القناة الـ12
د. ميخائيل ميلشتاين
الاتفاق الذي تم التوصل اليه بخصوص نشاطات وحدة تنسيق عمليات الحكومة في الضفة الغربية، بما في ذلك الإدارة المدنية في الضفة الغربية، ليس تغييراً تنظيمياً بيروقراطياً سهلاً، هذه خطوة تمكن من التحقيق العملي لرؤية حزب الصهيونية الدينية في السياق الفلسطيني.
في جوهرها، البداية التدريجية للسيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية (في المرحلة الأولى في المناطق ج)، مع مقارنة أوضاع ووضع المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة بأوضاع المستوطنات الأخرى في دولة "إسرائيل" على طول خطوط 1967، في الخلفية، السعي لتكثيف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وترك الغموض حول وجود السلطة الفلسطينية في المستقبل.
يجب التأكيد على أن سموتريتش دعا في السنوات الأخيرة إلى إلغاء الإدارة المدنية بشكل عام (بل وعزز التشريعات حول هذا الموضوع)، وهذا أيضًا تحت منطق القضاء على الخط الأخضر وتعزيز الاندماج الإداري والقانوني والبنية التحتية بين المستوطنات وبقية "إسرائيل".
هذا هو أحد التغييرات الدراماتيكية في سياق منسق العمليات في الضفة الغربية - هيئة ذات غموض مفهوم يعتمد على مرتديها الزي الرسمي، ولكنها تابعة لوزير الدفاع وتتعامل مع القضايا المدنية.
وهو وضع يعكس تردد "إسرائيل" المزمن في اتخاذ قرار بشأن القضية الفلسطينية منذ عام 1967 وحتى اليوم.
على الرغم من عدم تكليف سموتريتش بتعيين المنسق ورئيس الإدارة المدنية -وهو أمر لا يزال تحت سلطة وزير الدفاع- فقد تمكن من تعيين نائب جديد نيابة عنه كرئيس للإدارة (مدني)، سيُعهد إليه إدارة ضباط الأركان الذين يعملون لحساب الوزارات الحكومية في الضفة الغربية، وعمليات البناء والتطوير والتنفيذ في الضفة الغربية.
يتم الترويج للاتفاق في وقت حساس بشكل خاص من فقاعة أمنية في النظام الفلسطيني، ومع تعرض "إسرائيل" لانتقادات شديدة؛ بسبب أفعالها في الضفة الغربية، وعلى رأسها شرعنة 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية.
يجب على أي شخص يسعى إلى خلق هدوء قبل شهر رمضان، المتوقع أن يبدأ في 22 مارس، أن يفهم أن التحرك السياسي الذي يجسد السعي لتغيير الواقع في السلطة الفلسطينية من المرجح أن يكون له تأثير معاكس لزيادة التوتر الأمني، وتعميق الانفصال بين "إسرائيل" والفلسطينيين، وإضعاف السلطة الفلسطينية وتفاقم العلاقة مع المجتمع الدولي.
علاوة على ذلك، يوضح الاتفاق أن الحكومة الإسرائيلية لديها حاليًا أجندتان متنافستان بل متضاربتان بشأن القضية الفلسطينية.
فمن ناحية، تلك التي تقودها الأقلية (سموتريش وبن غفير)، والتي تهدف إلى خلق واقع جديد، حتى بدون إعلانات، ومن ناحية أخرى، فإن السياسة المترددة والغامضة لمجموعة الأغلبية (الليكود) التي تسعى جاهدة للحفاظ على الوضع الراهن -بما في ذلك وجود السلطة الفلسطينية- ولكنها تخشى أيضًا زعزعة استقرار الحكومة.
من المتوقع أن يؤدي تسارع كبير في عمليات البناء والاستيطان في الضفة الغربية إلى ردود فعل خارجية حادة وفرض قيود شديدة على "إسرائيل"، ونتيجة لذلك من المحتمل أن يخلق توترات داخل الحكومة وبين قوات الأمن وقادة "الخط الثوري" في ما يتعلق بالضفة الغربية.
يديم الاتفاق الجديد المعضلات الصعبة التي ظهرت بعد تشكيل الاتفاقات الائتلافية، والتي أصبحت مثار خلاف بين الليكود والصهيونية الدينية، وفي مقدمتها مسألة لمن يتبع منسق عمليات الحكومة والإدارة المدنية بالفعل.
في الاحتكاكات التي نشأت حتى يومنا هذا -وعلى رأسها إخلاء بؤرة أور حاييم الاستيطانية وكروم العنب في بنيامين- أملى وزير الدفاع هذه السياسة، مما تسبب في استياء شديد من جانب سموتريش وبن غفير.
ومن المرجح أن نفس الغموض في مسألة السلطات والقيادة سيعود في المستقبل القريب، وربما يخلق أصداء أقوى من ذي قبل، داخل الحكومة وخاصة في الخطاب بين المستويين السياسي والأمني.
والأهم من ذلك، من المتوقع أن يكون للاتفاق الذي تم التوصل إليه تأثير عميق على مجموعة البدائل الاستراتيجية التي تواجه" إسرائيل" في القضية الفلسطينية.
التوسع المتسارع للاستيطان وتطوير البنية التحتية المدنية في الضفة الغربية يعني ترسيخ واقع دولة واحدة في الممارسة العملية وتقليل إمكانية الفصل المادي بين المجتمعين.
هذان هما البديلان الوحيدان المتبقيان لـ"إسرائيل" اليوم بشأن القضية الفلسطينية، عندما لم تعد رؤية الدولتين بروح أوسلو والأفكار الوسيطة مثل تقليص الصراع أو إقامة كونفدرالية بلا حدود ممكنة.
وهكذا، تواجه "إسرائيل" حاليًا خيارًا بين البديل المعقد والصعب للانفصال (حتى لو كان من جانب واحد) والبديل الخطير والمهدد للدولة الواحدة، وهو سيناريو أصبح تحقيقه أقوى في ضوء الاتفاق الأخير.
غالبية الجمهور في "إسرائيل" يسير نحو واقع الدولة الواحدة دون وعي أو رغبة ومن المناسب أن يصبح الموضوع خطابًا جماعيًا مؤثرًا على غرار النقاش حول القضية القانونية.