قانون المواطنة المشروطة في إسرائيل

هآرتس

مقال التحرير

ترجمة حضارات



يعد مشروع قانون سحب الجنسية من الإسرائيليين الذين ارتكبوا جريمة "إرهابية" وتلقوا أموالاً من السلطة الفلسطينية -والذي أقر أمس بأغلبية كبيرة 89% مقابل 8% معارضين في القراءة الأولى في الكنيست- خطوة أخرى في عملية تفكيك الوضع المدني غير المستقر للفلسطينيين (مواطني إسرائيل) بعد قانون المواطنة والدخول إلى "إسرائيل"، الذي يمنع المواطنين الفلسطينيين من العيش في "إسرائيل" مع أزواجهم، وبعد قانون الجنسية الذي أعلن أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، يأتي الآن القانون الذي سيسهل سحب الجنسية عن أولئك الذين ارتكبوا أعمالا إرهابية، إن الغرض من القانون -إضافة صدع كبير في استقرار الوضع المدني للفلسطينيين في "إسرائيل"- يتجلى من خلال التمييز الذي يرسخه بين الإرهابيين اليهود والعرب، مواطنون يهود هم أيضاً في سجون "إسرائيل" بسبب أعمال إرهابية، لكن جنسيتهم ليست محل شك، وذلك بسبب يهوديتهم فقط.

لن يفكر أي من أعضاء الكنيست الذين صوتوا لصالح مشروع القانون في سحب جنسية "يعقوب تايتل"، أو قتلة الصبي "محمد أبو خضير"، أو من قام بإضرام النار في عائلة دوابشة في قرية دوما، أو "يجال أمير"، هذه الفجوة بالنسبة لمرتكبي الأعمال التخريبية تعني أن هناك مجموعة تكون مواطنتها آمنة ومستقرة، بينما تكون جنسية أخرى مؤقتة، تحت الاختبار المستمر والمشروط.  

لا مجال للشك: أن عمل اقتلاع الجنسية يبدأ بمن ارتكب جرائم خطيرة، لكنه لن ينتهي عند هذا الحد، سوف يمتد هذا ويخلق أسباباً إضافية للإلغاء، لأنه يقوم على تصور أن المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل" ليسوا في الحقيقة مواطنين بل رعايا، وأن مواطنتهم هي مجرد عطف وإحسان.

حقيقة أن أعضاء الكنيست من المعارضة، وخاصة من يسار الوسط المزعوم، أيدوا الاقتراح أمر مثير للقلق بشكل خاص، وتوضح هذه الحقيقة إلى أي مدى ترسخ مفهوم التفوق اليهودي هناك أيضاً، وإذا كانت المعسكرات السياسية التي من المفترض أن تعمل كبديل لحكومة بن غفير سموتريتش غير قادرة على معارضة حتى اقتراح يرقى إلى مستوى الاعتداء على جنسية الفلسطينيين (مواطني إسرائيل) فكيف يمكنهم الحفاظ على شراكة سياسية مع هذا القطاع؟

يتناقض مشروع القانون مع فكرة المواطنة ذاتها، والتي هي جزء ضروري من إطار أي بلد، وهي بحد ذاتها حق أساسي وشرط لإعمال معظم حقوق الإنسان الأساسية الأخرى، لذلك لا ينبغي أن تعتمد المواطنة على أفعال الفرد، كونه مواطناً صالحاً أو ملتزماً بالقانون، ولا تسقط الجنسية حتى عندما يرتكب الشخص أعمالا خطيرة، حتى عندما يرتكب الفظائع، من المناسب تأجيل هذا القانون وغيره من المبادرات لزيادة إضعاف المكانة المدنية للفلسطينيين (مواطني إسرائيل).

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023