هآرتس
يهونتان ليس
ترجمة حضارات
يُعرف وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" في "إسرائيل" بأنه شخص مؤدب، وأحياناً مؤدب للغاية، وشهد عنه مسؤول إسرائيلي عمل مع الحكومة الأمريكية بأنه "لا يعرف كيف يطرق على الطاولة".
ولهذا السبب، كان تصريحه الدراماتيكي -أمس- إلى جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حدثاً غير عادي.
على الرغم من أن الوزير المهذب لم يذكر خطة إضعاف نظام العدالة، ولم ينتقد صراحة الدعوات لإغلاق هيئة الإذاعة العامة، فإن كلماته الضمنية عبرت عن خوف حقيقي من الإضرار بالقيم الأساسية لنظام ديمقراطي: "احترام حقوق الإنسان، ونظام عدالة متساوٍ، وحقوق الأقليات، وسيادة القانون، وحرية الصحافة، ومجتمع مدني قوي"، على حد تعبيره.
نتنياهو حاول توقع علاج للضربة، قبل البيان مباشرة، وسعى إلى التقليل من قيمة النقد، وقال: "أؤكد لكم أن بلدينا سيظلان ديمقراطيين قويين".
رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه توقعات عالية من الإدارة الأمريكية في الفترة المقبلة، وتحدث حول الطاولة -أمس- عن تعزيز التعاون ضد إيران في عهد ما بعد انهيار الاتفاق النووي.
وفي الأيام الأخيرة، امتلأت وسائل الإعلام بتلميحات حول التعاون الجاري بالفعل بين البلدين بشأن الهجمات في عمق إيران.
وفي الوقت نفسه، عمل نتنياهو على إقناع بلينكين بإبداء مرونة في علاقات الإدارة مع المملكة العربية السعودية من أجل تقنين اتفاق التطبيع بين تل أبيب والرياض، لكن الشريك الأقدم أوضح للرئيس أن الحكومة موالية للقيم أولاً.
وبالأمس انضمت الإدارة الأمريكية بطريقتها الخاصة إلى مئات الاقتصاديين الإسرائيليين وقادة النخب المختلفة ومئات الآلاف من المتظاهرين.
لم يهدد بلينكن بفرض عقوبات أو الإضرار بالعلاقات بين البلدين، كما أشار إلى "التحالف الذي لا جدال فيه" لحماية أمن "إسرائيل"، لكن كلماته أشارت لنتنياهو إلى أنه يسير في مسار يؤدي بوضوح إلى مواجهة كبيرة.
شهدت العلاقة بين نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة "جو بايدن" عدداً لا بأس به من الصعود والهبوط على مر السنين، واستقبل فوز نتنياهو في الانتخابات بريبة كبيرة من قبل الإدارة الأمريكية.
تسبب إدراج المتطرفين "إيتمار بن غفير" و"بتسلئيل سموتريتش" كشركاء كبار في الائتلاف في قلق حقيقي، على الرغم من ذلك، فقد أصرت الإدارة علناً على نقل أجواء "العمل كالمعتاد" -حتى الآن- وأوضح الرئيس ووزير الخارجية والسفير في "إسرائيل" أنهم يرون الحكومة الجديدة حليفة و"نتنياهو" زعيم مسؤول لـ "كل شعب "إسرائيل".
وحددت الإدارة ثلاثة مطالب أساسية واحدة تلو الأخرى -بعيدة كل البعد عن الإجماع في الائتلاف الجديد- وهي: "الحفاظ على رؤية الدولتين، والحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، وتجميد البناء في المستوطنات".
بعد الهجومين الخطرين في القدس، وعد نتنياهو في خطواته بصوته بـ "تعزيز الاستيطان"، لكنه تراجع ولم يعلن عن أي خطوات ملموسة من شأنها إحراج ضيفه الكبير.
وقال مسؤول إسرائيلي قبل أيام قليلة: "نتنياهو يدرك جيداً أن التحركات التي يخطط لها ائتلافه لها أيضاً ثمن من جانب الإدارة الأمريكية، وهو يعلم أنه يحتاج إلى الإدارة لتنفيذ خططه السياسية الكبيرة".
وبحسب قوله: "فإن بايدن وبن غفير كالزيت والماء، ولا خير من محاولة خلط الاثنين وإيجاد قاسم مشترك بينهما، وفي النهاية سيتعين على نتنياهو أن يختار، ولقد طرح بلينكين ثمن الاختيار أمامه أمس".