البيت يحترق حان الوقت لنتحدث

يديعوت أحرونوت

أليعازر كوهين

ترجمة حضارات

أليعازر كوهين هو شاعر وناشط سلام، وعضو في كيبوتس كفار عتصيون.




يحاول الجميع تقريبًا تجاوز الشيء الحاسم، والذي حان الوقت لفعله بعد ثمانين عامًا هنا في "إسرائيل": التحدث.

في الواقع، الشعور هو أن البيت يحترق، هذا ما قاله الأديب ديفيد غروسمان في مظاهرة تل أبيب، مستذكرا كتابه "الزمن الأصفر"، لكن البيت لا يحترق من الأسابيع القليلة الماضية، البيت يحترق في السوزان (هو الاسم الذي أُطلق على محاولة الهاغانا، بناءً على أوامر الهيئات الرسمية، لقمع تمرد الأرغون ضد حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين، من نوفمبر 1944 إلى فبراير 1945)، وتدمير ألتلينا (سفينة الأسلحة عام 1948) بأمر من بن غوريون، وعمليات الخطف والقتل في فترة الاستيطان قبل الدولة.

البيت يحترق بقرار من يستحق ومن لا يستحق التوقيع على وثيقة الاستقلال قبيل إعلان الدولة، من الذي سيقوم بالصياغة ومن سيكون في هذه المكانة المرغوبة.

البيت يحترق باتفاقيات التعويضات بين ألمانيا و"إسرائيل" والاحتجاجات ضدها، في مخيمات استقبال اللاجئين اليهود بعد استقلال الدولة، في الأطفال الذين اختفوا فجأة لعائلات من أصول خاصة جدًا فيما يتعلق بالناجين.

البيت يحترق في أعمال عنف وادي الصليب (مواجهات عنيفة حدثت في حيفا عام 1959، ضد الظلم على أساس طائفي)، في الإهمال و التمييز، في ظل الحكم العسكري المستمر، في مجزرة كفر قاسم، البيت يحترق في "فضيحة لافون" (عملية لوزانا عام 1954)، في ظل الفساد الحكومي المستمر، في "الكتاب الأحمر"، والمزيد والمزيد من القضايا التي ألقيت في الهاوية.

البيت يحترق في سنوات الانقلاب السياسي، في "غوش إمونيم" (وهي حركة حريدية متطرفة عملت في السبعينات بهدف الاستيطان في الضفة)، في "السلام الآن"، في حرب لبنان (الأولى)، في الحركة السرية اليهودية، في مقتل إميل غرينتسويغ (من جماعة السلام الان قتل عام 1983)، في الانسحاب من سيناء، البيت يحترق في كل مكان رأته عيني تقريبًا.

البيت يحترق باتفاقيات أوسلو، بقتل رابين، بالتحريض واللوم الجماعي، في الانسحاب من لبنان والانتفاضة الثانية والانفصال، في حرب لبنان (الثانية)، في الفساد الحكومي المستمر، في غلاء المعيشة، في نداء "خونة" تجاه نصف الشعب، في سياسة "فرق واحكم"، في استغلال الفرص السياسية بصورة غير محترمة. في فقدان الأمن الشخصي.

تحدث غروسمان بألم كبير وحقيقي عن العديد من الإسرائيليين الذين يشعرون بأنهم "منفيون في بلادهم"، الحياة تجربة وجودية لـ "المنفى الداخلي"، وهذا لا يخص فقط "النصف" لغروسمان، وفقط للأسابيع القليلة الماضية، منذ أن أدت حكومة نتنياهو السادسة اليمين.

البيت يحترق حان الوقت لنتحدث

لأن الديناميكيات المدمرة قد وصلت، منذ سنوات طويلة، من كلا الجانبين، ديناميات الحسم والإخضاع (وحتى الانتقام)، وديناميات "أخذوا مني الدولة" و"جئنا لإبعاد الظلام"، وهذا غير منطقي تمامًا، ولا حتى أيديولوجيًا (أو "دينيًا")، إنها الهوية والعاطفية بشكل أساسي، وتجلس على خطوط التصدع والجروح، على الصدمات التكوينية التي تجلس فوق بعضها البعض، ولم يتم علاجها منذ الثمانين عامًا الماضية (من أيام السوزان و حتى الآن).

كشريك متعمق، كشخص متمسك برأيه، وعلى الأقل منذ مقتل رابين، في محاولة لإنشاء جسور بين القبائل الإسرائيلية، من خلال هذه الجهود العبثية في الثلاثين عامًا الماضية، لسوء الحظ أستطيع أن أقول اليوم أنه لا أحد من أولئك الذين يحاولون الانخراط في الأعمال الفنية والاتفاقيات، وإنشاء روح مشتركة ومفهوم "الجيد المشترك '، إلا ويشعر بالحرج الشديد هذه الأيام، ولا يفهم ما يمكن فعله، وكيفية منع احتراق البيت على سكانه.

يحاول الجميع تقريبًا تجاوز الشيء الحاسم، والذي حان الوقت لفعله بعد ثمانين عامًا هنا في "إسرائيل"، التحدث، الحديث حقا وقبل كل شيء الإصغاء، بقصد فهم آلام وآمال الآخر، من بين الكثيرين الآخرين هنا، تحمل مسؤولية حقيقية ومشتركة ومتعددة الأفكار عن صدمات وجروح الماضي، وبالتالي بناء الثقة. والضمان والشراكة، هذه العملية تسمى المصالحة، عملية متعمقة من المصالحة الشجاعة، مع استيضاحات مؤثرة ومؤلمة من جميع الأطراف وخطوط الصدع في المجتمع الإسرائيلي.

بعد ثمانين عاما من الإهمال وعدم المعالجة، حان الوقت، لأن البيت يحترق حقاً.

لقد حان الوقت لعملية مصالحة عميقة وشجاعة وصعبة، وليس فقط للمبادرات، مصالحة عميقة وشجاعة ومؤلمة و لا تنتهي بندوة واحدة مركزة، مصالحة تشبه إلى حد كبير "لجان المصالحة والحقيقة" في جنوب إفريقيا ورواندا، (مع التعديلات المطلوبة لنا).

البيت يحترق، حان الوقت لكي نتحدث، حقًا، ولهذا الغرض من الضروري إنشاء "مجلس مصالحة وطنية"، تكون شريكة فيه كل الطوائف والقبائل والمجتمعات، الجميع، لا أحد مقاطع وآلامه مستثناة، الكل موجود بآلامه و آماله.

أشعر أن "الأغلبية الصامتة" الإسرائيلية تفهم ذلك في أعماقها، أنه لم يعد من الممكن الصبر، يجب عدم التنحي جانباً، وعدم الاستمرار في استخدام نفس الأدوات التي تم تجربتها، والتي ببساطة لا تعمل، البيت يحترق، حان الوقت لنتحدث، فلنكن مستعدين لأن نَجرح ونُجرح بالكلمات في إطار عملية مصالحة يتم احتوائها قد تؤدي إلى الشفاء.

ليس لنا إلا بعضنا البعض، هؤلاء لهؤلاء، وهذا لهذا، وليس لدينا حقاً بلاداً أخرى، ولا دولة أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023