كتب الصحفي الصهيوني بن درور يميني في مقالته يوم الأربعاء 19/أكتوبر، حول حواره مع امرأة يهودية، كانت تلك المرأة قد هاجرت إلى فلسطين كيهودية صهيونية مؤمنة بحقها في أرض الميعاد، رغم أنها كانت تعيش في بلجيكا آمنة مستقرةً، إلا أن صهيونيتها دفعتها للهجرة والاستيطان في فلسطين، وقد تزوجت وأنجبت، وبلغ ابنها البكر سن التجنيد، وهو وحيدها، وقد طلب منها أن توافق على تجنده في الوحدات القتالية في الجيش الصهيوني، فهو صهيوني كأمه، ويريد أن يخدم -ما اعتبره- وطنه، بالرغم من أنه معفيٌ من الخدمة القتالية؛ كونه وحيد أمه، ولكن الأم رفضت التوقيع رفضاً قاطعاً، وعندما سُئلت عن سبب الرفض قالت: "لن أسمح له أبداً أن يذهب لحماية البؤر الاستيطانية في الضفة".
قلت لها كصحفي: ولكن هذا يعني رفض للخدمة، وهل هذا يليق بصهيونية مثلك
فقالت: "إن مقتل الجندي الصهيوني "عيدو باروخ" قبل أيام في منطقة دير شرف، وهو يحرس المستوطنين قد كسر قلبي"، وأضافت: "أنا لست مستعدةً أن يُقتل أحد بسبب عدد من المستوطنين قرروا -لوحدهم- أن يزرعوا بؤرة استيطانية، لا ابني ولا أي أحدٍ غيره"، وقالت: إن هؤلاء المستوطنين لا يحترمون الديموقراطية والأغلبية، ولا قرار الحكومة، هؤلاء الذين يضعون خيامهم على كل تلة في الضفة الغربية، ويقومون بالتنكيل بالمزارعين الفلسطينيين، لماذا على ابني أن يذهب إلى هناك ويقوم بحمايتهم، إن كانوا يريدون البقاء هناك فليدافعوا هم عن أنفسهم".
فقال لها الصحفي: لكن هذه أرض الآباء والأجداد، ولدينا حقوق فيها، فلماذا لا يكون فيها يهود؟
فقالت: "أنا لست بحاجة لأن تعطيني درساً في الوطنية، ولن تقنعني أن تلك أرض أجدادي، ولكن هناك تقديرات سياسية، وليس هناك أي حاجة لإقامة أي بؤر استيطانية تزيد من حدة الصراع مع الفلسطينيين، بسبب هؤلاء المستوطنين سنفقد البلاد كلها".
ولكن هؤلاء يقولون أنهم -يقول الصحفي- يتواجدون على تلال الضفة الغربية؛ لكي يقوموا بحمايتنا هنا في تل أبيب فهل ندعهم يتلقون غضب الفلسطينيين هنالك بدلاً منّا، وبدل أن يصل داخل الى المجتمع اليهودي؟
فأجابت: "بل على العكس، هؤلاء هم من يستعجلون ويستجلبون الغضب الفلسطيني، هم لا يعملون لي معروفاً، هم فقط يزيدون الوضع سوءاً، لقد رأيتهم وهم يعتدون على الفلسطينيين، والجيش الإسرائيلي يقوم بحمايتهم، وأحياناً يشاهد ولا يتدخل، لذلك ولدي لن يكون هناك أبداً".
ولكن -قال الصحفي محاولاً إقناعها- ربما قد تسيطر حماس على الضفة الغربية، إن لم يكونوا هناك، أليس من الأفضل أن يبقى هؤلاء هناك يحرسوننا، طالما أن السلام مع الفلسطينيين لن يتحقق؟
فأجابت: "أنت نفسك غير مقتنع بهذا الكلام حتى تقنعني به، فإنهم يتواجدون هناك لأنهم يؤمنون بأرض "إسرائيل" الكبرى، لا لأنهم يحرسوننا غداً فيذهبون إلى إقامة بؤرة استطانية غير شرعية، فلماذا يجب أن يذهب ابني لحمايتهم، هم باتوا يحددون السياسة الأمنية الإسرائيلية، هم من يحددون أين يجب أن ينتشر الجيش، جيشنا لديه الكثير من المهمات ولا داعي أن يزيدوا عليه همه، وأكدت -بشكل قاطع- أنها لن تسمح لابنها أن يذهب هناك ليقتل حماية للمستوطنين".
ويختم الصحفي بقوله: يبدو أن قلبها يؤلمها بعد مقتل الجندي "عيدو باروخ" قبل أيام.
وهنا، لابد من تعليق لنا على هذا الحوار مع تلك المرأة الصهيونية التي جاءت إلى فلسطين تحلم بالسمن والعسل، إلى أن وصل بها الحال أن تقرر لولدها إن كان سيقتل هنا، وهي ستوقع على قرار قتله، أم أنها ستختار حياة ولدها على ما آمنت به من صهيونية طوال عمرها، وبذلك نرى أن ما يوفر الحماية للفلسطينيين من اعتداءات المستوطنين هو المقاومة التي أخافت هذه المرأة من أن ترسل ولدها، وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً فإن حركة الأمهات الأربع في جنوب لبنان -تلك الحركة التي تشكّلت على خلفية قتل المقاومة اللبنانية للجنود الصهاينة- قد دفعت برئيس الحكومة الصهيونية أن ينسحب من لبنان؛ كي لا تفقد الأمهات اليهوديات أبنائهن.
تقول واحدة من تلك الأمهات: "مع كل قتيل في لبنان كانت تفقد تلك الحرب شرعيتها، ومع كل أمٍ ثكلى كانت التظاهرات ضد الحرب تزاد قوة".
وعلى ما يبدو أن الطريقة الوحيدة لجعل العدو الصهيوني وقيادته السياسية أن يتخذ قراراً مماثلاً هو ازدياد واشتداد ضربات المقاومة على جنود العدو الذين يحمون مستوطنيهم المنتشرين في الضفة الغربية، فالعدو ما انسحب من لبنان إلا تحت ضربات المقاومة، والعدو ما انسحب من غزة إلا تحت ضربات المقاومة، والعدو ما بنى جدار الفصل؛ ليحتمي خلفه؛ إلا بسبب ضربات المقاومة، وعلى ما يبدو أن رصاصات المقاومة تكتب كلماتٍ هي أقوى في قلوب أمهات العدو من خرافات توراةٍ كتبها لصوص ليل.
22-10-2022