ثورة الحجاب لم تقل كلمتها بعد

موقع نيوز "1"

يوني بن مناحيم

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط


إن ثورة الحجاب في إيران لم تستنفد نفسها بعد ولا يزال أمامها فرصة لزعزعة النظام الإيراني بل وإسقاطه، ومن الصعب التكهن بالاتجاهات التي ستتطور فيها، حتى الآن لا توجد مؤشرات على أن موجة الاحتجاج على وشك أن تتلاشى، قد تؤدي إلى إضعاف سيطرة النظام على بعض المناطق على الحدود مع العراق وباكستان وأفغانستان.

وبحسب منظمات حقوقية، قُتل نحو 450 شخصاً في الاحتجاجات حتى الآن، وتؤكد السلطات الإيرانية مقتل 300 فقط.

وتتواصل التظاهرات الاحتجاجية على الحجاب في إيران رغم إعلان النائب العام محمد جعفر منتظيري مطلع الأسبوع إلغاء "شرطة الآداب". 

ينظر المتظاهرون إلى هذا الإعلان باعتباره تدويراً من قبل النظام يهدف إلى تهدئة الاحتجاج.

لقد بعث "احتجاج الحجاب" غير المسبوق برسالة قاسية إلى القيادة الإيرانية مفادها أن العالم قد تغير وأنه ليس مثل العالم الذي كان عليه عام 1979 عندما اندلعت ثورة الخميني الإسلامية، فقد أخذ الوقت مجراها، وولد جيل جديد ليس على استعداد لقبول الإكراه الديني وتتواصل دعوات المتظاهرين للمطالبة بتصعيد الاحتجاج وعدم الوقوع في فخ النظام وكأن "شرطة الآداب" قد تم حلها، وهي نفس الشرطة التي اعتقلت وقتلت الشابة الكردية محسا أميني منذ أكثر من شهرين بدعوى أنها كانت ترتدي الحجاب بإهمال.

الذي أمر بإلغاء "شرطة الآداب" هو "اللجنة العليا للثورة الثقافية" برئاسة الرئيس إبراهيم رئيسي، والتي تتبع المرشد الأعلى علي خامنئي مباشرة، لكن لا أحد في إيران يعتقد أن هذه رسالة جادة وأن النظام المتطرف سيتخلى عن التزام المرأة بارتداء الحجاب.

ويطالب المتظاهرون بتفكيك النظام القائم، فالمظاهرات غير مسبوقة في نطاقها مقارنة بالمظاهرات التي جرت في السنوات السابقة على خلفية الأزمة الاقتصادية الحادة وارتفاع الأسعار ونقص المياه والوقود وغير ذلك. 

حتى الآن ، وفقاً لتقديرات مختلفة، شارك حوالي 200000 شخص في موجة الاحتجاج وما زالت لديها القدرة على النمو، والسؤال هو، هل ستكون قادرة على التأثير على الجماهير؟

سئم المحتجون من النظام الحالي المعارض للإصلاحات، وسحق النظام الحالي الحركة الإصلاحية في إيران وقمعه دون ترك أي خيار آخر لجيل الشباب.

فاز التيار المحافظ في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، والنظام ديكتاتوري شيعي، والنخبة الحاكمة متطرفة تسيطر على البلاد من خلال "الحرس الثوري" المسؤول عن الباسيج، وهي ميليشيا شعبية تضم نحو 10 مليون عضو يعملون على قمع "احتجاج الحجاب".

يمتلك "الحرس الثوري" أسلحة كثيرة: صواريخ وطائرات ودبابات وطائرات بدون طيار وأيضاً قوة "القدس" المسؤولة عن توسع تيارات إيران في الشرق الأوسط وتصدير الثورة الخمينية في الدول السنية.

ولا تزال قوات الأمن الإيرانية موالية للنظام وتقف كتلة واحدة ضد الاحتجاج الشعبي، لكن احتجاج الحجاب أثبت أن النظام الإيراني أضعف بكثير مما كان عليه من قبل في مواجهة موجات الاحتجاجات في البلاد.

على الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة و"إسرائيل"، أن تأخذ ذلك في الاعتبار، حتى مع اتهام إيران لها بتأجيج الاحتجاجات، فقد أعدمت هذا الأسبوع 4 مواطنين إيرانيين بتهمة كاذبة بأنهم تعاونوا مع "إسرائيل" لزيادة الاحتجاجات في البلاد.

 لقد أوصل "احتجاج الحجاب" إلى تجاوز المتظاهرين حاجز الخوف وخلق فرصة للتغيير، على الرغم من القوة القمعية الكبيرة للنظام، فإن المحتجين ينزلون إلى الشوارع ويواجهون قوات الأمن منذ ثلاثة أشهر متتالية، وهذا يدل على قوة الاحتجاج، فهم يريدون إنهاء النظام الديكتاتوري.

لم يقل لـ "احتجاج الحجاب" كلمته بعد، بل لديه القدرة على خلق ديناميكية متطورة من شأنها أن تجلب عشرات أو مئات الآلاف إلى الشوارع، وهذا سيختبر قوات الباسيج التي قد تخاف منها وربما تنضم إليه في المستقبل.

كل شيء لا يزال مفتوحاً وهذا مصدر قلق كبير للنظام، وعلى الدول الغربية أن تشجع الاحتجاج وتؤيده بكل قوتها حتى تؤدي إلى نتيجة تعود بالفائدة على الشعب الإيراني ومصلحة العالم أجمع.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023