محددات إفشال حكومة المتطرفين

أحمد التلفيتي

أسير وكاتب


بقلم الأسير:
أحمد التلفيتي


يمكن لمن يتابع الشأن الصهيوني استشراف مستقبل الحكومة الجديدة في الكيان، وذلك باستقراء تركيبتها وآليات وتفاهمات تشكيلها، واستعراض خلفيات وأهداف وغايات مكوناتها، ليكون الاستنتاج سلبيا من ناحية توقع استمرارها، علما أنه ليس البديل بالأمر المضمون من حيث المصلحة لأي طرف معني، فالفشل يعني لليكود الدخول في دوامة انتخابات والبحث عن تحالفات، وربما يصب في مصلحة معسكر (ضد نتنياهو)، وبالنسبة المتطرفين فهو يعني شماته الخصوم ودليل غباء سياسي، كما يعني ربما دفع وتيرة التطرف بحيث لا تجد شريكاً وإن زادت مقاعد الفوز في الكنيست، وقد لا ينجح هذا التوافق الحالي في العبور إلى العام القادم إن تضافرت محددات الإفشال الستة، وهي:-

1- تصاعد الخلافات الداخلية: 
بين اليمين والوسط واليسار عموماً، وداخل اليمين تحديداً بين العلمانية والمتطرفين من الصهيونية القومية الدينية، حول التعامل مع الملفات الداخلية فى الكيان وما يتعلق بالفلسطينيين، ويمكن أن تعمد أيدٍ غير ظاهرة رافضة للمتطرفين داخل الكيان وخارجه بإذكاء هذه الخلافات وتأجيجها عبر تثوير الملفات الحساسة.

2- الحملات الإعلامية:
 التصعيد الإعلامي المحلي والدولي ضد مكونات بعينها داخل الحكومة أو شخصيات محددة، بإبراز تاریخهم ومخططاتهم وجوانب تطرفهم ضد الغير، يمكن في هذا الباب أن تجتمع الجهود دون اتفاق عما يشكل في النهاية جوا إعلاميا ساخنا.

3- تفعيل القضاء الدولي: في ملفات متعددة وهي جهة إشغال لا بد من فتحها بوجه المتطرفين سيما وأن الكيان لم يواجه حتى اللحظة جبهة قضائية دولية جدية، وكانت التجارب المحدودة مؤثرة بحق شخصيات في الجيش الصهيوني ومسؤولين سابقين.


4- اشتعال الميدان في الضفة والقدس والداخل وغزة: 
وهو أمر متوقع جدا لدى كثير من المراقبين لعوامل عدة، وإن كان سيوحد الصهاينة في البداية كعادتهم في الحروب الا أن محصلته على المدى غير البعيد كارثية عليهم من ناحية الاتهامات بضرب الأمن وإشعال الحرب والفشل المتوقع والتنسيق الداخلي لقيادة المرحلة إن وقعت، والإخفاق في تحقیق إنجاز فضلاً عن تعطل برنامج الحكومة ودفعها لأثمان تهدئة.

5-  إبقاء حالة التوتر السياسي في المنطقة:
 وكانت ردود الفعل الواسعة والغاضبة دولياً وإقليمياً على اقتحام بن غفیر للأقصى دليلاً على الاحتقان الرسمي تجاه هذه الحكومة أو تيارها المتطرف على الأقل، وإبقاء هذه الحالة مهم لمنع أو تعطيل أي مغامرة أخرى، لأن المرة القادمة ستكون أشد رفضاً من حيث القول أو الفعل، بما يعطي مبررات للتصعيد الميداني كما جرى في سيف القدس.

6- وحدة الصف الفلسطيني: 
وهي ضرورة في كل وقت، ولكنها تتجلى اليوم من ناحية التأثير، فوحدة الرفض لخطوة الضم وصفقة القرن كان لها بالغ الأثر في وقف المشروعين، وإن لم يتم توحيد البرنامج النضالي، واليوم تبدو ساحة الأسرى ملهمة للساحات خارج السجون من ناحية توحيد البرنامج والقيادة والهدف، لتعمل في كل ساحة قيادتها لرفض وصد العدوان بوسائل تلك الساحة.

في المحصلة ما يمر به الكيان من عدة أعوام هي أزمة قيادة وانعدام خيارات فيما يتعلق بملفات عدة، داخلية صهيونية، أو فلسطينية، تتغير أشكال وأطوار الأزمة في كل فترة، وهو ما يبشر بانعدام استقرار سياسي ومعيشي بما يصب في مصلحة الفلسطينين إن اغتنموا اللحظة والفرصة التاريخية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023