بن غفير بارع في المظاهرات وعمل انشقاقات

هآرتس

نحميا شترسلر

ترجمة حضارات


بن غفير بارع في المظاهرات وعمل انشقاقات، لكن ليس لديه فكرة عن عمل الشرطة

عومر بارليف ضيع الفرصة، كان يجب أن يصل مساء السبت إلى موقع الهجوم في "نفيه يعقوب"، ويصرخ لإيتمار بن غفير: "دم اليهود ليس رخيص"، ثم يتهمه بـ "الإضرار بأمن الدولة، وأنه يجلب الحزن الدمار، كما فعل بن غفير في الهجمات التي وقعت العام الماضي عندما كان بارليف وزيراً للأمن الداخلي".

من الواضح أن سكان الحي كانوا سيهاجمون "بارليف"، هذا ما فعلوه "ببني غانتس" عندما شتموه وسبوه عندما جاء لإضاءة شمعة تذكارية.

في واقعنا الأورفيلي، حيث يكون الأسود أبيض والشر صالح، بغض النظر عن عدد الهجمات الأخرى (وهناك 41 تحذيراً) وعدد اليهود الذين سيُقتلون، سيكون اليسار دائماً الجاني واليمين هو المنقذ.

خلال الهجمات في فترة "بارليف"، كان الجمهور يصرخ في وجهه: "إذهب إلى بيتك، استقيل، مجرم، عاشق العرب".

الآن نفس الجمهور يصافح يد بن غفير، ويصرخ له، ويحتضنه مثل الأب العظيم: "نثق بك أيتمار، أنت قوتنا، لقد صوتنا لك، بارك الله فيك"، وكذلك: "الموت للإرهابيين، الموت لليساريين"، اثنان بثمن واحد.

ولكي يفهم الجمهور تضحيته العظيمة، قال لهم بن غفير: "تركت مائدة السبت، أتيت أنا وزوجتي وأولادي"، ورد المذيع التلفزيوني بإطراء: "لقد ترك عائلته عشية السبت، أحسنت" كأنها ليست وظيفته، وكأن الأمر لا يتعلق بالسيطرة على العقل.

في نفس الموقف، عندما وصل "بارليف" إلى مكان الهجوم، كان يتلقى انتقادات من هؤلاء المذيعين، الذين يعلقون بِعلم: "الشرطة لم تكن مستعدة بشكل صحيح".

كان الصمت في "نيفيه يعقوب" مساء السبت غير عادي، والأكثر من ذلك، أن بعض الحشد يعرف الأشخاص المقتولين شخصياً.

حدث ذلك أيضاً لأنه لم يكن هناك من يحمس الأجواء ويرقص على الدم، "بنيامين نتنياهو" و"بن غفير" لم يعدا في المعارضة.

يبدو "بن غفير" متوتراً، لم يكن يعتقد أنه في يوم من الأيام سيواجه مثل هذا الواقع الصعب والدموي، إنه جيد في الحديث، في المظاهرات، في صنع الشقاق، لكن ليس لديه أي فكرة عن عمل الشرطة.

كما أنه ليس لديه خبرة تشغيلية أو إدارية -على عكس "بار ليف"- بعد كل شيء، لم يخدم ولو يوماً واحداً في الجيش الإسرائيلي.

في اليوم التالي للهجوم في "نيفي يعقوب"، وقع هجوم آخر في مدينة داود، من قبل صبي يبلغ من العمر 13 عاماً، وكلا الهجومين وضع على جدول الأعمال افتقارنا إلى السيطرة في أحياء شرقي القدس، التي ينطلق منها المنفذون ببطاقة هوية زرقاء.

وهذا نتيجة الشهية المفرطة للحكومة الإسرائيلية، التي ضمت مباشرة بعد ستة أيام مساحات شاسعة إلى القدس: 64 ألف دونم، بها 28 قرية، يعيش فيها اليوم 380 ألف فلسطيني، الذين لا يحبوننا حقاً.

الأحياء القريبة من غربي المدينة قذرة ومهملة، لكنها مساكن فاخرة مقارنة بالأحياء الأبعد، والتي تدار دون إشراف من المدينة، بدون شرطة، بدون التخلص من القمامة، بدون صرف صحي، بدون طرق، بدون بناء.

لذلك فإن من يقول إن الهجمات هي فقط نتيجة "التحريض" و"غسيل الأدمغة"، لا يفهم ما يمر به الشباب في الأحياء الذين يعيشون في فقر، وقهر، وتحت احتلال، بلا مستقبل، بلا أمل  وبلا احترام.

لكن "بن غفير" يريد أن يضربهم بقوة أكبر، تتمثل طريقته في المطالبة باستمرار بإجراءات أكثر تطرفاً وجنوناً، ثم إلقاء اللوم على أولئك الذين لم يسمحوا له بأن يُجن ويفعل ما يشاء، وفي الهجمات التالية: "سيطالب بإغلاق كامل، وحظر دخول جميع العمال، وعقوبة الإعدام، والحرمان من الجنسية، والترحيل وهدم جميع منازل المقربين من المنفذين، وبمجرد عدم الموافقة على ذلك، لأن هذا سيعني انتفاضة رهيبة، سيكون لديه حجة: عرضت، أردت أن أتصرف، لكنكم لم تسمحوا بذلك، لذلك أنتم الملامين".

هذا بالضبط ما يفعله الآن، عندما اتهم المستشارة القانونية "غالي بيهار ميارا" بتأخير إغلاق منزل المنفذ، وبالتالي صنع لها ملفا وأهدر دمها، بينما هو نفسه يفلت من المسؤولية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023