هآرتس
كوبي يانيف
منذ ما يقرب من مائة عام الآن، في كل مرة -وهذا يحدث كثيرًا- يقتلنا الفلسطينيون، حتى عندما يقتلون جنودنا، نبكي بمرارة، "مرة أخرى قتلوا جندينا، وقتلوا مجنداتنا وماذا سيحدث ولماذا لا تقوم الحكومة والجيش بشيء؟ إنه مستحيل مثل هذا وإلى متى؟".
وهذا صحيح، فألم خسارة الحياة، بالتأكيد حياة شابة، للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، إنه أمر مفجع وثقيل بشكل لا يطاق، ولكن هذا الألم الرهيب بالتحديد هو الذي يتكرر ويتكرر، وتبقى الأسئلة "ماذا سيحدث؟ و" إلى متى؟ "و" ربما يكفي؟" ومرة أخرى ومرة أخرى ومرة أخرى..!
لكن، والحقيقة يجب أن تُقال، إطلاق النار على جنود جيش الاحتلال، حسب كل القوانين والأخلاق، عمل مشروع، كما كتب رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في كتابه "الإرهاب": كيف يمكن للغرب أن ينتصر"، "مقاتلو حرب العصابات ليسوا إرهابيين، إنهم جنود غير نظاميين، يقاتلون قوات الجيش النظامي وليسوا مدنيين، في الواقع، مقاتلو حرب العصابات هم عكس ذلك تمامًا من الـ"إرهابيين".
بالمقارنة مع مقاتلي حرب العصابات الذين يخوضون معركة ضد القوات العسكرية، الذين هم عادة أقوى منهم بكثير، يختار الـ"إرهابيون" مهاجمة المدنيين الضعفاء والعُزّل: كبار السن والنساء والأطفال - بشكل أساسي أي شخص، طالما أنهم ليسوا جنودًا، مع هؤلاء يحاولون قدر المستطاع تجنب المواجهة".
وهذا يعني، حسب معلمنا والحاخام بنيامين نتنياهو، أن المسلحين الفلسطينيين الذين قتلوا جنديًا وجندية الأسبوع الماضي عند نقاط التفتيش التابعة لجيش الاحتلال ليسوا "إرهابيين"، بل هم "مقاتلو حرب العصابات" الشرعيين الذين يقاتلون الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي.
وما هو الفرق حقاً بين جنود الجيش الإسرائيلي الذين يقتلون مسلحين فلسطينيين في الأراضي المحتلة، وبين مسلحين فلسطينيين يقتلون جنود إسرائيليين في الأراضي المحتلة؟ لا فرق، وإذا كان هناك، فهذا لمصلحة الفلسطينيين الذين يقتلون يحاربون الاحتلال العسكري الذي فرضه عليهم الإسرائيليون.
أما بالنسبة للسؤال "لماذا لا تفعل الحكومة والجيش شيئًا، بل أكثر وأكثر من ذلك بكثير، لإيقاف هذا؟"، فالجواب بسيط ومحزن -إنهم بالتأكيد يفعلون شيئًا، والكثير من شيء وشيء طوال الوقت، فها هي جميع حكومات "إسرائيل"، بأحزابها المتعددة، وكل الملايين الذين يخدمون في الجيش، والشين بيت وحرس الحدود لأجيال قد فعلوا ويفعلون كل شيء لقمع "الإرهاب" الفلسطيني، أي الفلسطينيين الذين يتطلعون إلى الحرية، لكن أيا من هذا لم يساعد، ولن يساعد.
بعد كل شيء، طردنا ما يقرب من مليون فلسطيني من هنا على مر السنين، ومسحنا من على وجه الأرض حوالي 700 بلدة فلسطينية، وفرضنا عليهم حكومة عسكرية يتبعها نظام عسكري، كما صادرنا أراضيهم وتعدينا عليها ونغتصبها، وقتلناهم بالآلاف وما زلنا نقتلهم وقادتهم ومسلحيهم ومواطنيهم وشيوخهم وأطفالهم، ولقد أسرنا مئات الآلاف من الفلسطينيين في سجوننا، وكل هذا وأكثر نكرره ونفعله مرارًا وتكرارًا مرارًا وتكرارًا، مرارًا وتكرارًا.
لكن كل هذا لا يساعد، و المقاومة الفلسطينية مستمرة، لماذا؟ لأننا نفعل الشيء نفسه مليون مرة، لكننا لا نفعل أبدًا ما يجب فعله.
لأن هناك طريقة واحدة، ربما، لوقف هذا، لحل هذا الصراع وتسويته، وهي تحرير الفلسطينيين من قبضتنا القاسية، والسماح لهم بالعيش هنا بحقوق متساوية لنا وبانتخابات كاملة مثلنا، وإلى أن يحدث ذلك، فإن كل شيء سيستمر هنا تمامًا كما هو حتى الآن.