هآرتس
جاكي خوري
ترجمة حضارات
أراد عباس لفتة سياسية، فعرض عليه بلينكين تحديث الشبكة الخلوية، وكأن سقف توقعات الفلسطيني في رام الله وجنين اللعب بالجوال أو مشاهدة التيك توك.
انتهى الاجتماع في رام الله دون نتائج تذكر للفلسطينيين، كما تجنب وزير الخارجية الأمريكي حتى الإعلان عن موعد لافتتاح القنصلية الأمريكية في القدس، أو افتتاح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
لقد حدد الصحفي المصري المخضرم أحمد رجب ذات مرة ثلاثة أنواع من الخطاب في الخطاب السياسي- السياسي: تصريحات قوية وذات مغزى، وتصريحات جوفاء فارغة من المضمون، وتصريحات قوية ولكنها فارغة. هذه الأخيرة هي التي من اللطيف سماعها، وتدغدغ البطن وترفع الابتسامة، لكنها في الواقع جوفاء ولا تحتوي على أي بشارة حقيقية. هذا هو الوصف الذي يمكن لكل مواطن فلسطيني -وليس فقط قيادة السلطة الفلسطينية- التوقيع عليه في نهاية أي محادثة مع كبار مسؤولي الإدارة في واشنطن، بمن فيهم وزير الخارجية أنطوني بلينكن. نفس التصريحات صمدت منذ أيام جورج بوش الابن، عبر باراك أوباما حتى يومنا هذا، باستثناء فترة ترامب كرئيس، والتي فحص البيت الأبيض خلالها الفلسطينيين من خلال عيون مجلس "ييشع" الاستيطاني.
يركز الخطاب الإسرائيلي على خطة ليفين- نتنياهو لإضعاف النظام القضائي وإلى أي مدى يمكن للإدارة أن تؤثر عليها، وبالطبع على إيران. لولا الهجمات التي وقعت في النبي يعقوب وسلوان، لكان التطرق للقضية الفلسطينية محل شك.
لأكثر من عام، كان الوضع في الضفة الغربية يغلي، وعدد الضحايا في الجانب الفلسطيني آخذ في الازدياد، وفي كل مرة صرخ فيها الفلسطينيون، قيل لهم أن يكونوا هادئين، لا يوجد أفق لعملية سياسية. لقد بدأ هذا ببينيت، وانتقل إلى لبيد، والآن تلقى عباس مرة أخرى نتنياهو بتعزيز بن غفير وسموتريتش.
إذا لم تكن هناك إمكانية للحديث عن الأفق السياسي قبل بضعة أشهر، فقد أغلق الملف الآن.
الخطاب المحدث هو منع المزيد من التصعيد، لدرجة أن بلينكين مستعد لترك أشخاص من فريقه في المنطقة. سنرى باربرا لايف وهادي عمار يواجهان بن جفير.
على الإدارة الأمريكية أن تفهم أن الفلسطينيين، حتى لو كانوا ساذجين، فهم ليسوا بهذا الغباء، ليست هناك حاجة لتلاوة عبارات مثل أن الولايات المتحدة "ملتزمة بالهدف المستمر: الاحترام والعدالة وتكافؤ الفرص لكلا الجانبين وحل الدولتين"، عندما تفعل إسرائيل عمليًا ما تريد بغض النظر عن الضغط الدولي، وخاصة الأمريكي.
هذا عندما يُنظر إلى كل خطوة على الساحة الدولية من جانب الفلسطينيين، بما في ذلك تقديم التماس إلى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، على أنها خطوة تحد وتضر بالثقة.
وسمع محمود عباس في حديثهما من بلينكن تحفظا على قرار وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وحول نية الاستمرار في الاتصال بالمنظمات الدولية.
وأوضح عباس -فاقد الأمل- أن ضبط النفس في هذه الأمور غير ممكن.
وأثار بلينكين الحاجة إلى إجراءات بناء الثقة، ولكن بدلاً من تقديم خطوة فعالة ذات أهمية سياسية استراتيجية، كما هو متوقع من وزير خارجية دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث عن المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية والإغاثة المدنية، بما في ذلك تحديث الشبكة الخلوية، وكأنه سقف توقعات الفلسطيني في رام الله أو في جنين اللعب على الجوال ومشاهدة فيديوهات تيك توك.
ودُفعت الأمور الأخرى جانباً: حدود 67 لا علاقة لها بالموضوع، واستمرار البناء في المستوطنات ومدة الاحتلال لم يتم ذكرها بكلمة واحدة، وحتى بيان عن موعد افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس، أو افتتاح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن لم يكن على جدول الأعمال، ستحصل "إسرائيل" على إعفاء من تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة بسعر مخفض -يمنح الإذن للفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية لدخول أراضيها أو السفر من "إسرائيل"- أو لن تضطر إلى الدفع على الإطلاق.
مع مثل هذه البشارة، فلا عجب أن الزعماء لم يذهبوا إلى وسائل الإعلام في نهاية الاجتماع.
بالنسبة للفلسطينيين، لم يكن هناك شيء يذكر، باستثناء رسالة قصيرة من عباس، انتهى الحفل وانتهت الزيارة بلا مضمون أو أمل.