الفلسطينيين، كانت هذه العملية بمثابة ضرر عملياتي ومعنوي شديد ويطلقون عليها "مجزرة".
الشارع الفلسطيني غاضب من أبو مازن بعد المكالمات الهاتفية التي أجراها بمناسبة رأس السنة مع الرئيس يتسحاق هرتسوغ ووزير الجيش بيني غانتس وكذلك لطلبه التحدث هاتفيًا مع رئيس الوزراء يائير لبيد.
المنطقة غاضبة أيضًا من إعلان أبو مازن في خطابه في الأمم المتحدة عن استعداده لاستئناف المفاوضات السياسية على الفور مع "إسرائيل".
لا يبدي رئيس السلطة الفلسطينية أي تصميم عملي على محاربة المقاومة خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى حرب أهلية في الضفة الغربية من شأنها زعزعة استقرار حكمه، وكذلك خوفًا من حدوث تمرد داخلي في الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، الذين يرون المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين على أنه "عمل مشروع" من قبل الفلسطينيين.
وفي ظل هذه الخلفية، ينبغي ملاحظة الزيادة في عدد أفراد أمن السلطة الفلسطينية المشتركين في العمليات في الآونة الأخيرة.
يقول عضو بارز في حركة فتح: "لقد حان الوقت لأن يصبح احتلال بعض المناضق احتلالًا دمويًا سيكلف "إسرائيل" غاليًا من الناحية المادية والمعنوية ومن حيث الخسائر التي لحقت الجيش الإسرائيلي".
مهمة الجيش الإسرائيلي الآن هي إعادة مارد موجة المقاومة إلى الزجاجة قبل أن تمتد إلى باقي أنحاء الضفة الغربية وتفجر انتفاضة جديدة، ويجب عدم السماح لاستراتيجية المقاومة بالانتصار.
أفادت صحيفة "الرأي اليوم" في 29 أيلول/ سبتمبر عن مسؤولين أمنيين فلسطينيين أن "الحرس الثوري" الإيراني ومنظمة حزب الله يعملان خلف الكواليس لتصعيد الوضع الأمني في الضفة الغربية لزعزعة حكم أبو مازن.
موجة العمليات - نتيجة مباشرة لحارس الأسوار والهروب من سجن جلبوع.
مدينة جنين تقود المقاومة مرة أخرى في الموجة الحالية، كما فعلت في الانتفاضة الثانية عام 2000، وحصلت على لقب "عاصمة المقاومة" أو "جنين غراد" في الضفة الغربية أو "عش الدبابير"، وتجدد المقاومة في جنين بعد عملية "حارس الأسوار" عام 2021 وبعد هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع في أيلول من ذلك العام.
هل تدل الموجة الجديدة من العمليات على بداية المفهوم الأمني بأنه يمكن الوثوق بالسلطة الفلسطينية للتعامل مع المقاومة في المناطق (أ) الخاضعة لسيادتها الحصرية؟، يبدو أن هناك بوادر على انهيار هذا المفهوم، الشارع الفلسطيني لم يعد مستعد لقبول ما يحدث في المسجد الأقصى والقدس الشرقية من حيث الوجود الإسرائيلي فيهما، ولم تعد السلطة الفلسطينية مستعدة لأن تكون المقاول الأمني لـ"إسرائيل" في الضفة الغربية دون أن تتلقى عائدًا سياسيًا مناسبًا من منظورها.
الشهيد جميل العموري، الذي استشهد في مدينة جنين في حزيران من العام الماضي، أصبح رمزًا لموجة العمليات الحالية، ويهتف آلاف الفلسطينيين باسمه خلال تشييع جنازات الشهداء الفلسطينيين الذين استشهدوا، وكان العموري هو مؤسس الإطار الجديد للمقاومة في منطقة جنين المسمى "كتيبة جنين" التي توحد كافة الفصائل الفلسطينية وتدعمها حركة الجهاد الإسلامي.
أولى عمليات هذه المجموعة كانت إطلاق النار على حواجز الجيش الإسرائيلي في منطقة جنين، وبعد هذه المجموعة شُكلت مجموعات مسلحة أخرى مقلدة لها أطلقوا عليها: "كتيبة نابلس" و "كتيبة طولكرم" وكتيبة طوباس و "عرين الأسود" في نابلس.
القاسم المشترك بين كل الجماعات المسلحة الجديدة التي نشأت في جنين ونابلس وطولكرم هو أن أفرادها أسرى أمنيون محررون، مقربون من دين الإسلام، يعرفون بعضهم البعض في سجون "إسرائيل"، جميعهم في العشرينات من العمر وكانوا أطفالًا صغارًا خلال الانتفاضة الثانية وأثناء عملية "السورر الواقي".
كما اعتُقل عدد كبير منهم في معتقلات السلطة الفلسطينية بتهمة حمل أسلحة بدون ترخيص.
إن مجموعة "عرين الأسود" في مدينة نابلس هي جماعة مستقلة لكنها موجهة من حركة فتح، وعلى الرغم من ذلك، اضطهدتها السلطة الفلسطينية، وهكذا، على سبيل المثال، أمضى الشهيد إبراهيم الناسلسي ستة أشهر رهن الاعتقال على يد قوات الأمن الفلسطينية، على الرغم من أن والده كان برتبة عقيد في جهاز الأمن الفلسطيني.
وعلى الرغم من ذلك، فإن غضب هذه الجماعات المسلحة موجه ضد "إسرائيل" وليس ضد السلطة الفلسطينية، وهجماتها هي فقط ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وليس ضد السلطة الفلسطينية.
لا يهتم المستوى السياسي في "إسرائيل" في الوقت الحالي بتوسيع النشاط العسكري ضد المقاومة في الضفة الغربية على شكل عملية عسكرية كبيرة في شمال الضفة، خوفًا من أن يؤدي ذلك فعليًا إلى سقوط عشرات الشهداء الفلسطينيين وزيادة الدافع الفلسطيني للعمليات.
سيواصل الجيش الإسرائيلي أنشطته الهادفة إلى اعتقال مسلحين بشكل رئيسي في منطقة جنين بشرط أن ينجح رئيس السلطة الفلسطينية في منع العمليات من مدينة نابلس.
يقدر الجيش الإسرائيلي أن خطر المقاومة سيزداد في الفترة التي تسبق عيد العرش، وكذلك الإقتحام اليهودي إلى المسجد الأقصى، ويقدر المسؤولون الأمنيون أنه في حالة وقوع عمليات مع سقوط قتلى إسرائيليين، فإن المستوى السياسي سيجد ذلك يصعّب تحمل ضغط الرأي العام والدعوة إلى عملية عسكرية كبيرة في شمال الضفة.