منصور عباس.. الفائز الأكبر في الانتخابات

يسرائيل هيوم

أوفي هعفري



لا يوجد نقص واضح في الرابحين من عودة نتنياهو إلى رئاسة الوزراء -من خلال ذروة إنجاز الصهيونية الدينية- إلى صعود شاس المثير للإعجاب، لكن النجاح الكبير -الذي يعتمد على مزاياه الخاصة- هو نجاح منصور عباس وحزبه راعام.

النتائج ليست فقط مبررة ومكافأة على الخطوة السياسية غير العادية التي قام بها فحسب، بل جعلت منه الشخصية السياسية الأكثر أهمية في الوسط العربي في "إسرائيل"، وشخصية ذات تأثير كبير على النظام السياسي.

للوهلة الأولى، لم يكن الإنجاز مثيرًا للإعجاب بشكل خاص: خمسة مقاعد، حوالي 195 ألف صوت، في حين أن القائمة المشتركة لحزبى الجبهة وتعال لديها ما يقرب من 180 ألف صوت و 5 مقاعد، وقائمة بلد التي لم تتجاوز نسبة الحسم، ما يقرب من 140 ألف صوت تساوي 3 مقاعد.

أي أن حزب راعام وحده حصل على 40٪ من أصوات الأحزاب العربية، و 60٪ تم تقسيمها على الثلاثة الآخرين، لكن معنى الأرقام أن حزب راعام -بهامش كبير- هو أكبر حزب عربي، والوحيد الذي تجاوز وحده نسبة الحسم.

جاء هذا النجاح بعد الخطوة المثيرة للجدل في القطاع، التي اتخذها عباس عام 2021، عندما أعلن استعداده لشراكة ائتلافية مع الأحزاب الصهيونية، والتفاوض مع نتنياهو وخصومه.

وانتهى الأمر بعباس للانضمام إلى ائتلاف بينيت ولبيد، في مواجهة معارضة قوية في القطاع وحتى في حزبه، وكان من الممكن أن تنتهي الخطوة بانهيار سياسي كامل وانحدار، لكن حدث العكس.

لم يرفض الناخبون العرب الخطوة، بل كافأوه بزيادة كبيرة في الأصوات، الأمر الذي أعطى لراعام مكانة أكبر حزب عربي، وتوج عباس بالزعيم الفعلي للقطاع، وذلك لأن النتائج ليست مجرد مكافأة لخطوة سياسية معينة، بل هي كسر لحق النقض 40 عاماً الذي فرضته الأطراف العربية في "إسرائيل" على التعاون الفعلي مع الأحزاب الصهيونية.

لم يكن هذا هو الحال دائمًا، لأنه في السنوات الثلاثين الأولى من عمر الدولة، كان هناك عدد من الأحزاب العربية في شراكة مع الحزب الحاكم، حتى عام 1981، كان اليهود فقط أعضاء في حزب ماباي والعمل، وشكل مؤيدو القطاع أحزابًا تابعة، انضمت إلى الائتلاف.

ومن بينها "القائمة الديمقراطية لعرب "إسرائيل" (1951-1959)، "التقدم والتنمية" (1959-1973)، و "القائمة العربية الموحدة للبدو والقرى" (1973-1981).

فازت هذه الأحزاب بأكبر عدد من أصوات الوسط العربي، بينما كان الحزب الشيوعي لا يزال يهوديًا في الغالب.

تغير الوضع بعد عام 1977، عندما أوقفت حكومات الليكود الضغط الحكومي على العناصر المتطرفة في القطاع، وفي نفس الوقت تحول حزب العمل لجذب الأصوات العربية إليه مباشرة، وكانت النتيجة القضاء على الأحزاب العربية المعتدلة، وصعود العناصر المتطرفة إلى قيادة القطاع.

بعد أكثر من 40 عاما من الفيتو، يشعر الشارع العربي أنه في طريق مسدود، حيث كان عباس أول زعيم عبر عن ذلك صراحة، عندما أعلن أن "إسرائيل" دولة يهودية.

ويأتي هذا البيان لإبطال التوجهات القتالية للجماعات المتطرفة بين العرب، والتي بموجبها تصطدم المواجهة الأمامية بالدولة الصهيونية بالتدريج، بل وحتى الفناء.

من وجهة نظر عباس، هذا وهم لا ينفصل عن الواقع فحسب، بل يهدد عرب "إسرائيل" بالدخول في معركة لا يستطيعون الانتصار فيها.

إن دعم الناخبين لموقفه يسمح لعباس بدفع أرجل خصومه، وقيادة حزبه ليصبح نسخة عربية من شاس.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023