صفعة تركية على وجه إسرائيل

موقع نيوز "1"

ميراف اراد

بعث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برسالة تهنئة إلى رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو بفوزه في الانتخابات، وأعرب في رسالة التهنئة عن أمله في أن تواصل الحكومة الإسرائيلية الجديدة التعاون بين البلدين في كافة المجالات بما يحقق السلام والاستقرار في المنطقة.

وقام الرئيس أردوغان بتغيير استراتيجي في علاقته مع "إسرائيل" في العام الماضي، ليس من منطلق حبه لـ"إسرائيل" ولكن نتيجة لاعتبارات سياسية واقتصادية لتحسين مكانة تركيا الإقليمية والدولية والرغبة في المشاركة في أرباح احتياطيات الغاز في البحر الأبيض المتوسط.

العلاقة الشخصية بينه وبين رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو سيئة للغاية وعلى مدى العقد الماضي غالباً ما هاجم نتنياهو شخصياً بسبب معاملته للفلسطينيين، وفي الأسبوع الماضي، أحرجت تركيا حكومة لابيد والرئيس بوجي هرتسوغ، الذي استجاب لتقدم الرئيس أردوغان ووافق على فتح صفحة جديدة في العلاقات الإسرائيلية التركية.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود أوغلو في أنقرة رفض تركيا مطالب "إسرائيل" بطرد قيادة حماس من أراضيها خلال الاتصالات الثنائية بين البلدين، وأضاف أن بلاده لا تعتبر حركة حماس حركة إرهابية وترفض طرد قادتها من تركيا.

في الشهر الماضي، زار وزير الجيش بيني غانتس تركيا والتقى بالرئيس أردوغان، وطالب بين الاثنين بطرد قيادة حماس ونشطاء جناحها العسكري من تركيا.

وفي الأشهر الأخيرة، انتقل زعيم حماس إسماعيل هنية مع أفراد أسرته للعيش بشكل دائم في تركيا وانضم إليه أعضاء كبار آخرون في الحركة، ما يثير قلق "إسرائيل" بشكل كبير هو على وجه التحديد الوجود المادي لممثلي الجناح العسكري لحركة حماس في تركيا.


مكتب الفرع العسكري في إسطنبول

للجناح العسكري لحركة حماس مكتب كبير في إسطنبول يعمل به، من بين أمور أخرى، مبعدين من "صفقة شاليط" تم ترحيلهم من الضفة الغربية إلى الخارج كجزء من الصفقة في عام 2011، وجزء من نشاطهم توجيه العمليات في الضفة الغربية والقدس الشرقية ومحاولات تجنيد فلسطينيين من الضفة الغربية والقدس الشرقية وطلاب من عرب "إسرائيل" يدرسون أو يزورون تركيا في صفوف حماس وحزب الله وإيران.

تركيا، من خلال رئيسها أردوغان، تقود محور "الإخوان المسلمين" في الشرق الأوسط، وهي الحركة الأم لحركة حماس.

قبل أكثر من عامين، تورطت حماس تركيا في قضية غسيل وتهريب أموال للذراع العسكري في قطاع غزة من خلال مكتبين كبيرين للصرافة في إسطنبول؛ ونتيجة لذلك أدانت محكمة في المملكة العربية السعودية حوالي 60 من نشطاء حماس كانوا أعضاء في شبكة غسيل الأموال والتهريب هذه، وتم اعتقالهم بأمر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد أن قدمت "إسرائيل" والولايات المتحدة معلومات دقيقة للمخابرات السعودية حول أنشطتهم في المملكة العربية السعودية وتركيا، وحكم عليهم بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاماً.

المسؤول عن مكتب حماس في تركيا هو صالح العاروري، الرجل الثاني في المنظمة الذي يشغل منصب رئيس الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية والمسؤول عن الاتصال بحزب الله وإيران، لكن على ما يبدو، بحسب مصادر في قطاع غزة، إن الفرع السري في إسطنبول هو أيضا مشروع شخصي ليحيى السنوار، وأنه استخدمه بشكل أساسي لأغراض الذراع العسكرية في قطاع غزة.

فشلت "إسرائيل" حتى الآن في مساعيها مع السلطات التركية لإغلاق الفرع العسكري لحركة حماس في إسطنبول، فهي تحاول تحقيق إغلاق المكتب في إسطنبول منذ ما يقرب من 10 سنوات. 

وبحسب مصادر حماس، فإن المنظمة تدير غرفة استماع متطورة في إسطنبول لوسائل الاتصال والتواصل في "إسرائيل" وتوفر معلومات استخبارية لحزب الله وإيران.

هذا المكتب يديره عبد الحكيم حنني، المقرب من مسؤول حماس البارز صالح العاروري، الذي اضطر هو نفسه لمغادرة تركيا بسبب الضغط الأمريكي الإسرائيلي، ويتواجد حالياً في حي الضاحية ببيروت ومن هناك يُشغل المكتب في إسطنبول.

الإعلان الرسمي التركي عن رفض المطالب الإسرائيلية المتعلقة بحماس هو صفعة علنية في وجه الرئيس هرتسوغ وحكومة لابيد، ربما تم ذلك قبل دخول بنيامين نتنياهو مكتب رئيس الوزراء لإثبات الحقائق على الأرض.

يعكس هذا الإعلان مرة أخرى أن الرئيس أردوغان لم يغير موقفه تجاه حماس وأن تحسين العلاقات التي بدأها مع "إسرائيل" يهدف فقط إلى خدمة مصالح تركيا دون مراعاة المتطلبات الأمنية لـ"إسرائيل" في التعامل مع أنشطة لحركة حماس من داخل التراب التركي.

أعلنت منظمات "تحالف أسطول الحرية" أنها تستعد لتجديد قوافل السفن إلى قطاع غزة من أجل كسر الحصار الإسرائيلي، ومن المحتمل أنها ستحاول مرة أخرى مساعدة المنظمات من تركيا كما حدث مع أسطول "مرمرة" عام 2010 مما أدى إلى أزمة كبيرة في علاقات "إسرائيل" مع تركيا.

سيتعين على رئيس الوزراء المكلف نتنياهو إعادة تقييم علاقات "إسرائيل" مع تركيا على الرغم من تجديد التطبيع بين البلدين في العام الماضي، ويجب على "إسرائيل" ألا تتنازل لتركيا عن موضوع نشاط حركة حماس من أراضيها ضد "إسرائيل"، عملياً، تعتبر تركيا دولة داعمة لـ"لإرهاب" طالما استمر هذا النشاط على أراضيها بينما يغض الرئيس أردوغان الطرف عنها.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023