نظم مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية بالمشاركة مع مركز يافا الثقافي بمخيم بلاطة في نابلس، مساء اليوم السبت، حفل إشهار كتاب "وفق المصادر 2022" للأسيــر الكاتب والخبير في الشأن الصهيوني عبد الناصر عيسى من نابلس، وسط مشاركة ثقافية وشعبية واسعة.
ويعتبر كتاب وفق المصادر 2022 الخامس ضمن مسار سلسلة وفق المصادر، التي بدأت عام 2018 وشملت 15 مجلداً.
ويهدف الكتاب إلى توعية القارئ للمعاني التي يصعب ترجمتها، ويركز على الأحداث والمواقف الأمنية والسياسية والحزبية لدى الاحتلال، لفهم موقف ونظرة العدو.
اتبع الكاتب الأسير عبد الناصر عيسى، منهجية علمية تحقق هدفين رئيسيين، في هدفها الأول اهتم بالدقة في النقل والترجمة ونسب الكلام لمصدره، واستثمر الكاتب اتقانه للغة العبرية، ومعرفته بالإسرائيلي كجندي ثم سجان.
وتخلل حفل الإشهار عرضا مرئيا عن الأسير القائد عبد الناصر عيسى وكتابه وفق المصادر 2022. شمولية وتحدٍ
وأوضح الناشط في نشر أدب السجون المحامي حسن عبادي، أن كتاب وفق المصادر للأسير عبد الناصر، يمتاز بالشمولية، وخرج من إطار الاهتمام العام للأسرى بالسرديات والأدب والفلسفة إلى الترجمة التحليلية.وأشار بأن الترجمة تشكل نوع من التحدي، وأكد على أهمية الترجمة في معركتنا اليومية. مبينًا أهمية كتاب وفق المصادر، في ظل محاولات الاحتلال الترجمة المشوهة بما يخدم النهج الصهيوني في بناء تاريخ مزيف وقراءة بعيدة عن الحقيقة، وإدخال مصطلحات وأسماء فلسطينية إلى اللغة العبرية كالشوارع والقرى؛ بما يخدم مصالح السردية الصهيونية في بناء التاريخ. وحذر عبادي من خطورة تمرير الدعاية الصهيونية، التي قد تصل الى القارئ العربي والأجنبي فيتبناها ويدافع عنها.
وقال إن الأسير القائد عبد الناصر عيسى حاول ترجمة المصادر ترجمة دقيقة غير عشوائية، فترجم ما لا نسمعه وما لا تريد المؤسسة الصهيونية أن يصل لنا، وناقش مسألة ثقافية حساسة تمس الفكر، فيجعلنا عبدالناصر نقرأ ما يكتبه الآخر ولا يصل إلينا.
وبيّن بأن الأسير يجد صعوبة في إخراج ما يكتبون إلى الخارج، لكن الأصعب في إيجاد من يتبنى إصدار الكتاب، والأنكى من ذلك عدم تمكنه من مراجعة المسودة والمخطوطة قبل النشر.
ولذلك دعا أهل القلم والناشرين الاهتمام بما يكتبه الأسرى، مراجعة وتنقيحًا وتحقيقًا.
مرجعية السجّان
ووصف الكاتب والصحفي نوّاف العامر وفق المصادر بأنه كتاب موسوعي في سياق الرؤية الإسرائيلية وتقديم الرواية الفلسطينية، وكان الكتاب الثامن عصارة فكر الأسير عيسى الغزير.
وقال بأن عبدالناصر عيسى عميد أسرى نابلس، استلهم انتاجه الغزير من الوحي الذي يسكن جدران السجون ويصيب به الأسير، مشيرًا بأن الحديث عن قدرات عبدالناصر طويل ولا يتوقف.
وحسبه فإن السجان كان يقف بذهول من غنى المصطلحات في قريحته وذاكرته، لدرجة أن من شدة إتقانه للغة كان مرجعية لضباط السجان وسجانيه، ستفتونه ويسألونه إذا استعجمت عليهم لغتهم العبرية.
حركة الترجمة تدل على اهتمام الباحثين والسياسيين والدارسين ورواد الثقافة، وعبدالناصر يعيدنا إلى صورة الثورة الصناعة الأوروبية التي اعتمدت على ثقافة ومؤلفات العرب في الأندلس، في وقت تتصف به حركة الترجمة بالضعف النسبي اليوم.
وأكد بأن هذا الإصدار يقودنا لتشكيل ودعم رؤانا الموضوعية حول القضايا التي سلط عبدالناصر الضوء عليها، من بنى الاحتلال وسياساته كفلسطينيين وأمة فلسطينية وعربية وإسلامية، في مقابل قصور الإعلام العربي عنها.
ويؤكد بأن دقة النقل والترجمة تبين حفاظ على مبادئه بصدق السردية الفلسطينية التي توضح عدالة قضيتنا، وتظهر مظلوميتها، ولا ينسى عيسى في ترجمته أن يظهر اثنية الاحتلال والذي يريد بشكل آخر أن يكشف عن عنصريته.
وبيّن أن ما يسجل لوفق المصادر بأنها يومية تطل للمتابع مرة أو أكثر، ويُعتمد عليها في إنجاز التقارير الفلسطينية والعبرية على حد سواء.
ودعا عيسى إلى طرق باب السيرة الذاتية، وكتابة سيرته معتمدًا على قوة ما يملك.
ودعا لاتساع مركز يافا تبني المزيد من أطفال الأنابيب الثقافية؛ لتخرج من خلف قضبان السجون، وفتح الباب أمام أدب الأسرى وجلسات نقاشية في وسائل الإعلام.
الاحتلال والجهل شيطانان
وفي كلمة عائلة الأسير عبدالناصر عيسى ألقاها بالنيابة عنهم شقيقه عمر، قال بأن 23 عامًا متراكمة من المعاناة والقهر في السجن لم تثنِ عبدالناصر عيسى عن الاستمرار في بذله وعطائه وإيجابية المعهودة عنه منذ نعومة أظفاره.
وأكد بأن شقيقه عبدالناصر كان مبادرًا دومًا في الخير والعطاء حتى في أحلك الظروف وأصعبها، ففي عامه الــ32 في القيد والسلاسل لا زال عطاؤه مستمرًا دون بخل أو توانٍ.
وقال بأن عبدالناصر علّم وتعلم بأن طريق ارتقاء المجتمع والتحرير تبدأ التحرر أولًا من قيود الجهل والفرقة، ودعا للوحدة والتكاتف لمناهضة الظلم والاحتلال، فالجهل لا يقل خطورة عن الاحتلال، فهما شيطانان لا يفترقان، ودعا للسعي لتحرير الأسرى كل حسب قدراته.
فقه العدو
وقال الكاتب والأديب الفلسطيني وليد الهودلي، إن عبدالناصر عيسى يقوم بدوره المهم، الذي وصل فيه إلى فقه متقدم، يفقه هذا العدو، بترجمته النوعية التي تحقق الهدف الوطني.
وأكد المتحدثون في الإشهار على أهمية الكتاب والترجمة من اللغة العبرية، شهادة الميلاد الثامنة لكتب الأسير عبد الناصر عيسى.
والأسير القائد القسامي عبد الناصر عطا الله عيسى (52 عاماً) من نابلس، معتقل منذ 28 عاماً متواصلة، وأمضى ما مجموعه 32 عاماً في سجون الاحتلال.
ويعد الأسير عيسى صاحب عقلية فذة، ومفكر وذو شخصية كارزمية طاغية، يتقن استشراف المستقبل وقراءة الواقع بصورة يعجز عنها كبار المفكرين الذين يمتلكون كل أدوات المعرفة خارج السجن.
فقد استطاع عيسى تحويل السجن لمعهد أكاديمي كبير حصد من خلاله عددا من الألقاب العلمية بعد أن أتقن اللغة العبرية بصورة تفوق المتخصصين اليهود.
حرره: هبة محمود الأسطل