موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
غضب رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن من قرار مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، بإضفاء الشرعية على تسع بؤر استيطانية غير شرعية في الضفة الغربية، وفي بيان أصدره قال فيه: "إن القرار يمثل تحدياً للجهود الأمريكية والعربية، واستفزازات للشعب الفلسطيني ستؤدي إلى مزيد من التوترات والتصعيد".
يواصل أبو مازن موقفه المتطرف ضد "إسرائيل"، في خطاب ألقاه في مؤتمر القدس هذا الأسبوع في القاهرة، زعم أن حائط البراق هو وقف إسلامي وجزء من المسجد الأقصى.
لقد فشلت إدارة بايدن فشلاً ذريعًا في جهودها لتهدئة التوترات في شرقي القدس والضفة الغربية، فقد أرسل مؤخرًا ثلاثة مبعوثين رفيعي المستوى إلى الشرق الأوسط لمحاولة منع تصعيد أمني لكنهم عادوا خالي الوفاض.
على ما أذكر، في الأسابيع الأخيرة أرسل مستشار الأمن القومي جاك سوليفان واحدًا تلو الآخر، ورئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ووزير الخارجية توني بلينكين، والتقى الثلاثة برئيس الوزراء نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن لكنهم عادوا إلى واشنطن دون أي نتائج حقيقية.
وافق رئيس الوزراء نتنياهو على الأفكار الأمريكية لتهدئة المنطقة، ووعد بكبح جماح الوزيرين بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وتجنب الإجراءات الأحادية الجانب التي يمكن أن تزيد التوترات في الفترة التي تسبق شهر رمضان، لكن من نسف خطط الأمريكيون كان رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الذي حاول انتزاع إنجاز سياسي منهم، مثل: افتتاح القنصلية الأمريكية في شرقي القدس، أو افتتاح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وعندما أدرك أن الإدارة غير مهتمة بهذه التحركات الآن، فقد رفض ببساطة الخطة الأمريكية لإعادة السيطرة الأمنية إلى السلطة الفلسطينية، والحرب على المقاومة ضد الجماعات المسلحة في الضفة الغربية.
وقد أعد الخطة الأمنية الجنرال الأمريكي مايك فنزل، الذي ينسق بين الإدارة وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وقد سار على خطى الجنرال كيث دايتون الذي خدم في الأعوام 2005-2010 كمنسق بين الحكومة والسلطة الفلسطينية، ودرّب قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بعد الانتفاضة الثانية لمحاربة المقاومة.
خطط الجنرال بينزل لإنشاء قوة خاصة من عدة آلاف من أفراد الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية، والتي ستخضع للتدريب في الأردن، وتعود إلى الضفة الغربية، وتتمركز في منطقتي نابلس وجنين؛ لمحاربة الجماعات المسلحة، والسماح للسلطة الفلسطينية لاستعادة سيطرتها الأمنية في المنطقة.
وحظيت خطته بتأييد رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، ودعم مصر والأردن، وموافقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
كما طلب كبار المسؤولين الحكوميين من رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الوفاء بالالتزامات الأمنية للسلطة الفلسطينية وفقًا لاتفاقات أوسلو، والموافقة على خطة بحيث يمنع الجيش الإسرائيلي الدخول إلى الضفة الغربية، ويسمح للسلطة الفلسطينية بمحاربة المقاومة بنفسها، لكنه رفض الخطة الأمريكية، وجعل المسؤولية عن العمليات على الجانب الإسرائيلي.
وحاول أبو مازن إقناع كبار المسؤولين الحكوميين بأن طريقه أفضل، وأنه سينجح في استدراج المطلوبين بوعود بالعفو والرواتب والسيارات مقابل إلقاء أسلحتهم.
"خطة الاحتواء" لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن محكوم عليها بالفشل التام، وقد حاول تنفيذها دون نجاح في الأشهر الماضية، لكن أعضاء الجماعات المسلحة في جنين ونابلس يرفضونها بشكل قاطع.
افتراض العمل لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن هو أن إدارة بايدن ضعيفة، ومنشغلة في مواجهة مع روسيا حول الحرب في أوكرانيا، والصراع الاقتصادي مع الصين، ولا يريد مواجهة مع السلطة الفلسطينية، لذلك سمح لنفسه بتجاهل طلبات الرئيس بايدن الذي لم يدعه حتى الآن لزيارة البيت الأبيض، وهو غير مستعد "لتوسيخ يديه" وتقديم أفق سياسي للفلسطينيين.
في محادثات مع مقربين منه، قال رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن: "إنه من المستحيل الوثوق بالإدارة الأمريكية في أي شيء لأنها منحازة لصالح "إسرائيل".
ويمثل رفض رئيس السلطة الفلسطينية صفعة لإدارة بايدن، فمن المفترض أن يزداد استمرار نشاط المقاومة في الضفة الغربية مع حلول شهر رمضان، وإجبار "إسرائيل" على الدفاع عن نفسها من خلال نشاط عسكري مكثف، وهو ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى إصابة العديد من الفلسطينيين وقد يقوض الاستقرار الإقليمي.
الرئيس بايدن مخطئ في أنه لا يمارس أدوات الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية، كما طلب الرئيس جورج بوش -في ذلك الوقت- على ياسر عرفات لمحاربة المقاومة، ولا يتردد رئيس السلطة الفلسطينية ولو للحظة في إفشال الخطة الأمنية الأمريكية، وهو يعلم أن استمرار الوضع الراهن قد يشجع المقاومة، ويسبب المزيد من الضحايا من كلا الجانبين.
إن تردد رئيس السلطة الفلسطينية يؤكد حقيقة أنه انتهى منذ فترة طويلة من دوره كشريك محتمل للمفاوضات مع "إسرائيل"، وما يهمه هو شيء واحد فقط، أن يستمر في البقاء في منصبه دون مواجهة أي عامل قد يعرض عرشه للخطر، سيكتشف الرئيس بايدن ذلك بالطريقة الصعبة.