أعلن الوزير الصهيوني المتطرف [إيتمار بن غفير] قبل أيام عند إغلاق الأفران التي تزود الأسرى بالخبز، وجاء ذلك حسب قوله في إطار السياسة الجديدة التي ستنتهجها وزارته ضد الأسرى والخطوات العقابية التي ينوي تطبيقها في حقهم، ولكن الغريب أن المجتمع الصهيوني اليهودي الذي سوّق للدنيا كلها مظلومية النازية والمحرقة، وما طال اليهود من عدوان في أنحاء أوروبا شرقاً وغرباً، لفه الصمت بل وحتى التأييد، وكأن مصادرة رغيف الخبز من أسير في السجون يجلب الفخر للدولة العبرية، ويعيد لها شيئاً من كرامتها التي داسها خيري علقم تحت أقدامه.
وهنا يأتي السؤال الأهم، هل حقاً أن هذا المشهد غريباً عن هذا الكيان وهل [بن غفير] هو استثناء في هذا المشهد؟ يكفى أن تسمع ما قاله حاخام مدينة صفد، هذا اليهودي المتطرف الذي يشرب بنفس المشرب الذي يروي [بن غفير]، يقول في تعليقه على الكارثة الإنسانية التي قامت في تركيا وسوريا بعد هذا الزلزال الرهيب: [يجب أن نشكر الله على هذا الذي حصل، لأنه الله يعاقب أعداءنا]، إن هذا الفساد الأخلاقي والديني والقيمي لم يبدأ برغيف خبز يصادر من أسير، بل بتبرير فظيع للقتل والتدمير للأطفال والشيوخ والنساء، إن هؤلاء هم أساتذة [بن غفير] وقد سبقهم أستاذه الأكبر الذي لطالما علقه صورته في صالون بيته، ذلك المتطرف [باروخ جولد شتاين]، الذي قتل بدم بارد عشرات المصلين في المسجد الإبراهيمي، وما ذنبهم إلا كونهم فلسطينيون ومسلمون.
إن ما يدور داخل السجون من قتل بطيئ للأسرى ومصادرة لحقوقهم، لا يندرج في إطار السياسة الصهيونية العامة فحسب، بل هو جزء من عقيدة يهودية متطرفة، يقودها أبناء وأحفاد [مئیر كاهانا]، ولذلك فإن مساندة الأسرى والوقوف إلى جانبهم والدفاع عنهم والسعي إلى تحريرهم يجب أن يتصدر أجندة القيادة الفلسطينية الرسمية والفصائلية وحتى الشعبية، ويكون الهم العام هو إنقاذ الأسرى لأن الأمر لن ينتهي برغيف خبز يصادره [بن غفیر]، بل حملة إجرامية ستطال حياة الأسرى قبل أن تطال قوت يومهم.