هآرتس
عميرة هيس
ترجمة حضارات
أربع دقائق من الماء للاستحمام لكل أسير فلسطيني، أمر البطل وفتح جبهة قديمة جديدة في حربنا من أجل سيادة الشعب اليهودي.
وفي الوقت نفسه، فإن هذا التقييد ممكن -من الناحية الفنية- فقط في جناحين من سجن نفحة، حيث توجد الحمامات خارج الزنازين ويمكن إغلاق صنبورها الرئيسي.
من المتوقع أن يخترع العقل اليهودي في المستقبل براءات اختراع لتطبيق البند المتعلق بجميع الأسرى السياسيين/الأمنيين الفلسطينيين.
هل النية العودة إلى الستينيات والسبعينيات؟ "في وقت الذهاب إلى الحمام الجماعي، كان المأمور يحذر الأسرى الذين كانوا على وشك الاستحمام بضرورة خلع ملابسهم والاستحمام وارتداء ملابسهم في وقت قصير جداً.
كان يبدأ العد من 1 إلى 10، وخلال تلك الفترة كان على الأسرى إنهاء الاستحمام وارتداء ملابسهم"، كتب غازي أبو جياب عن سجن عسقلان (شكما)، الذي كان بمثابة أول مختبر للأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، في مقالته "لماذا لديكم هذا الجنون؟" أسير فلسطيني يروي سبب الاضراب عن الطعام في صحيفة "محادثة محلية" في 9 شباط، وصف أبو جياب بعض ظروف سجن الفلسطينيين بعد عام 1967 مباشرة كمية قليلة من الطعام (الإفطار: نصف بيضة وملعقة صغيرة من المربى وقطعة من السمن مع شريحتين من الخبز)، تحريم حيازة أدوات الكتابة، لا توجد مراتب، فقط أربع بطانيات وأحذية عالية تستخدم كوسادة، البقاء خارج الزنزانة نصف ساعة فقط في اليوم، وجوب المشي مع اليدين خلف الظهر، النهي عن الكلام في المشي، الضرب والإذلال.
أبو جياب، عضو فريق "أفق" (الذي يقدم مقالات غير استشراقية من وسائل الإعلام العربية والمجتمعات العربية) في معهد فان لير، يضيف ويسرد سلسلة من الإضرابات الجماهيرية عن الطعام من قبل الأسرى الفلسطينيين، والتي أدت تدريجياً إلى تحسن في ظروف سجن الفلسطينيين.
هذه النضالات، مثل غيرها، قدمت لـ"إسرائيل" معروفاً عظيماً يقاس مستوى المجتمع بعلاقته بهامشيته: كبار السن، المرضى، العاطلون عن العمل، المسجونون، الأطفال، الحيوانات.
يوسع كل نضال اجتماعي لتحسين وضعهم دوائر الأشخاص الذين يتلقون معاملة محترمة ويعاملونها ويزيد من فهم أن المعاملة المحترمة للإنسان والبيئة والطبيعة وكل كائن حي هي أساس حياة المجتمع وأيضاَ شرط لمرونتها في المستقبل ووجودها.
لكن مستوى الحضارة ووجودنا كمجتمع بشري هو أولوية أقل من هزيمة الفلسطينيين على الأرض.
لسنوات عديدة، روجت أحزاب سياسية مختلفة، بما في ذلك الصحفيون أكذوبة بأن الأسرى الفلسطينيين محتجزون في فندق خمس نجوم وطالبت بما هو أسوأ.
اتضح أن مكتب المحامي العام، في انتقاده الحاد لظروف الاعتقال في "إسرائيل"، لم يسمع بهذه الفنادق.
إن السماح بأربع دقائق للاستحمام هو إحدى الخطوات العديدة التي اتخذها وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير، لتقليص عدد "النجوم"، ليست ثلاث دقائق، ولا خمس أو ست دقائق، بل أربع دقائق بالضبط، ربما كان الوزير جالساَ مع خبراء وآلات حاسبة.
هذا هو نوع الرياضيات التطبيقية التي نتميز فيها والتي تحتاجها بيروقراطية السيطرة والقهر، وفي 2008-2009 قمنا بالفعل بحساب عدد السعرات الحرارية التي يجب أن يستهلكها الفلسطيني دون أن يصل إلى سوء التغذية، حتى نتمكن من الاستمرار في إدارة الحصار المفروض على قطاع غزة والانقطاع عن العالم.
حسب خبراء مكتب تنسيق العمليات في الضفة الغربية ووصلوا إلى 2279 سعرة حرارية في اليوم للفرد، بالضبط، وأيام رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الجيش إيهود باراك ومساعده -منسق العمليات في الأراضي- عاموس جلعاد.
في عام 2017، قام خبراء من مكتب منسق العمليات في الضفة الغربية وممثل عن وزارة الزراعة بحساب عدد أيام العمل اللازمة لكل محصول زراعي في "منطقة التماس" (الأراضي الفلسطينية المحاطة بين الجدار الفاصل والخط الأخضر)، مع دقة حواسيب حركة القطارات في سويسرا، وجد أن الفول لكل فدان من البيوت البلاستيكية يتطلب 55 يوم عمل في السنة، بامية 28 يوماً في السنة، أشجار الزيتون عشرة أيام، الطماطم 22.
وفقاً للحساب، يتم تحديد عدد التصاريح وعدد الأيام التي سيتم منحها لكل مزارع، الهدف غير المعلن للبيروقراطية في أيام الزراعة: ثني المزيد والمزيد من الفلسطينيين عن القدوم إلى أراضيهم الزراعية، بحيث تصبح موقع نزهة بين الطبيعة لليهود.
وأيام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان ومساعده -يوآف مردخاي- المنسق.
الآن، في السجون، بدأ الأسرى الفلسطينيون بالفعل في اتخاذ إجراءات احتجاجية، وبالنسبة لهم فإن جهاز الأمن الإسرائيلي يتخذ إجراءات انتقامية على نحو يرضي بشكل أكبر.
هذه ليست جبهة جديدة كما ذكرنا، من يوم لآخر، يواجه الفلسطينيون محاكمة عسكرية جنائية في "إسرائيل" كأفراد، أفعالهم -إلقاء حجر، كتابة منشور وحتى قتل إسرائيليين- منفصلة عن السياق الجماعي لشعب تحت الاحتلال، يتصرفون مثل الشعوب الأخرى ضد الحكم الأجنبي ويصلون إلى مستوى من اليأس يصعب وصفه.
في السجن، يعود الأسرى الفلسطينيون إلى كونهم جماعة من شعب "العدو" ويعاقبون ليس فقط بحرمانهم من حريتهم، ولكن أيضاً بإهانتهم وإنكار إنسانيتهم، العمل الآن على هذه الجبهة معروف بإصابته بهوس الحرائق على المنشطات وليس هناك معارضة.