بقلم الأسير:
مهند شريم
تأسس الكيان الصهيوني على أساس إثني عرقي عنصري يحكمه مركز أشكنازي غربي ذو بشرة بيضاء يحمل للشرق كل أشكال العداء والكراهية، ويرى أن مهمته إنقاذ أهل الشرق من أنفسهم وتخليصهم من معاناتهم، وقد كان حظ الفلسطينيين من هذا الخلاص تطهير عرقيٌّ بدأ مع قدوم الصهاينة أرض فلسطين ولا زال مستمراً حتى يومنا هذا، ولعل بيوت ومركبات بلدة حوارة خير شاهد على ما يحمله هؤلاء تجاه غيرهم من البشر.
أما حظوظ اليهود غير الأشكناز من الخلاص فكانت "فرن الصهر" الذي سعى لتشكيل هوية إسرائيلية جديدة بعد أن صار اسم المستوطنة "دولة إسرائيل"، وصار من الضروري استقدام يهود غير أشكناز لملء الخزان البشري واحتلال الأرض، وشاركت في عملية الصهر كل أذرع الدولة العمالية وعلى رأسها منظومة القضاء، التي شرعنت لكل عمليات السلخ التي استهدفت ثقافة وتراث يهود الشرق، ولم تكن هراوات الشرطة أقل إيلاماً في كل مرة حاول هؤلاء التمرد أو الاحتجاج.
استمرت القيادة الأشكنازية على رأس هرم المستوطنة تحتكر القوة وتمارس العنف وتدّعي الحفاظ على الإنجاز أو المعجزة التي صنعوها برعاية غربية وأمريكية، وهم لا يسمحون لأحد أن يقترب من ملكهم، وهم من قدَّم في سبيل ذلك التضحيات الجسام، وغيرهم لم يكن إلا وقوداً لمرحلة أو متفرجاً لا يحرك ساكناً، وكان القمع يطال كل من يحاول نقض ما بذلوه، أو هدم ما بنوه، حتى جاء "فتى التلال" الذي كان دائماً على هامش الحياة السياسية، وبعيداً عن أي قرار، وحتى مطارد لأجهزة السيطرة والتحكم الأشكنازية ولا يُرى إلا من خلال عدسة الفعل غير القانوني، بل حتى من عدسة الاتهام، كيف لا وهو لم يخدم في الجيش، ولم يولد من أصول أشكنازية، ومكانه الطبيعي في هرم المستوطنة أبعد ما يكون عن قمة هرمها، أتاهم وهو يحمل تلك الهراوة التي لطالما ضُرب بها، وأخذ كامل صلاحيات القوة والعنف وبات أصحاب "الدار" قادة المستوطنة يسحلون في شوارع تل أبيب، وتلك المشاهد لم تكن قمع لمظاهرة عابرة؛ بل حساب السنين يحسابهم عليه "بن غفير" ويذيقهم كأس المر الذي لطالما شرب منه ،وها هو يستخدم مصطلحاتهم حول القانون وسيادته وحق التظاهر ومنع الفوضى.
إن هروات بن غفير التي حطت على رؤوس الأشكناز قلبت هرم السلطة في المستوطنة تسمى "دولة إسرائيل"، وأعلنت بداية عهد جديد قد لا يكون فيه بشرى لنا نحن العرب، ولكنه بكل تأكيد ليس فيه خير لدولة المستوطنين.