فرنسا تبحث عن خليفة لرئيس السلطة الفلسطينية

موقع نيوز "1"

يوني بن مناحيم



أفادت مصادر في حركة فتح أن هناك غضبًا كبيرًا في قيادة السلطة الفلسطينية ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد مقال نُشر في 12 فبراير في صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية ورد فيه أن الرئيس الفرنسي يبحث عن خلف لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن.

وقال مسؤول كبير في فتح إن "هذه وقاحة، وتدخل فرنسي في الشؤون الداخلية للفلسطينيين، وأن خليفة أبو مازن سينتخب ديمقراطياً من قبل الشعب الفلسطيني في انتخابات رئاسية عامة".

وبحسب ما ورد في الصحيفة الفرنسية، فإن الرئيس الفرنسي ماكرون يبحث عن خليفة لرئيس السلطة الفلسطينية؛ لأنه يريد تغيير بعض الأمور المتعلقة بالجمود في القناة الإسرائيلية الفلسطينية، وأنه طلب من دبلوماسيين فرنسيين والمخابرات الفرنسية إعداد قائمة بأسماء الفلسطينيين الذين يمكن أن يكونوا خلفاء لرئيس السلطة أبو مازن.

رئيس السلطة الفلسطينية، الذي يتولى منصبه منذ 2005، يتمسك بشدة بمقعده، ويؤجل أي انتخابات رئاسية وبرلمانية محتملة؛ خوفاً من خسارة شخصية له ولحركة فتح التي يتزعمها.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي -مقرب من الرئيس الفرنسي- إنه طُلب منه أن يفكر في أي فلسطيني قد يكون "رجل الساعة"، ولمثل هؤلاء الشخصيات الفلسطينية التي لديها أفكار جديدة للخروج من حالة الشلل الحالية، على حد قوله، اقترح أسماء من داخل وخارج المؤسسات الفلسطينية.

ويشير التسريب إلى صحيفة "لوفيجارو" إلى أنه حتى في فرنسا كما في "إسرائيل" وإدارة بايدن، فهم يفهمون جيدًا أن نهاية عهد رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن تقترب، وأن الاستعدادات يجب أن تتم وفقًا لذلك، على ما يبدو أن الرئيس الفرنسي يتفهم أيضاً أن أبو مازن قد انتهى من منصبه، وأنه هو أيضاً المسؤول عن المأزق في القناة الإسرائيلية الفلسطينية.

وفي الاختبار الذي أجرته فرنسا بشكل غير مباشر مع بعض الشخصيات الفلسطينية المستقلة بشأن إمكانية ترشحهم لمنصب رئيس السلطة، أجابوا بالنفي، وهم يخشون دخول الساحة السياسية الفلسطينية.

تعرف فرنسا جيداً أنه لا يمكن لأي شخصية فلسطينية أن تنافس على منصب رئيس السلطة الفلسطينية دون "ضوء أخضر" من "إسرائيل" والولايات المتحدة وموافقة مصر والأردن، وأي اسم تقترحه فرنسا يتطلب أولاً وقبل كل شيء موافقة إسرائيلية أمريكية.

وتؤيد فرنسا السلطة الفلسطينية وحل الدولتين، ويريد الرئيس ماكرون كسر الجمود السياسي، ويهدف إلى تقديم مبادرة فرنسية جديدة تسمح بانتخاب قيادة جديدة تحقق رؤية قيام دولة فلسطينية مستقلة، كما يتفهم أن الرئيس الحالي للسلطة الفلسطينية أوصل المفاوضات مع "إسرائيل" إلى طريق مسدود استمر عدة سنوات ولم تلوح نهايته في الأفق.

يُظهر الرئيس ماكرون بعض السذاجة، حتى لو وجد خليفة لرئيس السلطة الفلسطينية يحب ذلك، فسيواجه صعوبة بالغة في توحيد الفلسطينيين في ظل الانقسام الاجتماعي والسياسي العميق داخلهم.

منذ أن سيطرت حماس بالقوة على قطاع غزة عام 2007 وحتى اليوم، باءت كل محاولات توحيد الفلسطينيين بالفشل، تشير استطلاعات الرأي العام الفلسطيني إلى اتجاه خطير، 70٪ من سكان المناطق يعارضون حل الدولتين ويؤيدون الكفاح المسلح ضد "إسرائيل".

من المشاكل الرئيسية أن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن لن يذهب إلى أي مكان، على الرغم من تقدمه في السن، فهو واثق من أنه سيعيش لفترة طويلة، وليس لديه نية للتنحي عن المسرح السياسي في أي وقت قريب، كما فعل أبو مازن سابقًا رفض العديد من الطلبات الأمريكية والأوروبية لتعيين نائباً له من أجل تأهيله خلفاً محتملاً له، وهو يتبنى سياسة "فرق تسد" في قيادة حركة فتح، والصراع بين كل من يرون أنفسهم خلفاء محتملين.

يحاول الرئيس الفرنسي ماكرون التفكير خارج الصندوق، لكن حركتي فتح وحماس لن توافقا على إسقاط مرشح فلسطيني غير نشط ومعروف للجمهور الفلسطيني من أجل الترشح في الانتخابات، ومؤخراً، عادت الأفكار الأوروبية مرة أخرى سمعت إعادة محمد دحلان أو الدكتور سلام فياض إلى وسط الساحة السياسية الفلسطينية.

فشل الفرنسيون في انتخاب رئيس للبنان، وليس لديهم سمعة ناجحة في الشرق الأوسط كمتخصصين في انتخاب القادة العرب، حتى لو تم الإعلان عن انتخابات رئاسية في الضفة الغربية، ينوي رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن مواجهتهم ومن المستحيل منعه من القيام بذلك.

يبدو أن إحباط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستمر لفترة طويلة، حيث ينوي رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن البقاء على الساحة السياسية الفلسطينية لفترة طويلة، هو الذي يتحكم في أموال السلطة الفلسطينية، بحيث لا علاقة له بحركة فتح التي هي الحزب الحاكم، ولا ينوي إجراء انتخابات لأن كل المؤشرات تدل على أن حركة حماس ستفوز في الانتخابات، و"إسرائيل" ليست معنية بذلك ولا إدارة بايدن.

أفكار الرئيس ماكرون حول انتخابات رئاسية ديمقراطية في الضفة الغربية وقطاع غزة هي أفكار ليبرالية، ولكنها ليست واقعية في الوقت الحالي، لأن تنفيذها سيعني انتصارًا أكيدًا لحركة "متطرفة" تعمل لصالح إيران، التي تعارض قيام الدولتين وتدعو إلى تدمير "إسرائيل".

استمرار حكم رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن حالياً هو الخيار الأقل خطورة من الناحية الأمنية والسياسية، لكن لا بد من الاستعداد لتطورات غير متوقعة في حال اختفائه بشكل طبيعي من الساحة السياسية، وصحته ليست جيدة والساعة بدأت بالفعل تتجه نحو ساعة الصفر.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023