هآرتس
يوسف مشهراوي
لأكثر من سبعة عقود، منذ قيام دولة "إسرائيل" التي تستمر في الازدهار، كان الشعب الفلسطيني في حالة بقاء مستمرة في الأراضي المحتلة وشرق القدس وفي المنفى.
في نفس الوقت الذي تحقق فيه هذا النجاح، اعتاد شعب "إسرائيل"، للأسف، على حقيقة أنهم يسيطرون على أمة أخرى، لذلك، فإن أي تصعيد في الوضع الأمني في الضفة الغربية -كما يحدث هذه الأيام- يثير الدهشة بشكل متكرر في الإعلام الإسرائيلي وكأنه جاء من العدم، كأن روتين الحياة اليومية لا ينقطع في كل وقت، وكأن من المشروع أن الرد العسكري سيكون قاسياً لدرجة تكاد تكون حرباً في الضفة الغربية - يقتل كل يوم، بما في ذلك الأطفال وكبار السن والأطباء وكذلك الشباب الفلسطينيون "فقط" الذين يبحثون عن شيء واحد فقط، وهو الاعتراف بحقوقهم وإقامة دولة فلسطينية_ دولة ستمنحهم الأمل كما تقرر في الأمم المتحدة مع قرار إقامة دولة "إسرائيل".
باعتباري عربيًا فلسطينيًا إسرائيليًا مُقدر أن يعيش بهوية معقدة، فأنا لا أفهم اللامبالاة والرضا الموجودين في "إسرائيل" فيما يتعلق بالحقيقة الأساسية المتمثلة في أن هناك أيضًا شعبًا فلسطينيًا يطالب بالاستقلال، وتجاهل أي تأخير في التعامل معه، ستؤدي المشكلة إلى تفشي أمني أكثر خطورة.
يتم التعبير عن هذه اللامبالاة واللامبالاة بشكل رئيسي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تتعاون مع إنكار الواقع من جانب السياسيين وتلغي الحقائق التاريخية ووجود أمة بأكملها، لكن هذه الأمة لن تذهب إلى أي مكان.
وعلى الرغم من أن هذه الأمة لن تذهب إلى أي مكان، فإن اللوحات السياسية على شاشات التلفزيون تضم في الغالب أشخاصًا يمينيين، أو أولئك الذين يطلقون على أنفسهم الوسطيين لتبرير وجودهم السياسي، إنهم فارغون من اليساريين الحقيقيين والغربيين الذين لا يدعون أنهم سيقدمون الجانب الآخر أيضًا.
تعكس هذه اللوحات وسائل الإعلام نفسها، التي تهاجم رئيسة حزب ميرتس لأنها تجرأت على مطالبة وزير الجيش بكبح جماح جنود الجيش الإسرائيلي قليلاً، كما لو أن المزيد والمزيد من الفلسطينيين لا يُقتلون كل يوم، كأنه لا يوجد جنود في الجيش الإسرائيلي بيد خفيفة على الزناد، وكأن لا جنود في الجيش يأتون من بين شباب التلال، المليئين بالكراهية للفلسطينيين، الذين يسعون للسيطرة عليهم حتى مع البنادق والزي العسكري.
وسائل الإعلام نفسها، حتى لو وجهت دعوة إلى شخص عربي تمت مقابلته إلى الاستوديوهات، فإنهم يوجهون إليه الاتهامات دون إعطائه فرصة حقيقية لشرح موقفه، و وسائل الإعلام هذه في معظمها لن تعطي تفضيلًا إيجابيًا لكتاب الرأي العربي الذين يحاولون إيصال صوتهم إلى عامة الجمهور الإسرائيلي حتى يتم فهم منطقهم.
ستلغي وسائل الإعلام بشكل شبه كامل البرامج العربية التي كانت في ساعات المشاهدة العادية، وتنقلها إلى صباح السبت عندما يكون الجميع نائمين، كما حدث مع برنامج الإعلامي فرات نصار.
يجب على وسائل الإعلام هذه أن تقيّم وتكف عن تجاهل الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، حتى لو تم تجاهل الموضوع دون وعي، فسيجعلنا هذا "البحث عن النفس" نتوقف للحظة، ونعيد حساب الدورة التدريبية بحيث يكون هناك أمل حقيقي لأطفالنا الذين سيتمكنون أخيرًا من التنفس.
ولكن حتى يتم إجراء مثل هذا الحساب، لا يسعنا إلا أن نأمل أن يخرج جميع مواطني "إسرائيل"، يهودًا وعربًا، للتصويت من أجل إحداث تأثير والخروج من دوامة العقل الباطن والإنكار نحو الاتجاه الواعي والأمل و النجاح.