التقارب الإيراني السعودي يلحق ضررًا كبيرًا بأمريكا

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات





رحبت العديد من دول العالم الإسلامي نهاية الأسبوع بالاتفاق بين إيران والسعودية على تجديد العلاقات بينهما، بعد انقطاع دام 7 سنوات، تحقق بوساطة الصين.

رحبت حركات الإخوان المسلمين وحركة حماس السنية بالاتفاق مع إيران الشيعية، وشارك الأمين العام للأمم المتحدة في التهاني، كما كان على الولايات المتحدة أن تهنئ بطريقة قسرية معربة عن شكها في أن إيران ستفي بالتزاماتها، لكن لا يوجد شيء شك، الولايات المتحدة هي الخاسر الرئيسي من هذه الاتفاقية، الاتفاقية ضربة قاسية وإصابة بمكانة وهيبة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

نجح الرئيس الصيني شي جين بينغ في تحقيق نصر دبلوماسي واقتصادي مهم في الشرق الأوسط وجعل الصين لاعبًا مهمًا في الشرق الأوسط والعالم بأسره.

أصبحت الصين لاعبًا نشطًا في دبلوماسية الشرق الأوسط، وكانت ساحة الشرق الأوسط منطقة نفوذ مهمة للولايات المتحدة والآن أصبحت الصين أيضًا لاعباً رئيسياً فيها مما أثار استياء إدارة بايدن.



الاتفاق بين إيران والسعودية هو زلزال سياسي واستراتيجي يشير إلى أن المملكة العربية السعودية تتفهم جيدًا موازين القوى في الشرق الأوسط وتفضل الآن الاقتراب من المحور الصيني الإيراني الروسي على الاقتراب من المحور الأمريكي الإسرائيلي، وليست في عجلة من أمرها للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع "إسرائيل".

محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والذي يعتبر "أقوى رجل" في المملكة والملك القادم، يرى أولاً وقبل كل شيء مصالح بلاده، فهو يقرأ بعناية الوضع الاستراتيجي وتعزيز مكانة الصين العالمية. 

تابعت الولايات المتحدة المحادثات التي جرت وراء الكواليس بين إيران والسعودية التي بدأت قبل نحو عامين، لكنها فوجئت بالإعلان عن الاتفاق.

الاتفاق بين إيران والسعودية ينهي الانفصال بين البلدين الذي استمر منذ عام 2016.
 وبحسب تقديرات المعلقين العرب، هناك تفاهم على أن الاتفاق بينهما سينهي الحرب في اليمن، التي أصبحت كابوس مستمر للسعودية وستستمر إيران في ممارسة ضغوطا شديدة على حلفائهما الحوثيين في اليمن للتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب.

في تقديرهم، قد يؤدي الاتفاق أيضًا إلى تجديد العلاقات بين المملكة العربية السعودية ونظام الرئيس بشار الأسد.

يجب على المملكة العربية السعودية الاستفادة من إنجازها لمواصلة التقارب مع قطر وتركيا. كما يشعر الإيرانيون بالرضا، ويرون في الاتفاق مع السعودية وسيلة أخرى لتخفيف الضغط الدولي عليهم.



أثر الاتفاقية على "إسرائيل"



كبار المسؤولين السياسيين يقولون إن الاتفاق بين إيران والسعودية لن يؤثر على حرب "إسرائيل" ضد إيران لمنعها من امتلاك السلاح النووي، فالخطر الإيراني لم يزول.

"القيادة الإيرانية لن تتحول من ذئب إلى حمل يسعى إلى السلام" يقول مسؤول سياسي كبير: إن "إسرائيل" تواصل كالمعتاد بكل خططها لإحباط التهديد النووي الإيراني، لن يؤثر الاتفاق على العلاقات العلنية والسرية القائمة بالفعل بين إسرائيل والعائلة المالكة السعودية.

التقدير في "إسرائيل" هو أن السعوديين سينتظرون ليروا ما إذا كانت إيران جادة بالفعل في نواياها للالتزام بالاتفاق.

المملكة العربية السعودية بحاجة إلى مساعدة "إسرائيل" في البيت الأبيض في كل ما يتعلق بالخطر الإيراني وتعزيز مكانة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يريد أن يكون الملك القادم في السعودية.

تخشى المملكة العربية السعودية أن يحاول الرئيس بايدن إفساد انتخاب محمد بن سلمان ملكًا جديدًا للسعودية بعد تنحي والده عن المسرح السياسي.

وبحسب تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أيام، فإن السعودية تريد مساعدة "إسرائيل" للحصول على مساعدة أمريكية في تخصيب اليورانيوم لبناء مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء.

تخشى الولايات المتحدة و"إسرائيل" من أن المعلومات التي ستنقل إلى السعودية ستساعدها في تطوير أسلحة نووية، ولن تختفي العداوة بين السعودية زعيمة العالم السني وإيران زعيمة العالم الشيعي، لن تختفي بعد توقيع الاتفاقية.

موقف رئيس الوزراء نتنياهو ليس قويا الآن في البيت الأبيض بسبب الخلاف في الرأي مع الرئيس بايدن حول ما يحدث في الساحة الفلسطينية وعلى خلفية نية تنفيذ الإصلاح القانوني في "إسرائيل"، لذلك من المشكوك فيه جدا ما إذا كان سيتمكن نتنياهو من إقناع الرئيس الأمريكي بإعطاء السعوديين ما يريدون، خاصة في ظل الصفعة التي تلقاها الرئيس بايدن من ولي العهد السعودي بعد تقارب السعودية مع الصين وتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط على حساب مكانة الولايات المتحدة؛ لذلك قد يكون هناك بالتأكيد ضرر لجهود "إسرائيل" لتوسيع اتفاقية إبراهيم وإشراك المملكة العربية السعودية فيها. ويبدو أن السعوديين لا يقدرون أن "إسرائيل" ستهاجم قريباً المنشآت النووية في إيران ويريدون تأمين أنفسهم ضد الخطر الإيراني.
السعوديون يتبعون الآن القول المأثور: "إذا لم تتمكن من هزيمة أعدائك، انضم إليهم"، فإن البقاء السياسي والعرش هما المصالح الرئيسية التي تدفع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023