هآرتس
ترجمة حضارات
مقال التحرير
رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، في مقاله في "هآرتس" (14.10) يقدم ثالوثه المقدس لتأمين مستقبل دولة "إسرائيل"، وكذلك السلام والمصالحة مع العالم العربي: القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية.
في الواقع، لا ينبغي التقليل من أهمية التقدم الذي حدث في السنوات الأخيرة في كل من هذه المجالات، لكن التهديد الأكثر خطورة على مستقبل "إسرائيل" باعتباره تحقيقا للرؤية الصهيونية، يتم تجاهله من قبل نتنياهو في أحسن الأحوال وتشويهه في أسوأ الأحوال.
في الواقع، نتعلم هذه الأيام أن القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية، ليست كافية لإخضاع الشعب الذي يقاتل ضد الاحتلال الأجنبي؛ والاستيلاء على الأراضي وضم وتوسع والدوس على حقوق الإنسان.
كما أن "المثلث الحديدي" لنتنياهو لا يتعامل مع الواقع الديموغرافي والسياسي بين البحر والأردن، والذي يحول "إسرائيل" عملياً إلى دولة فصل عنصري، حيث يدعي بأن الجانب الفلسطيني باعتباره عقبة أمام السلام ومخالف متسلسل للاتفاقات.
في تحليله "نسي" نتنياهو الإشارة إلى أنه في عام 2003 وافقت حكومة كان أحد كبار القادة فيها على "خارطة الطريق"، والتي تضمنت التزامًا بتفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار (مارس) 2001، وتجميد الاستيطان بشكل كامل (بما في ذلك النمو الطبيعي).
خلال حكم نتنياهو، تمت إضافة حوالي 50 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وزاد عدد المستوطنين بنسبة 50٪ (من 300.000 إلى أكثر من 450.000).
نتنياهو يدعي أن الفلسطينيين لا يعارضون السلام مع "إسرائيل" ويرغبون في اغتياله فحسب، بل إنهم "استخدموا حق النقض" ضد أي تقدم إضافي نحو السلام مع دولة عربية، هذه كذبة.
نتنياهو يتجاهل الدعم المستمر لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لمبادرة السلام العربية، التي تقوم على تطبيع العلاقات مع الدول العربية مقابل انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية، والمبادرة تنتظر منذ أكثر من عقدين من الزمن رد إسرائيلي.
"اتفاقات إبراهيم" التي يفتخر بها نتنياهو، وعن حق، كانت من مكونات "صفقة القرن" للرئيس دونالد ترامب ، والتي قامت على أساس حل الدولتين، نتنياهو يقترح انتظار هذا السلام حتى "تعزل الدول العربية الرافضين الفلسطينيين"، وتجعلهم يعترفون بدولة قومية يهودية، حسب قوله، شرطًا ضروريًا لإنهاء الصراع معهم.
هذا شرط مصمم لإفشال المفاوضات مقدما، وبالفعل، كما يعلم نتنياهو، فإن هذا الشرط الذي لم يعرض على أي دولة عربية، هو مرسوم لا تستطيع أي قيادة فلسطينية الامتثال له.
الطريق إلى السلام لا يتجاوز رام الله، كما يدعي نتنياهو، من يريد تجاوز رام الله وإخفاء بقايا أفق سياسي من الفلسطينيين، يقود "إسرائيل" إلى جدار حديدي لا مخرج منه، لا أمني ولا سياسي ولا اقتصادي ولا ديمقراطي.