يسرائيل هيوم

البرفسورة ليمور سميمان دورش

صرح أوباما خلال أحداث الثورة الخضراء في إيران في عام 2009 قائلاً: "لن يكون مثمراً إذا تم تصوير الولايات المتحدة على أنها تدس أنفها في الجدل الإيراني حول انتخاب الرئيس"، مضيفاً: "هذه ليست مسألة يجب ان يتدخل فيها الشعب الأميركي".

لم تكن سياسة أوباما هذه عرضية، ولقد رأى إيران كحليف محتمل في الشرق الأوسط، مما سيساعد في تحقيق رؤيته لخلق "توازن" جديد بين القوى الشيعية والسنية.

من أجل الحصول على أحذية الجنود الإيرانيين على الأرض في الحرب ضد داعش في العراق وفي وقت لاحق أيضاً في سوريا -كان من الضروري اتباع سياسة مزدوجة، الفصل بين النظام القاتل والعدواني تجاه شعبه والدول الأخرى، وبين محاولة اقتسام طريق جديد من التحالفات والمصالح.

كانت هذه أيضاً البنية التحتية المفاهيمية في أساس الاندفاع للاتفاقية النووية مع إيران.

وبقيت قضايا الـ"إرهاب" العالمي والصواريخ الباليستية خارج الاتفاقية، وكأنها تخص دولة غير تلك التي وقعت معها شروط تأخير حيازة السلاح النووي.

نظر الغرب من هنا، وأغمض عينيه من هناك، مما مكن إيران من الحياة المزدوجة، "المعتدلون" باتفاق نووي، لكن لا يتدخلون في الـ"إرهاب"، تتعاون معها في حرب واحدة، لكنها تسمح لها بالعمل دون تدخل في مكان آخر.

في وقت لاحق، فشلت هذه السياسة فشلاً ذريعاً، كما اندفعت إيران أيضاً إلى سلاح نووي عسكري، مما أدى إلى تكثيف الـ"إرهاب" العالمي واستمرار قمع سكانها بيد شديدة، ومع ذلك، فإن سلسلة الأحداث في الأشهر الأخيرة تقدم صورة مقلقة.

التصريحات حول القضية النووية تفصل أحياناً ساعات عن التصريحات المتعلقة بالمظاهرات، لكن بطريقة ما التقارب بين الزمان والمكان والناس لا يستخلص من الغرب الفهم العام للوضع، أو ما هو أسوأ من ذلك، هناك من يواصلون عمداً إعادة إنتاج السياسة المزدوجة إيران واحدة وإيران اثنان.

في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، تحدث الرئيس بايدن عن الاضطرابات المدنية في إيران، قائلاً إن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب النساء الشجعان"، وقرب الانتخابات أضاف: "سنحرر إيران"، حتى الآن، إيران واحدة، وفي الوقت نفسه، أوضح أنتوني بلينكن أن عدم إحياء اتفاقية الأسلحة النووية ينبع من مطالب إيران المفرطة.

أي، لولا هذه المتطلبات، هل كان سيتم توقيع اتفاقية؟ وهذا بغض النظر عن الأحداث الداخلية في إيران؟ بعد كل شيء، هناك نوعان من إيران، بعد بضعة أسابيع، أعلنت إيران أنها ستخصب اليورانيوم إلى مستوى 60 % في منشأة بيرديو أيضاً، وأوضح رئيس وكالة الطاقة الذرية، في نفس السياق، أن إيران لديها بالفعل ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج أكثر من قنبلة واحدة.

في غضون ذلك، وأمام إيران الأولى، الخميس الماضي، قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إدانة انتهاك النظام لحقوق الإنسان للمتظاهرين، وأعلن عزمه على تشكيل لجنة للتحقيق في ذلك.

والثانية إيران وبريطانيا وفرنسا ألمانيا قالوا، في نفس اليوم، إن "خطوة إيران (لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 %) تمثل تحدياً لنظام حظر الانتشار النووي العالمي".

هذا، بعد مرور ما يقرب من عامين على دخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة المواقع النووية في إيران وخمسة أشهر على إزالة معدات المراقبة الخاصة بها، ولا يتم فعل أي شيء.

في حين أن جميع المكونات في الواقع متشابكة -النظام العنيف والقاتل، والاندفاع نحو قنبلة نووية وتمويل الجماعات الـ"إرهابية" في العالم- تستمر السياسة تجاه إيران في الانفصال التام تقريباً.

هناك إيران نووية، وهناك حقوق إنسان، ولا أحد يكلف نفسه عناء الإشارة صراحة إلى السياسة الخاطئة، ناهيك عن الرد على العدوان في اليمن وخليج عُمان وسوريا، والذي تضمن شطب الحوثيين المدعومين من إيران من قائمة التنظيمات "الإرهابية".

من ناحية أخرى، فإن النضال الشعبي الذي يدور في إيران اليوم هو صراع للإطاحة بالنظام بكل طبقاته القاتلة وكل شروره العدوانية، النساء والرجال الإيرانيون يصرخون بوضوح، إذا فهم الغرب وعمل لمساعدة الانتفاضة وإسقاط النظام، بكل الوسائل المتاحة له -فإن جميع الأخطار التي تشكلها إيران الأولى والثانية سيتم حلها فوراً.