أبو مازن يكافح للحفاظ على حكمه في الضفة الغربية

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات



يخوض رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، صراعًا دؤوبًا للحفاظ على حكمه في الضفة الغربية من خلال الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، رغم بلوغه سن 87 عامًا، إلا أنه لا ينوي التنحي عن المسرح السياسي في أي وقت.

وهو يدرك جيداً المزاج السائد في الشارع الفلسطيني واستطلاعات الرأي العام الفلسطيني التي يتضح منها أن الجمهور الفلسطيني ضاق ذرعاً منه ويريد أن رحيله واستبداله.

وتشير غالبية استطلاعات الرأي التي أجريت حتى الآن في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أن ما يقرب من 70 % من الجمهور الفلسطيني مهتم بالتقاعد الفوري لرئيس السلطة الفلسطينية من منصبه وإجراء انتخابات عامة للرئاسة والبرلمان.

 وبحسب غالبية الجمهور الفلسطيني، فإن المرشح الأنسب؛ ليحل محل أبو مازن هو مروان البرغوثي المسؤول في فتح، المحكوم عليه بخمسة أحكام بالسجن المؤبد في سجون إسرائيلية، والمركز الثاني زعيم حماس إسماعيل هنية.

كما يعرف رئيس السلطة الفلسطينية جيدًا كيف يتعامل مع مسؤولي فتح الذين يهددون قيادته، فقد أطاح بمحمد دحلان وناصر القدوة من حركة فتح، وفرض عقوبات على توفيق الطيراوي وعمل مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" حتى لا يتم الإفراج عن مروان البرغوثي في أي صفقة تبادل أسرى بين "إسرائيل" وحماس.

وأعرب رئيس السلطة الفلسطينية عن قلقه الشديد من أنشطة فصائل المعارضة الفلسطينيوة في الضفة الغربية وخاصة مشغلي حركة حماس، وتعليماته للأجهزة الأمنية الفلسطينية واضحة لا لبس فيها بقمع أي نشاط لحركة حماس في الضفة الغربية.

وقامت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الأسبوع الماضي بقمع مظاهرة جرت في نابلس للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين المحتجزين في مرافق الاحتجاز التابعة للسلطة الفلسطينية والمطلوب مصعب أشتيه، وهو ناشط في حماس محتجز في سجن أريحا منذ أربعة أشهر، وينتمي إلى حركة حماس وجماعة "عرين الأسود" من نابلس وتعرض لتعذيب شديد في المعتقل الفلسطيني.

تمتلك قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية معلومات استخبارية دقيقة عن أي مظاهرة أو نشاط ضد حكم أبو مازن وهي تتحرك بسرعة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية لقمعها.

اعتقلت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، في كانون الأول الماضي، أكثر من 250 ناشطًا من حركة حماس في أكبر عملية اعتقال منذ عام 2007، وكانت موجة الاعتقالات تمهيدا للاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس حركة حماس.

وكانت الاعتقالات التي نفذتها قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في مدينة الخليل، حيث يتواجد عدد كبير من حماس، عديدة وعنيفة، حيث تم استخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.

يزعم مسؤولو حماس أن اعتقالات قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تتم بالتنسيق مع الشاباك الإسرائيلي وأن هناك تقاسم للعمل بين الجانبين.

نشطاء حماس الذين اعتقلتهم قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هم أسرى أمنيون تم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية وطلاب في جامعتي بير زيت في رام الله وجامعة النجاح في نابلس، ومن بين المعتقلين أيضًا نشطاء حقوقيون، بعضهم يطالب علانية بمعاقبة عناصر أمن السلطة الفلسطينية الذين قتلوا بوحشية الناشط الحقوقي نزار بنات.

تراقب الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية النشاط في المساجد في الضفة الغربية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وترصد أي انتقاد للفساد في السلطة، والفشل السياسي لأبو مازن، والتنسيق الأمني بين السلطة و"إسرائيل"، وتقوم باعتقالات وفقاً لذلك.

يتم اختطاف نشطاء المعارضة الفلسطينية من منازلهم من قبل عناصر الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، ويتم اقتيادهم للاستجواب، ويتعرض بعضهم للتعذيب الشديد، ويضرب العديد من الذين ما زالوا رهن الاعتقال عن الطعام، لكن هذا لا يردع السلطة الفلسطينية.

ومن بين المعتقلين صحفيين فلسطينيين، بحسب تقرير لمنظمة "محامون من أجل العدالة" الفلسطينية، منذ عام 2022 وحتى اليوم، اعتقلت السلطة الفلسطينية 500 ناشط سياسي في أراضي الضفة الغربية، وتجري الاعتقالات على الرغم من أن حركة فتح تعهدت الفصائل الفلسطينية في محادثات المصالحة التي عقدت مؤخرا في الجزائر باحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير.

وخلافًا لاعتقالات نشطاء المعارضة، امتنع رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن عن إصدار أوامر لقواته الأمنية باعتقال عناصر الجماعات المسلحة في شمال الضفة الغربية؛ لأنهم لا يشكلون خطرًا مباشرًا على حكمه.


وقال مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية إن أعضاء هذه الجماعات ينتمون بشكل أساسي إلى حركتي فتح والجهاد الإسلامي، فهم يوجهون أسلحتهم نحو جنود الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وليس ضد عناصر أمن السلطة الفلسطينية، وبالتالي فهم لا يشكلون خطرا على السلطة الفلسطينية في رام الله ولا تعمل على إسقاط أبو مازن.

رئيس السلطة الفلسطينية مهتم بفشل الحكومة اليمينية الجديدة في "إسرائيل" وهو غير مستعد لمواجهة المسلحين في شمال الضفة الغربية بقوة، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية لديها القدرات الاستخباراتية والعملياتية للقيام بذلك.

ما يهمه هو البقاء على عرشه وافتراض حقيقة أن لديه "شهادة تأمين" لأن "إسرائيل" والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية المعتدلة التي تريد استمرار حكمه.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023