نحو شرق أوسط جديد؟

موقع نيوز "1"

يوني بن مناحيم

ترجمة حضارات


قفزت الصين في المياه العميقة للشرق الأوسط، وأظهرت وساطة ناجحة بين إيران والسعودية، أسفرت عن توقيع اتفاقية تجديد العلاقات بينهما، وهذا إنجاز سياسي مهم للصين في منطقة الخليج وهو يعتبر مجال نفوذ أمريكي متميز.

ورحبت إدارة بايدن بالاتفاق، ولكن لا شك في أنها منزعجة للغاية من فقدان هيمنتها الحصرية، والصين هي خصمها وعضو في المحور الروسي الإيراني.

وتربط الصين علاقات مهمة مع السعودية في المجال الاقتصادي ولا شك أنها عززتها أكثر فأكثر، فهي بحاجة إلى النفط السعودي وهي شريك للسعودية، في مجال تطوير البنية التحتية السعودية: بناء الطرق والجسور والمطارات.

فشلت السعودية في محاولاتها لتوحيد الدول العربية والإسلامية ضد إيران، كما تورطت في حرب اليمن التي أصبحت كابوسًا لها منذ 7 سنوات، أصبحت الحرب حرب استنزاف يتفوق فيها المتمردون الحوثيون.

وتعرضت السعودية لهجمات خطيرة بالصواريخ والطائرات المسيرة، أطلقها المتمردون الحوثيون على أراضيها ومنشآتها النفطية مما ألحق بها أضرارا اقتصادية كبيرة.


ماذا حققت السعودية؟

ليست إيران وحدها التي حققت إنجازات نتيجة الاتفاق مع السعودية، فما كان للسعوديين أن يوقعوا عليها دون أن يحصلوا على ما يريدون، وهي حقيقة أن المفاوضات مع إيران استمرت لمدة عامين.

يبدو أن للسعودية بعض الإنجازات المهمة بالنسبة لها:

تقدر السعودية أن الاتفاق مع إيران أزاحها ومعظم دول الخليج من دائرة الخطر والأذى، في حال رد إيراني على هجوم أمريكي أو إسرائيلي على منشآت إيران النووية، هذه نقطة مهمة للغاية بالنسبة للعائلة المالكة السعودية، التي ترى في توقيع الاتفاقية مع إيران عاملاً يحيد التوترات العديدة بين البلدين، ويرمز إلى فرصة جديدة للاستقرار في العلاقات بينهما، إذا تم بالفعل تنفيذ الاتفاقية بجميع بنودها دون تأخير.

خلق فرصة حقيقية للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في الحرب في اليمن، ثم اتفاق سياسي ينهي الحرب ويحرر السعودية من هجمات المتمردين الحوثيين على مدنها ومنشآتها النفطية.

وقف التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للسعودية، وهو ما التزمت به إيران صراحة في الاتفاق.

استمرار إنتاج النفط وتوريده عبر الخليج العربي، دون انقطاع.

ذهبت السعودية إلى اتفاق مع إيران لأنها كانت محبطة للغاية من دور الولايات المتحدة في الخليج، والتي لم توفر أي حماية ضد العدوان الإيراني، وأبرز مثال على ذلك الهجوم الذي كانت إيران وراءه بالصواريخ والطائرات المسيرة، على المنشآت النفطية التابعة لشركة "أرامكو" في البقيق عام 2019، تجاهلت الولايات المتحدة ببساطة الهجوم الذي تسبب في أضرار اقتصادية جسيمة للسعودية، ولم تتخذ أي إجراء ضد إيران.

كما قدر السعوديون أن "إسرائيل" الآن ضعيفة ولن تهاجم المنشآت النووية في إيران، لذا عليهم ضمان أمنها من التهديد الإيراني.

لم يتضح بعد ما هي تداعيات الاتفاق بين إيران والسعودية، على عملية التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية، فقد تضررت هيمنة الولايات المتحدة التي من المفترض أن تساعد "إسرائيل"، في تحقيق هذا الاتفاق بشكل كبير وهي كذلك.

من المحتمل أن تكون عملية الاندماج الإسرائيلية في الشرق الأوسط قد تضررت أيضًا، وستتضح الأمور بمرور الوقت، ومع ذلك، هناك الكثير في الشرق الأوسط ممن يشككون بشدة، في أن إيران الشيعية تعتزم حقًا المصالحة مع المملكة العربية السعودية، زعيم المعسكر السني لا يمكن أن يختفي التنافس الديني والسياسي، بين السنة والشيعة منذ قرون من العالم في غمضة عين، وإيران معروفة بخطواتها الاحتيالية وعدم امتثالها للاتفاقيات التي وقعتها.

ستخبرنا الأيام بذلك.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023