موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
فقد الشارع الفلسطيني منذ فترة طويلة إيمانه بقيادة السلطة الفلسطينية ونقاء أخلاقها، والتوجيه الجديد لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن لشركتي الهاتف الخلوي الفلسطيني "الوطنية وجوال"، بخصم شيكل شهري واحد من جميع المشتركين في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، بدعوى أن الأموال مخصصة لدعم القدس، يثير غضب الفلسطينيين.
فتح القرار المفاجئ لرئيس السلطة الفلسطينية، الباب أمام هجوم جماهيري على مواقع التواصل الاجتماعي ضد السلطة الفلسطينية وزعيمها، ويتهم الرأي العام الفلسطيني السلطة الفلسطينية بالفساد وسرقة الأموال من الجمهور، الذي يئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الحادة وغلاء المعيشة.
تبرر السلطة الفلسطينية القرار بالقول إنها تعاني من ضائقة مالية شديدة، بسبب العقوبات التي فرضتها عليها "إسرائيل"، ولا يمكنها دعم القدس الشرقية وسكانها ماديًا، لكن لا أحد في الشارع الفلسطيني يصدقها.
من بين أمور أخرى، هدد بعض السكان برفع دعاوى قضائية ضد شركات الهاتف الخلوي الفلسطينية، بتهمة تحصيل أموال بشكل غير قانوني من مشتركيها.
وبحسب مصادر في السلطة الفلسطينية، ستجمع السلطة الفلسطينية من خلال هذه الخطوة مبلغ 60 مليون شيكل إسرائيلي جديد، وسيتم تحويل الأموال إلى حساب خاص في البنك الإسلامي في جدة بالمملكة العربية السعودية، ومن هناك سيتم استخدامها لتمويل مشاريع تنموية في القدس الشرقية، حسب ترتيب الأولوية الذي تحدده الحكومة الفلسطينية في رام الله.
اتهم عضو مجلس النواب الفلسطيني حسن خريشة، السلطة الفلسطينية بـ "سرقة المال العام"، وأن رئيس السلطة استغل عمل البرلمان الفلسطيني المشلول لخرق القانون الأساسي، وزعم أن القدس لها ميزانية خاصة باسم السلطة الفلسطينية ولا تحتاجها لأموال السكان الفلسطينيين.
يطالب مسؤولو حركة فتح السلطة الفلسطينية بزيادة الضرائب المفروضة على شركات الهاتف الخلوي الفلسطينية، التي تكسب ملايين الدولارات من الجمهور الفلسطيني، ولكنها تدفع ضرائب منخفضة بسبب صلاتها برئاسة السلطة الفلسطينية.
يبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية بالفعل اختار تبرير قراره بتحصيل الضريبة الخاصة، من خلال استخدام اسم القدس التي تعتبر مقدسة في الشارع الفلسطيني، وذلك لتقليل الانتقاد العلني لقراره، لكن هذا تحول إلى ارتداد وموجة من الانتقادات العلنية الحادة للفساد في السلطة الفلسطينية.
ليس للسلطة الفلسطينية أي نفوذ تقريبًا في القدس الشرقية، وتعمل "إسرائيل" بقوة على منعها من أي نشاط حكومي في شرق المدينة، بما في ذلك تحويل الأموال إلى السكان والمشاريع، مصدر الأموال التي تصل أحيانًا إلى القدس الشرقية في السنوات الأخيرة من الدول العربية.
هذه الفضيحة الجديدة مثال ممتاز لأزمة الثقة بين السلطة الفلسطينية والشارع الفلسطيني، الذي اقتنع على مدى سنوات منذ قيام السلطة الفلسطينية وفق اتفاقيات أوسلو، بأنها كيان فاسد لا يهتم إلا بأمر احتياجاتها الخاصة وتتلاعب بالجمهور الفلسطيني بطرق متطورة.
ولم ينس الشارع الفلسطيني قضايا الفساد الأخيرة التي ارتبط فيها اسم السلطة الفلسطينية وقادتها، ومنها لقاحات كورونا، والصندوق المالي "وقف عز" الذي تأسس لدعم القطاع الخاص الفلسطيني خلال وباء كورونا، اختفاء تبرعات من الخارج كانت مخصصة لمشاريع مختلفة، مثل إنشاء مستشفى لعلاج مرضى السرطان على اسم خالد الحسن في مدينة رام الله، والتعيينات في الخدمة العامة.
السلطة الفلسطينية تتجاهل ببساطة الانتقاد العلني والدولي للفساد في أجهزتها، الأمر الذي يثير شكوكاً كبيرة في الشارع الفلسطيني، ويشعر الجمهور الفلسطيني بخيبة أمل كبيرة من الحكومة الفلسطينية بقيادة محمد اشتيه، والشارع الفلسطيني مليء بالإشاعات حول التصرفات المالية لرئيس الوزراء الفلسطيني، ناهيك عن رئيس السلطة الفلسطينية وولديه.
ليس من الواضح ما الذي يخفي بالضبط وراء قرار رئيس السلطة الفلسطينية هذا، لكن من الواضح بالفعل أن هذا خطأ كبير.
وتقول مصادر في السلطة الفلسطينية: إن "رئيس السلطة الفلسطينية على علم بالانتقادات العلنية القاسية، ولكن لا ينوي التراجع عن القرار".
خلاصة القول، يُنظر إلى رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في الشارع الفلسطيني، على أنه فاسد كبير مقارنة بسلفه ياسر عرفات، سئم الجمهور الفلسطيني منه، ووفقًا لآخر استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، يريد حوالي 70% من الجمهور تقاعده الفوري من الساحة السياسية، وإجراء انتخابات عامة للرئاسة والبرلمان.
الضريبة الجديدة التي فرضتها السلطة الفلسطينية على أكثر من مليون فلسطيني، يمتلكون هواتف محمولة ستسجل في تاريخ أبو مازن، كخطوة فاسدة أخرى قام بها خلال فترة حكمه كرئيس للسلطة الفلسطينية.