ماذا يجري في دولة الاحتلال؟

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

بقلم: ناصر ناصر

28-11-2022




بعد الفوز الكبير لتآلف "الصهيونية الدينية" بصيغتها الأكثر تطرفاً وعنصرية وتديناً، ممثلة بسموتريتش وبن غفير وأفي ماعوز، وبدعم كبير ومكثف من نتنياهو، الذي يعتبر نفسه والليكود "يميني ليبرالي" لمواجهة محاكمات فساده وتخريب كل المنظومات التي تقف في وجهه من أجل ذلك، بعد هذا الفوز الكبير دخلت دولة الاحتلال في مرحلة جديدة، وفي ذروة لم يسبق لها مثيل من التطرف والتدين والعنصرية؛ فأين وصلت الأمور؟ وكيف ومتى سيتم تشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل ستستقر الأوضاع بعد الأزمة المستمرة منذ سنوات؟ وهل سيتم تنفذ تهديدات قادة في الحكومة ضد الفلسطينيين؟.

أولاً: تستمر المفاوضات ومشاكلها ويبدو بأن الليكود سيحصل على حوالي 16 وزارة منها الدفاع والخارجية والتربية والتعليم ووزارة العدل والمواصلات، أما سموتريتش فللمالية وبعض الوزارات الأخرى والصلاحيات الأخرى، وابن غفير للامن القومي الموسع والخطير وبعض قيادات الليكود كديفيد بيتان غير راضون وينتقدون سلوك نتنياهو، وتوزيعه للحقائب على غير الليكود.  

اليوم هدد أنصار شاس، بأنه لن يتم الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة إلا بعد أن يتم تغيير قانون أساس الحكومة ليسمح لمن تمت إدانته بمخالفات جنائية، وتشمل "وصمه عار" "كالون" العمل كوزير، القانون الأساس سيتم تفصيله على مقاس آرييه درعي ويشترط لمنع تكليف من أُدين بوزارة إذا تم حكمه فعلياً وليس مع وقف التنفيذ.  

ثانياً: للأسباب السابقة وغيرها قد يتأخر تشكيل الحكومة إلى حوالي أسبوعين على الأقل، وليس كما يسوِّق أنصار الليكود أنها في الأسبوع القادم، ومن المرجح أيضاً أن تستخدم المعارضة ورقتها عبر رئيس الكنيست، لتأجيل إعلان الحكومة أسبوع وفقاً لصلاحيته؛ هكذا إذاً ورغم أنها أحزاب يمين يمين بالكامل تتأخر مفاوضات تشكيل الحكومة وقد تكون هذه حكومة مستقرة وقوية نسبياً، إلا إذا حدثت أزمات غير متوقعة وخاصة على موضوع الدين والدولة في "إسرائيل".  

ثالثاً: من يتابع عملية تشكيل الحكومة في دولة الاحتلال سيجد نوع من الإثارة في تكتيكات وألاعيب الأحزاب، التي يغيب عنها إلى حد كبير أخلاق وقيم الصدق والوفاء والتضامن، وليس غريباً فالمحتل القاتل المجرم يمكنه أن يتحول إلى مسخ بصيغ مختلفة دينية وسياسية مختلفة، حتى داخل عائلته الخاصة.  

رابعاً: فيما يتعلق بالفلسطينيين فقد صرح اليوم العميد السابق وعضو الكنيست عن حزب بن غفير، تسفي فوجيل، بأن على "إسرائيل" وجيشها استبدال مسألة استخدام "المناسبة" في القوة إلى استخدام رادع للقوة قائلاً: "علينا استخدام كل ما لدى الجيش من صواريخ ودبابات وطائرات لمواجهة الفلسطينيين؛ لكي يستيقظوا في الصباح خائفين ومردوعين وأن ننقل الخوف إلى بيوتهم"، وهو موقف طبيعي من جنرال متطرف وعنصري ويمثل تيار يتزايد داخل صفوف الجيش.  

خامساً: في مقابل التطرف والارهاب اليميني المتصاعد تلتزم السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بالأدب والهدوء، وبأكثر مما هو مطلوب منها وتحقق انجازات أمنية، "وهي عبارة عن إخفاقات وطنية وأخلاقية ومصلحية أيضاً، من خلال احتراق ظاهرة جنين وعرين الأسود بالإغراءات وغيرها، والمزيد من الاعتقالات وسحب وضبط سلاح المقاومين، على أمل أن يتم استخدام هذه "الإنجازات" من قبل قادة الجيش من اليمين الأقل تطرفاً، في مقابل الأكثر تطرفاً في الحكومة فهل يمكن أن تنجح السلطة في نيل رضا وسكوت حتى أشد المتطرفين تطرفاً كابن غفير؟.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023