هآرتس
عاموس هرائيل
الهجوم على ناقلة النفط في الخليج العربي، يوم أمس (الثلاثاء)، هو حادث غير عادي من نوعه في الآونة الأخيرة، حيث تم توجيه أصابع الاتهام على الفور إلى إيران، بناءً على مكان الحادث، والوجهة (سفينة مملوكة جزئيًا لشركة إسرائيلية)، والتوقيت والسياق_يبدو أنها كانت محاولة إيرانية للانتقام من هجوم نُسب إلى "إسرائيل" على قافلة أسلحة إيرانية على الحدود العراقية السورية الأسبوع الماضي.
وتصف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الهجوم في الخليج بأنه "خطأ استراتيجي" من قبل إيران، وستحاول الاستفادة منه ضد النظام، مع افتتاح الحدث الأكثر تغطية في العالم في بداية الأسبوع المقبل_بطولة كأس كرة القدم في دولة قطر المجاورة.
الحملة بين الحربين (MABM) التي تشنها "إسرائيل" ضد إيران ووكلائها، امتدت إلى البحر لمدة عامين ونصف، لكنها انتهت فعليًا في صيف عام 2021، وفي ذلك الوقت، نقلت وسائل الإعلام الدولية عن عشرات الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت سفن إيرانية أغلبها ناقلات لنقل النفط إلى سوريا.
وزعمت "إسرائيل" أن الإيرانيين يبيعون النفط للسوريين في انتهاك لحظر دولي، وأن الأرباح تستخدم في تمويل إمداد حزب الله بالسلاح في لبنان.
ورد الإيرانيون بسلسلة من الهجمات على سفن وناقلات نفط مملوكة جزئيًا لـ"إسرائيل" في الخليج وبالقرب منه، كانت الأسوء، في يوليو 2021، حيث قتل اثنان من أفراد الطاقم على متن سفينة "شارع ميرسر".
ومنذ ذلك الحين، تراجع عدد الحوادث في البحر، ويبدو أن كلا الجانبين يفضل تبادل الضربات في ساحات أخرى.
لكن في الأسابيع الأخيرة، عانى الإيرانيون من بعض الضربات التي نسبوها إلى "إسرائيل"، ففي 8 تشرين الثاني، تفجير قافلة شاحنات إيرانية كانت تقوم بتهريب أسلحة قرب معبر الكمّال شرقي سوريا، وقبل ثلاثة أيام، وردت أنباء عن هجوم جوي آخر على مطار قرب مدينة حمص وسط سوريا، بينما أُعلن -يوم أمس- عن إحباط محاولة الحرس الثوري الإيراني لخطف رجل أعمال إسرائيلي في جورجيا مؤخرًا.
كل هذه الأحداث تجري على خلفية صورة دولية يبرز فيها تطوران آخران، حيث يواجه النظام في إيران موجة احتجاجات واسعة النطاق -مستمرة منذ شهرين- وبدأت بكفاح النساء من أجل حقهن في عدم ارتداء الحجاب، وشددت إيران علاقاتها مع روسيا، بينما تزود موسكو على نطاق واسع بطائرات مسيرة هجومية، لحربها في أوكرانيا.
لم تعزز هذه الاتجاهات موقع إيران في الغرب، ففي هذه المرحلة، ليس من الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن -بعد النتائج الجيدة نسبيًا له في الانتخابات النصفية الأمريكية الأسبوع الماضي- ستختار محاولة تجديد المحادثات النووية مع الإيرانيين.
لمهاجمة الناقلة، أحد مالكيها المشتركين وهي شركة تابعة لرجل الأعمال عيدان عوفر -استخدم الإيرانيون طائرة مسيرة هجومية- وهو نموذج حدده الروس أيضًا في أوكرانيا.
وفي "إسرائيل"، تم وصف الأضرار التي لحقت بالناقلة الحد الأدنى، ولم يبلغ عن وقوع إصابات، ويبدو أنه لم يكن هناك مواطنون إسرائيليون على متن الناقلة على الإطلاق.
تسعى "إسرائيل" الآن إلى تسخير المجتمع الدولي، وخاصة الأمريكيين، لاتخاذ خطوات أكثر استباقية تجاه الإيرانيين.
إن الولايات المتحدة -من خلال التحالف الذي تقوده- هي المسؤولة عن سلامة الملاحة في طرق الخليج الفارسي، ولكن من الصعب رؤية واشنطن تشرع في تحرك عسكري كبير ضد إيران في المستقبل القريب أو البعيد، وكما ذكرنا، فإن بطولة كأس العالم -أيضاً- في الخلفية.
في "إسرائيل"، كان هناك ادعاء بأن الهجوم على الناقلة قد يعكس محاولة إيرانية لإلقاء ظلال على افتتاح البطولة في قطر، الدولة المجاورة التي تكون علاقاتها مع طهران دائمًا معقدة، بل ومتوترة في بعض الأحيان.
لاشك إذا كان هذا هو التفسير الصحيح، يواجه النظام في طهران -أيضًا- موجة احتجاجات يجد صعوبة في قمعها، حتى أن بعض لاعبي المنتخب الإيراني -الذي سيشارك في البطولة- اتخذوا خطوات علنية للتعاطف مع المتظاهرين، في حين تعرض مدرب المنتخب البرتغالي كارلوس كيروش بأسئلة حول موقفه من الاحتجاج، في مؤتمر صحفي قبل مباراة إيران الافتتاحية في البطولة ضد إنجلترا.
أي محاولة إيرانية لتعطيل مباريات الكأس ستعود للنظام مثل مرتدة، وتسلط الضوء على مشاكله الداخلية، والأرجح أن ما حدث في الخليج كان محاولة للانتقام من "إسرائيل"، أو على الأقل توجيه تحذير لها، على خلفية الهجمات السابقة في سوريا.
عندما يتعلق الأمر بالإيرانيين، لا ينبغي لأحد أن يقول "أبدًا"، ولكن في الوقت الحالي يبدو أن هذه إشارة مهددة، ولكنها محدودة تجاه إسرائيل والغرب، والتي لا تهدف إلى إشعال المنطقة في الوقت الحالي.