إيران اختارت طريق التطرف

موقع نيوز "1"

يوني بن مناحيم

ترجمة حضارات



إن احتجاج الحجاب في إيران مستمر منذ حوالي خمسة أشهر، وليس هناك نهاية في الأفق، مئات القتلى، واعتقال الآلاف وإعدام خمسة متظاهرين، هذا هو التوازن المؤقت حتى الآن.

قد يؤدي الاحتجاج -وهو الأكبر في تاريخ إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979- في نهاية المطاف إلى سقوط النظام، لكنه في غضون ذلك أدى إلى تطرف النظام الإيراني، الذي يخشى مصيره، وتعزيز الحرس الثوري.

أصبح المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" أكثر اعتماداً على الحرس الثوري الذي يحمي بقائه من خلال القمع الوحشي للاحتجاجات، وتحولت مظاهرة الحجاب من نضال ضد ارتداء الحجاب ومطالبة بحقوق المرأة، إلى حركة احتجاجية تطالب بإسقاط النظام.

ويخشى كبار المسؤولين الإيرانيين من أن يؤدي استمرار الاحتجاجات إلى سيطرة الحرس الثوري على مؤسسات الجمهورية الإسلامية، وتحويل النظام إلى نظام عسكري ديكتاتوري من أجل الدفاع عن نفسه في مواجهة الانتقادات الداخلية المتزايدة، والضغوط الخارجية للدول الغربية على إيران.

وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني -مطلع الأسبوع- أن المرشد الأعلى أصدر عفواً عن عشرات الآلاف من السجناء، بمن فيهم من شاركوا في المظاهرات خلال موجة احتجاج الحجاب، وصدر العفو بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران عام 1979، ويبدو أن خامنئي مستمر في سياسة "العصا والجزرة" لمحاولة تهدئة موجة الاحتجاج التي لا نهاية لها في الأفق.

لا نخطئ، فالنظام الإيراني لا يغير استراتيجيته، إن القمع الوحشي الذي يمارسه الحرس الثوري فعال للغاية وسيستمر النظام ويتحمل، وموجة الاحتجاج ليس لها قيادة، وهناك نقص في التنسيق بين المتظاهرين، يعني الوضع الاقتصادي الصعب في إيران أن المحتجين سيستمرون في النزول إلى الشوارع.



قمع النقد الداخلي

وعلى الرغم من القمع الوحشي لاحتجاج الحجاب، هناك أيضاً انتقادات داخلية للنظام من علماء الدين الشيعة في النجف وقم، ومن كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين السابقين، والانتقاد موجه للديكتاتورية الإيرانية والإدارة الفاشلة للاقتصاد من قبل الرئيس "إبراهيم رئيسي".

انتقد الرئيسان السابقان "محمد خاتمي" و"حسن روحاني"، وكذلك رئيس البرلمان السابق "علي لاريجاني"، القمع الوحشي للمتظاهرين، وأصدر خاتمي والناشط الإيراني المعارض تحت الإقامة الجبرية "مير حسين موسوي" رسائل منفصلة قبيل ذكرى الثورة الإسلامية ودعوا فيها إلى إصلاحات عميقة في إيران.

رداً على ذلك، أصبح الاثنان هدفاً لهجوم شنه الحرس الثوري، وكانت صحيفة "جاوان" الناطقة بلسان "الحرس الثوري" اتهمت الاثنين في 6 فبراير بشن حملة ضد النظام، النظام الإيراني غير مستعد لسماع أي إصلاح، ويزداد تشدداً في مواقفه عقب احتجاج الحجاب، يقود هذا الخط الحرس الثوري.

وكسر المرشد الأعلى "خامنئي" العجلة بقوة في اتجاه روسيا التي تتحدى الدول الغربية بشأن موضوع الحرب في أوكرانيا، تزود إيران روسيا بالصواريخ والطائرات بدون طيار، وتأمل أن تحصل منها على مقاتلات Sukhoi 35 وأنظمة دفاع جوي متطورة من طراز S-400 يمكن أن تحد من حرية تشغيل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية.

المرشد الأعلى "خامنئي" غير مهتم بتوقيع الاتفاق النووي ولا يخشى عقوبات إضافية ستفرضها الدول الغربية على إيران.

من المتوقع أن تستمر إيران في عام 2023 في الخط المتطرف في سياستها الخارجية وداخلها، وهذا هو الخط الذي يمليه الحرس الثوري، ويُظهر العالم الغربي التراخي في مواجهة إيران المتطرفة، والدولة الوحيدة التي تتحدىها هي "إسرائيل"، وإدارة بايدن والاتحاد الأوروبي ليسوا مستعدين للقيام بعمل عسكري ضد إيران ويأملون أن يؤدي احتجاج الحجاب إلى مزيد من انهيار النظام الإيراني.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023