بقلم الباحث في مركز حضارات:
الأسير: مهند شريم
يسعى الجيش الصهيوني جاهدًا لإيجاد الحلول لما يواجهه من تحديات وصعوبات تفرضها عليه الوقائع الجديدة في الضفة الغربية، وهو ما اضطره إلى دعم وتأييد الجهود التي يبذلها المستوى السياسي وتحديدًا لقاء القمة التي عقدت في العقبة حيث شارك فيها الجيش بعدد من كبار ضباطه علهم يجدون مخرجًا للمأزق الحالي يساعدهم في ذلك أجهزة الأمن الإقليمية وخاصة المصرية والأردن، معهم أجهزة الأمن الفلسطينية التي تحاول أن تجد لها مكانًا قبل أن تصبح بلا فعالية ولا جدوى، ولكن وبالرغم من كل هذه المحاولات، إلّا أن الجيش يدرك المخاطر التي تحيط به، والصعوبات التي عليه أن يتعامل معها والتحديات التي سيواجهها وهي على النحو التالي:
1- الموقف من السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية:
فبالرغم من أن عددًا لا بأس به من كبار ضباط الجيش يعتقدون أن أجهزة أمن السلطة ليس لديها القدرة على مواجهة المقاومين الجدد، وأن السلطة باتت ضعيفة جدًا حتى في معاقلها مثل أريحا، إلّا أن الرأي السائد حاليًا يقول أن السلطة وبالرغم من ضعفها؛ فإنه لا بديل عنها، وأنهم لا يريدون أن يروا انهيار السلطة، واستلام حماس وفصائل المقاومة مكانها؛ لذلك فإنّ سلطة قوية هي مصلحة لـ"إسرائيل" ويجب إعطائها الفرصة لإثبات نفسها، وفي هذا السياق جاء لقاء العقبة على أمل أن تقوم السلطة بدور الجيش الإسرائيلي داخل المدن الفلسطينية.
2- الجيل الفلسطيني الجديد:
راهنت "إسرائيل" على الردع كأحد اهم وسائلها في منع الفلسطيني من مقاومة الاحتلال، إلّا أنها تفاجأت بفلسطيني مقاوم جديد، أكثر جرأة وصلابة، يرفض الاستسلام، ويتجاوز الهيكليات التنظيمية القديمة، وقادر على مخاطبة الشارع عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ حتى بات نموذجًا يُحتذى بفعله وقوله وهو لم يتجاوز في كثير من الأحيان عشرين ربيعًا، هذا الجيل يتحدى الجيش ويخرج حتى لإلقاء الحجارة على الجيش في الساعة الرابعة صباحًا، ليس لديه إلّا رسالة واحدة نَقتُل ونُقتَل ولا نستسلم.
3- صلاحيات مُتعارضة:
بعد أن تشكلت الحكومة النازية الجديدة، قسّم نتنياهو صلاحيات الجيش بين وزير الدفاع، ووزير آخر داخل وزارة الدفاع وهو (سموتريتش) وقد خاض الاثنان صراعًا على الصلاحيات بينهما، والأهم في هذا الإطار ما سيواجهه الجيش من تناقض في الصلاحيات بين وزير همه الأول رعاية الاستيطان وهدم السلطة، وآخر يحاول الحفاظ على مصلحة "إسرائيل" وعلاقاتها الإقليمية والدولية، والأهم يحاول الحفاظ على وحدة الجيش بعيدًا عن التجاذبات السياسية التي قد تودي به.
4- مواجهة المستوطنين:
كشت أحداث بلدة حوارة الأخيرة عن فقدان السيطرة لدى الجيش في مواجهة المستوطنين خاصة بعد كل تلك العمليات الإرهابية والتخريبية التي قام بها هؤلاء ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، وبات السؤال المطروح داخل الكيان وخارجه حول الدور الذي يؤديه الجيش في المناطق المحتلة خاصة وأن القانون الدولي يفرض على جيش الاحتلال حماية المدنيين من كل الأطراف، وليس المدنيين اليهود فقط، ولكن كيف للجيش أن يقوم بهذا الدور، ويواجه المستوطنين وكثير من ضباطه مستوطنين أصلا، وعدد من المسؤولين السياسيين يؤيدون المستوطنين وجرائمهم وأي مواجه بين الجيش والمستوطنين، قد تسقط التحالف السياسي القائم.
5- رفض الأوامر أو رفض الخدمة:
واحدة من أهم القضايا التي سيواجهها الجيش في الفترة القادمة هي مسألة تنفيذ أوامر الجيش من عدمها داخل المؤسسة العسكرية بكل ما يخص عمل الجيش في الضفة الغربية، فالجيش يوج فيه العديد من الجنود المتدينين الذين يتبعون حاخاماتهم من المستوطنين، وكذلك عدد لا بأس به من كبار الضباط هم مستوطنون، ويسكنون أراضي الضفة الغربية، فكيف لهؤلاء أن ينفذوا أوامر الجيش إذا عارضت أيدولوجيتهم ومبادئهم؟ أضف إلى ذلك ما يقوم به نتنياهو من خصخصة الجيش وتحويله إلى ميليشيات تتبع القيادة الاستيطان؛ مما اضطر العديد من قياداته خاصة ضباط الاحتياط إلى الإعلان عن عدم استعدادهم للخدمة في جيش يخدم قطاعًا خاصًا، ولا يخدم مصالح الدولة العليا.
إنّ هذه التحديات وغيرها تحتم على الجيش العمل على مواجهة هذا الواقع، والعمل على تجاوز كل هذه المخاطر وربما يذهب الجيش إلى مواجهة مع غزة من أجل الحفاظ على وحدته الداخلية وتفريغ غضب الضفة، وهذه مخاطر قد تقلب السحر على الساحر، وتصبح المواجهة أكبر وأعقد مما يرجوه الجيش.