هآرتس
عودة بشارات
ترجمة حضارات
من حكومة كاذبة إلى معارضة كاذبة؟
قام بتقسيم "القائمة المشتركة"، التي كانت حصناً ضد حكومة يمينية فاشية، وزار بلفور أربع مرات، وركض للقاء الحاخام حاييم دروكمان، الأب الروحي للثنائي الفاشي إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
وعندما لم يساعده كل هذا في دخول حكومة بنيامين نتنياهو -دون أي خيار- انضم منصور عباس زعيم راعام إلى حكومة التغيير.
بعد كل هذا جاء بمطالبات بالقائمة المشتركة وكأنها هي التي أعادت نتنياهو وشركائه إلى السلطة، مثل هذا النفاق لم تخترع آلة النفاق بعد.
لكن كل هذا لا يُقارن بالانقسام الذي فرضه حزبه على السكان العرب، ليس فقط على الصعيد السياسي، فجأة على غرار "يش ماعين"، أطلق بعض أعضاء حزبه صرخة حاشدة ضد المثليين ومن يدعم نضالهم، رغم أن هذه القضية لم تشغل أبداً المجتمع العربي، المحافظ من جهة والمتسامح من جهة أخرى.
كل هذا لم يحرك عضلة في وجه الليبراليين المزيفين من يسار الوسط، بينما اليهود المثليين في بات هاعين، لا يتم احتساب العرب المثليين.
الأمور أكثر تعقيداً، هناك حوالي ثمانين سبباً مختلفاً لسقوط حكومة التغيير، بعضها صحيح، لكنها لا تروي القصة كاملة.
وهذه هي القصة: حكومة التغيير كانت حكومة تصريف أعمال، حتى خلال اجتماعها، التزم قباطنتها بالحدود التي وضعها نتنياهو -صديقه عباس- الذي حصل منه على الكوالشرعية، ورفض مشروع المشتركة الذي رفضه.
في المستقبل ومن بعيد، سيقول التاريخ: كان ينبغي تسمية الحكومة التي حكمت بين يونيو 2021 وديسمبر 2022 بحكومة الأكاذيب، وليس التغيير، ويضاف أن أداء هذه الحكومة في الأمور الجوهرية كان وفق سياسة حكومة نتنياهو.
لهذا السبب سقطت؛ لأن الأصل أكثر جاذبية، يتحدثون عن نيكولاي تشاوشيسكو -الزعيم السابق لرومانيا- الذي سيطلب من السائق الإشارة إلى اليسار وفي نفس الوقت يأمره بالانعطاف إلى اليمين، هذه الحكومة لم تشر حتى لليسار.
في تصريحاتها وأفعالها، كانت من اليمين المتطرف، هنا حتى في أيامها الأخيرة، قامت بعمليتين مروعتين: حرمان فلسطيني من الجنسية وترحيله إلى فرنسا، والاحتفاظ بجثة أسير فلسطيني، هل هذا يسمى تغيير الحكومة؟
حتى في هذه اللحظات الدرامية، يتبنى الرئيس الجديد للمعارضة "يائير لابيد" وفقًا لأفضل التقاليد الاستعمارية، سياسة فرق تسد، عضو الكنيست عباس، الذي يذعن حتى الآن لحكومة إيتامار بن غفير، بينما عضوا الكنيست أيمن عودة وأحمد الطيبي، قادة الأحزاب الأكثر تصميما في محاربة الفاشية، اتضح أننا ننتقل من حكومة كاذبة إلى معارضة كاذبة.
وإذا بحثتم بعناية سترون أنه حتى اليسار في حكومة التغيير لم يرفع صوته ضد الاحتلال الذي هو مصدر كل الكوارث، الاحتلال مثل الأسود، يتماشى مع كل الألوان: الأسود والأبيض، الأسود والأصفر، الأسود والوردي.
ويسير الاحتلال مع كل مظالمه: احتلال وعنصرية، احتلال وفساد، احتلال وكراهية للآخر، احتلال وإكراه ديني، احتلال وبيع سلاح، احتلال وشوفينية، وأخيراً وليس آخراً الاحتلال والديكتاتورية.
يجب أن يمر المجتمع الإسرائيلي بعملية فطام نفسه عن الاحتلال، إذا لم يكن الأمر كذلك -في أول فرصة- بعد عملية كبيرة -لا سمح الله- أو توترات صعبة مع إيران، فإن الشعور الوطني سوف ينتصر على معارضينا المزيفين، وسنرى مشهدًا مذهلاً: يائير لبيد مع بن غفير، بيني غانتس مع بتسلئيل سموتريتش، مع هذه المعارضة الزائفة، من المحتمل جدًا أن تلعب مثل هذه المسرحية.
في غضون ذلك، هناك تحد صغير: بعد أن هدد الوزير الجديد بن غفير عودة بسن قانون يمنعه من أن يصبح عضوًا في الكنيست- هل سيبقى المفكرون صامتون كالمعتاد، أو سيطلقون صرخة، الجواب على هذا التحدي سيكون تحديد ما إذا كانت "إسرائيل" ستعمل على تدمير كامل، أم أن هناك بصيص أمل.