تدهور العلاقات بين الملك عبدالله ونتنياهو

هآرتس

عاموس هرئيل 

ترجمة حضارات


في ظل العداء بين نتنياهو وعبد الله، تتعرض العلاقات مع الأردن لخطر التدهور

تخشى "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية أن تمتد أعمال العنف في المملكة إلى الضفة الغربية، قلقون في عمان من أن الحكومة اليمينية ستغير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف.

تتابع المنظومة الأمنية الإسرائيلية بقلق التطورات الأخيرة في الأردن، في الوقت الحالي، لا يوجد تقييم بوجود خطر على استقرار الحكومة في المملكة، لكن أحداث الأسبوع الماضي توضح مدى صعوبة تعامل العائلة المالكة والحكومة في عمان مع مزيج من احتجاجات وأعمال عنف وأزمة اقتصادية، تأتي هذه الأحداث في وقت تتوتر فيه العلاقات بين "إسرائيل" والأردن مرة أخرى، على خلفية العداء الطويل الأمد بين الملك عبد الله وبنيامين نتنياهو، الذي يتوقع أن يعلن قريباً تشكيل حكومته الجديدة.

بدأت أعمال العنف في أنحاء الأردن الأسبوع الماضي احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، وفي قضاء معان شمالي البلاد الذي كان أيضاً محور احتجاجات ضد الحكومة في الماضي قتل نائب رئيس شرطة المنطقة، وفي بداية الأسبوع، داهمت قوات الشرطة مكاناً يختبئ فيه عناصر من تنظيم إسلامي متطرف يشتبه في تورطهم في قتل ضابط الشرطة، وقتل 3 من رجال الشرطة وأحد المشتبه بهم في تبادل لإطلاق النار، واعتقل عدد آخر من أعضاء التنظيم المشتبه بهم، ولا تزال أعمال العنف مستمرة، على الرغم من أنه تم الإبلاغ في اليوم الأخير عن انخفاض نطاقها إلى حد ما.

وتعد هذه أشد مظاهر العنف ضد الحكومة منذ احتجاج المعلمين قبل نحو ثلاث سنوات، والذي تم خلاله تنظيم إضرابات ضخمة في جميع أنحاء المملكة لعدة أشهر، الاحتجاج عنيف بشكل خاص في المناطق البدوية، حيث يعتبر الدعم التقليدي للحكومة أقوى، وهذا ربما يعكس شدة الأزمة الاقتصادية، كجزء من محاولات تعطيل تنسيق المظاهرات، علقت السلطات استخدام تطبيقات الشبكات الاجتماعية المختلفة في البلاد، بما في ذلك تيك توك Tik-Tok الصيني.

ينضم الاحتجاج على أسعار الوقود إلى البيانات الصعبة حول ارتفاع معدلات البطالة والزيادات العامة في الأسعار، يواجه الأردن صعوبة في الخروج من الأزمة الاقتصادية، على الرغم من المساعدات المالية الكبيرة التي يتلقاها من دول الخليج، في السابق وفي ظل هذه الظروف، كان عبد الله ووالده الملك حسين يعلنان تغيير الوزراء في الحكومة وأحياناً حتى تغيير رئيس الوزراء.

"إسرائيل" ليست الوحيدة التي تشعر بالقلق إزاء ما يحدث على الجانب الشرقي من نهر الأردن، تحدث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هاتفياً مع الملك عبد الله وأعرب عن دعم السلطة للبيت الملكي، ويخشى الفلسطينيون من انتشار عدم الاستقرار في الأردن إلى الضفة الغربية، كما يرون أن عبد الله حليفهم الاستراتيجي الرئيسي في النضال السياسي ضد "إسرائيل"، وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن مصر تتابع عن كثب ما يحدث، بسبب بعض أوجه التشابه في المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها البلدان، وبالتحديد في خضم أعمال العنف، استضاف الأردن مؤتمراً إقليمياً أمس بمشاركة كبار ممثلي بعض الدول المجاورة، بما في ذلك السعودية والعراق وإيران، إلى جانب ممثل عن الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، هناك قلق كبير في عمان بشأن مستقبل العلاقات مع "إسرائيل"، على خلفية نتائج انتخابات الكنيست في 1 تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام، والحكومة اليمينية التي تم تشكيلها هنا، كبار المسؤولين في المملكة قلقون بشكل رئيسي من احتمال قيام "إسرائيل" بمحاولة لتغيير الوضع الديني الراهن في الحرم القدسي الشريف، على خلفية هيمنة الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الجديد وبشكل أساسي النية لتعيين إيتمار بن جفير وزيراً للأمن القومي، بحيث يكون بحكم منصبه مسؤولاً عن أعمال الشرطة في القدس، وقد صرح نتنياهو بالفعل، في عدة مناسبات، أنه ينوي إدارة قضية الحرم القدسي عن كثب، من أجل منع التصعيد هناك.

ومع ذلك، وكما ذكرنا، فإن العلاقة بين نتنياهو وعبد الله لا تزال متوترة، حيث اشتكوا في الأردن، لسنوات من موقف غريب من نتنياهو عندما كان في السلطة، في العديد من الحالات، حدثت أزمات حادة في العلاقات، حدث هذا حول أزمة البوابات في الحرم القدسي الشريف والحادثة التي قتل فيها حارس أمن إسرائيلي في عمان مواطنين أردنيين في عام 2017، حتى في وقت لاحق، نشأت توترات، على خلفية الصعوبات التي أثارها نتنياهو حول إمداد الأردن غير المعتاد بالمياه، بناءً على طلبها، بسبب النقص الحاد في المياه في المملكة.

على مر السنين، ظهرت فجوة كبيرة بين مواقف نتنياهو ومواقف الغالبية العظمى من كبار المسؤولين الأمنيين، الذين يرون الأردن شريكًا مخلصاً وحيوياً لأمن "إسرائيل"، على الرغم من الأزمات المتكررة بين الدولتين.

ربما يمكن استنتاج ما يفكر فيه نتنياهو عن عبد الله اليوم من منشور نشره معهد الأبحاث الأمريكي المفضل لديه، مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، في مقال نشره الأسبوع الماضي جوناثان شنيتزر، نائب رئيس المؤسسة، عرضت انتقادات على تصرف عمان تجاه تل أبيب. 

وكتب شنتزر أن "الملك حسين كان على استعداد لفحص حدود العقد بين الحاكم ورعاياه، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع "إسرائيل"، في عهد عبد الله، لم يعد هذا هو الحال على نحو متزايد، من المحتمل أن يكون عبد الله يحاول تهدئة الفلسطينيين والإسلاميين وجماعات المعارضة الأخرى في البلاد بعد عقد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وهذا قد يكون له ثمن ".

وبحسب شنتزر، "لا ينبغي إدراج الأردن ضمن المحور الإيراني الداعي إلى تدمير "إسرائيل"، لكن الأردن اليوم لم يضع نفسه في مجموعة الدول البراغماتية، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، وحتى السعودية. 

وبدلاً من ذلك، يبدو أنها وجدت مكانها بين دول عدم الانحياز في العالم العربي، مثل الجزائر والكويت، هذه دول تروج للنضال الفلسطيني وترفض التطبيع، لكن هناك فرقًا واحدًا بين الأردن والدول الأخرى: فهم لا يحتاجون بشكل عاجل إلى مساعدة من أمريكا أو "إسرائيل" أو دول الخليج، المملكة الهاشمية بحاجة للتفكير في ذلك".

هناك بالطبع، اختلاف آخر: وقع الأردن اتفاقية سلام مع "إسرائيل" لمدة 28 عامًا ويساعد أمن "إسرائيل" بعدة طرق، في المقام الأول عن طريق نقل التهديد الأمني -من إيران وداعش- إلى الشرق، بعيدًا عن حدود "إسرائيل"، يمكن للمرء أن يفترض أن هذه الكلمات تُقرأ ببعض القلق في عمان، في الخلفية، هناك شك في أن الأردنيين لم يتمكنوا أبدًا من إبعاد أفكارهم تمامًا: أن نتنياهو، مثل غيره من اليمين، لم يتخلى تمامًا عن فكرة أن "الأردن هو فلسطين"، التي كانت لها سيطرة قوية في الليكود على الأقل حتى التسعينيات.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023