السيناريو المرجعي المحدّث للحرب

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني


بقلم:
الخبير العسكري والأمني:
عبد الله أمين
12 02 2023
​​​​​​​

قراءة في الموقف وتقدير المضاد من الإجراءات

أولاً: الموقف:  

نشرت شبكة الهدهد الإخبارية في تاريخ 1 -2 2023 تقريراً بعنوان " السيناريو المرجعي المحدّث للحرب "،  حيث ذكر التقرير معلومات حول هذا السيناريو الذي وافقت عليه اللجنة الوزارية لشؤون الجبهة الداخلية في آب الماضي، وسيتم تقديمه قريباً إلى مجلس الوزراء الأمني السياسي الجديد (الكابينيت) لمراجعته والمصادقة عليه، ومن أهم ملامح هذا السيناريو طبقاً لما جاء في التقرير ما يأتي من معطيات:  

1. يحوي السيناريو خريطة تهديدات تشمل 40 تهديداً.  

2. 70 % من سكان (إسرائيل) لديهم حلّ دفاعي أو تحصين جيد على شكل غرف محصنة أو ملاجئ ضد الهجمات الصاروخية.  

3. ذكر امتناع السائقين الفلسطينيين من الداخل عن الالتحاق بعملهم بسبب عدم القدرة على الوصول إلى أماكن شغلهم، أو لعدم تأييدهم للجهد العسكري للكيان، مما سيؤثر على حركة النقل المدنية والعسكرية، ذكر هذا الأمر كتهديد رئيسي.  

4. يقدر السيناريو أن عدد الصواريخ التي ستسقط على الكيان في حال الحرب، تصل إلى معدل  1500 مقذوف يومياً، بين صاروخ وقذيفة صاروخية.  

5.  من ضمن هذه التهديدات الأربعين؛ يتحدث  السيناريو عن أربعة مركزية، وهي على النحو الآتي:  

أ‌. هجمات صاروخية.  

ب‌. هجوم الكتروني سيبراني، وخطورة هذا التهديد أنه سيتركز على أنظمة الطاقة والاتصالات.  

ت‌. زلزال.

ث‌. أوبئة.  

6. يحدد السيناريو الجهات التي  ستشارك في مواجهة هذه التهديدات وهي بالإضافة إلى السلطات المدنية؛ الجيش والشرطة وحرس الحدود.  

7. يتحدث السيناريو عن مهام قوات الجبهة الداخلية والتي ستكون على النحو الآتي:  

أ‌. النشاطات المستمرة لآليات الإدارة اليومية للـ ( الدولة ).  

ب‌. صنع القرار في البلد خلال حرب واسعة النطاق.  

ت‌. الحماية والإنذار وتحصين الجبهة الداخلية والمواقع الاستراتيجية.  

ث‌. توفير الخدمات الطبية والتعليمية والإنقاذ.  

ج‌. المأوى المناسب داخل المباني مثل المدارس للسكان الذين سيتم إخلاؤهم.  

ح‌. نقل المعلومات الحديثة الموثوقة إلى الجمهور.  

خ‌. تقديم خدمات الدفن ومنع الإضرار بالبيئة.  

8. أما عن الأهداف الرئيسية للحرب القادمة فهي على النحو الآتي:  

أ‌. الحفاظ على الخدمات المطلوبة للأجهزة الأمنية.  

ب‌. الحفاظ على حرية التنقل في البر والجو والبحر.  

ت‌. استقرار النظام الاقتصادي والمالي.  

ث‌. الحفاظ على أنظمة الاتصال والخليوي والحفاظ على القانون والنظام.  

هذه كانت مفردات الموقف وأهم سماته ومعطياته، الأمر الذي يمكن إن أُحسن تحليله واعطاؤه ما يستحق من الأهمية من قبل أهل الشأن والاختصاص؛ يمكن أن يوصل إلى وضع خطة مفصلة للتعامل مع هذا السيناريو واستثمار ما جاء فيه من معطيات في سبيل تجويد عمل الجهات المتصدية لهذا الكيان المؤقت، آخذين بعين الاعتبار أن نشر مثل هذا السيناريو قد يحمل البعض على القول أنه قد يكون من باب الخداع أو التضليل؛ وقد يكون هذا صحيحاً؛ لكن التدقيق فيما جاء في هذه الوثيقة، ومقارنتها مع حال الكيان وطبيعته الحياتية اليومية، وما واجهه من تهديدات في الماضي، وكيف تعامل معها، التدقيق في كل هذا الأمر يحمل المرء على القول أن هذا النص المنشور فيه من المعطيات الحقيقية ما يمكن الاستفادة منه والبناء عليه؛ لذلك جاء هذا التقدير والتحليل.  

ثانياً: تحليل الموقف:  

إن تحليل ما جاء في هذه الوثيقة يقول أن مركز ثقل الجهد المعادي وتخصيصه للقدرات سوف ينصبّ على مواجهة التهديدات الرئيسية التالية:  

1. إدامة الحياة اليومية (للمواطنين المدنيين) والحرص على عدم تضررها.  

2. إدامة حركة السير والنقل والتنقل؛ البرية البحرية والجوية، خدمة للهدف السابق، وكذلك لإدامة واسناد المجهود الحربي للقوات العاملة على جبهات القتال المختلفة.  

3. عدم تضرر الشبكة السيبرانية التي تخدم مختلف شؤون الحياة؛ المدنية والعسكرية والاقتصادية، وحفظ مراكز ثقل وأدوات عمل هذه الشبكة بعيدة عن التهديد والتضرر.  

4. عدم وقف العجلة الاقتصادية الداخلية والدولية، لما يشكله هذا التوقف من إساءة لسمعة الكيان المؤقت لدى المحافل الاقتصادية بمختلف تنوعاتها.  

ثالثا: الإجراءات المضادة:

فيما يخص الإجراءات المضادة والممكن القيام بها؛ فإنها تتركز على منع تحقيق العدو لأهدافه من الحرب التي ذكرها هو بنفسه، من خلال تنفيذ مجموعة إجراءات في مواجهة كل هدف من أهداف الحرب التي ذكرها العدو، والتي ـ الإجراءات ـ يمكن تفصيل أهمها على النحو الآتي:  

1.  الحفاظ على الخدمات المطلوبة للأجهزة الأمنية:  

لمنع تحقيق هذا الهدف يمكن القيام بالآتي:  

أ‌. استهداف شبكات القيادة والسيطرة السلكية واللاسلكية التي تخدم هذه المقرات.  

ب‌. استهداف هذه الأجهزة بالجهد السيبراني الذي يعطل دورة عملها.  

ت‌. الاستهداف الفعلي بالنار لمقار هذه الأجهزة والمربعات الجغرافية المتواجدة فيها.  

ث‌. شل حركة عملاء العدو ومصادره البشرية ومنعها من الحركة أو تقديم الخدمات المطلوبة منها.

ج‌. منع أو تأخير الوصول السهل والسلس لكوادر ومنتسبي هذه الإدارات إلى مقار عملهم وإداراتهم.    

2. الحفاظ على حرية التنقل في البر والجو والبحر:  

لمنع تحقيق هذا الهدف يمكن القيام بالآتي:  

أ‌. ضرب عقد المواصلات الرئيسية، من جسور و تقاطعات الطرق الحيوية على شبكة المواصلات البرية.  

ب‌. ضرب الموانئ والمطارات والقواعد الجوية وإخراجها عن الخدمة أو تهديد أجوائها ومحيطها والجغرافيا التي تقع فيها هذه المرافق الحيوية.  

ت‌. تهديد الطرق الرئيسية ومحاور التنقل البرية التي تشكل العصب الرئيسي لحركة التنقل البري مثل الشوارع رقم: 1/6/4/31/40/60/ 65/85 /90/89/899، حيث تشكل هذه الطرق مركز ثقل شبكة مواصلات العدو البرية؛ من شرق فلسطين المحتلة إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها.

ث‌. ضرب تجمعات ـ الكراجات ومحطات الوقوف العمومية ـ  ووسائل النقل البرية، وورش الصيانة والإصلاح الخاصة بها، وجعلها مناطق محرمة على التردد.  

ج‌. الحاق الأضرار بشبكات الطرق الفرعية والمحاور الإلتفافية، المعدّة أصلاً لتخفيف الضغط على المحاور والطرق الرئيسية التي ذكرناها سابقاً.  

ح‌. وضع العوائق ومخلفات البناء على الطرق الرئيسية والفرعية، واغلاق ما يمكن اغلاقه منها.  

خ‌. تعمد تعطيل السيارات ومركبات النقل الثقيل على المحاور الرئيسية والفرعية.  

3. استقرار النظام الاقتصادي والمالي:  

لمنع تحقيق هذا الهدف يمكن القيام بالآتي من الإجراءات والنشاطات:  

أ‌. ضرب شبكات الخدمات الاجتماعية ـ مواقف سيارات، كهرباء، ماء، غاز، صرف صحي، اخلاء نفايات ـ  الخاصة بهذه المرافق الحيوية.  

ب‌. ضرب منظومة الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تخدم هذه المرافق والمنشآت.  

ت‌. استهدافها بالجهد السيبراني الهجومي للتأثير عليها وزعزعة الثقة فيها.  

ث‌. استهدافها بالنار المباشرة ـ مدفعية، صواريخ، مسيّرات ـ وسائر وسائط التهديد الناري الممكنة.  

4. الحفاظ على أنظمة الاتصال والخليوي:  

لمنع تحقيق هذا الهدف يمكن القيام بالآتي:  

أ‌. ضرب المراكز والمحطات الأرضية ـ الرئيسية والفرعية ـ المتصلة بهذه الخدمات.

ب‌. ضرب خطوط النقل الأرضية والبحرية التي تدعم هذه الشبكات.  

ت‌. ضرب مقار إدارة وتوجيه هذه الشبكات وتشغيلها، بمختلف وسائط النار؛ المباشرة والقوسية والرأسية.  

ث‌. استهداف هذه الشبكات بالجهد السيبراني المناسب لتعطيلها واخراجها عن الخدمة، أو إبطاء سرعتها والتقليل من كفاءة أدائها.  

ج‌. إغراقها بكم هائل من الاتصالات والطلبات، مما يسقطها من الخدمة، أو يخفف من سرعة استجابتها وكفاءة أدائها.  

ح‌. ضرت وتدمير محطات وأبراج التقوية لهذه الشبكات، والمنتشرة في المدن والبلدات والمرتفعات.

5. الحفاظ على القانون والنظام:

لمنع تحقيق هذا الهدف يمكن القيام بالآتي:  

أ‌. القيام بالمظاهرات والاحتجاجات الشعبية في مختلف المدن والقرى الفلسطينية، خاصة مدننا وقرانا المحتلة عام الثمانية والأربعين.  

ب‌. عدم التقييد بالإجراءات والقوانين اليومية مرعية الإجراء ـ الإشارات الضوئية، سرعة سير المركبات، دفع الضرائب المالية، خفض نسبة استهلاك بعض الخدمات مثل الماء والكهرباء، السير عكس المسير المحدد للمركبات، وغيرها من الإجراءات المشابهة.  

ت‌. اختلاق المشاكل في الأحياء والتجمعات السكانية ـ حرائق، انسدادات في شبكات الصرف الصحي، قطع شبكات المياه والكهرباء.  

ث‌. منع الدخول والخروج من بعض المدن والقرى، عبر قطع الطرق الدائم أو الظرفي ونصب الحواجز عليها.  

ج‌. فرض إغلاق مقرات تطبيق القانون المدنية والعسكرية، واستهدافها بأعمال المقاومة المختلفة.  

رابعاً: التوصيات:  

1. متابعة الموقف ورصد مؤشرات وقرائن  تطوره أو إجراء التغييرات عليه.  

2. وضع الخطط الإدارية والتعبوية للتعامل مع كل هدف من الأهداف التي ذكرها السيناريو والمطلوب تحقيقها أثناء الحرب.  

3. توزيع الأدوار والمهام على المعنيين الرئيسيين لمواجهة هذا السيناريو والتعامل معه.  

4. البحث عن سبل تأمين المتطلبات المادية والبشرية المطلوبة للنهوض بمهام مواجهة هذا السيناريو وما فيه من أهداف.  

5. تخصيص القدرات بناء على الأدوار والمهمات، وتأمين إيصالها للفرقاء المشاركين في مواجهة هذا السيناريو وتداعيات موقفه.  

هذه إطلالة تحليلية سريعة على هذا الموقف، على أمل أن يجد مكانه على طاولة ذوي الشأن، فيبنى على الشيء مقتضاه. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.  





جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023